بيروت | Clouds 28.7 c

من أوراق حسن صبرا: عن الاجتياح الصهيوني 1982 / الشراع 6 حزيران 2024

 

من أوراق حسن صبرا: عن الاجتياح الصهيوني 1982
الشراع 6 حزيران 2024


أستميح القارىءالكريم عذراً اذ اكتب عن وقائع إنسانية عشتها خلال الاجتياح الصهيوني لبلادنا عام 1982.
ولا بد لي من ذكر انني كنت اتفقت مع زميلي الحبيب محمد خليفة ( رحمه الله) للتوجه إلى الجنوب لزيارة قريتي حداثا القريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة يوم السبت في 5/6/1982 . . لكن 
العدو الصهيوني أغار على بيروت جواً بعد ظهر الجمعة ،قاصداً مدينة كميل شمعون الرياضية جنوبي العاصمة ، ثم تواترت الانباء عن بدء الاجتياح البري ، الذي لم يجد مقاومة تذكر ، بل ان  القيادة الفلسطينية اعطت الأوامر للقوات المشتركة الفلسطينية - اللبنانية بالانسحاب الشامل ، فتوجه قسم كبير منها نحو البقاع حيث لا قتال ، والبعض منها جاء إلى بيروت ليواجه حصارا استمر نحو ثلاثة اشهر.
وسأروي لكم بعض وقائع الحصار وكلها حول أمور إنسانية عشناها وعشتها .. بما لا يمكن نسيانها .
١- حارس العصافير والزهور -
طلبت من والدي رحمها الله التوجه إلى الجنوب ،بعد ان احتله العدو كله …ولاحظت ان بيروت كالضاحية الجنوبية، باتت شبه فارغة من الشيعة ابناء الجنوب والبقاع الشمالي وبعلبك 
.. لذا يمكن الاطمئنان إلى التوجه جنوباً ، وذهبت بعدها زوجي وولدي نسرين ( اربع سنوات )واحمد (  ستة اشهر ) إلى حداثا .. حيث تكفل والدي ابو علي رحمه الله في اضافة غرف للسكن إلى المنزل الذي كان بناه المرحوم جدي الحاج ابو احمد .. في مطلع ستينات القرن الماضي.
كنت وحيداً في منزل العائلة في بيروت مقابل مبنى مجلة الشراع في المصيطبة التي كانت صدرت في 15/1/1982( في ذكرى ميلاد جمال عبد الناصر ).
ما لا أنساه ان عدداً من الأصدقاء والاقارب أعطاني مفاتيح منازلهم ، طالباً مني ان اهتم بتوفير المياه والطعام لمن كان يقتني عصافير في منزله ، وكذلك سقاية الورود على شرفات المنازل ،وكنت اسرق الوقت ومعظم الاحيان ليلاً لهذه المهمة الصعبة جداً وان كانت محببة إلى قلبي 
كانت صعبة لأن المياه كانت تقطع عن بيروت معظم الاحيان ، وكذلك الكهرباء … واذا كنت أواجه غياب النور بشراء بطارية للإضاءة ،فإنني كنت أواجه انقطاع المياه بشراء زجاجات مياه من اقرب دكان ظل صاحبه صامداً ( وفيمابعد توقف بيع هذه المياه ).
٢- من الوقائع الطريفة والمؤلمة في آن ، انني وكنت على شرفة منزل عبد الرحيم مراد غروباً احياناً ..احمل آلة التصوير الخاصة بي منتظراً بدء القصف الصهيوني بالراجمات على طول الخط الممتد من فندق سمرلاند عند الجناح بحرا ،إلى المدينة الرياضية … وكم كنت اشتمّ الصهاينة عندما يتأخرون بالقصف : لأنهم يحرموني من تصوير هذه اللحظات لإطلاق الراجمات.
ًوبالمناسبة ، فإن هذه الراجمات ، كانت تابعة للقيادة العامة برئاسةاحند جبريل ، في أنفاق الناعمة جنوبي بيروت ( وأظن انها اي الأنفاق ما زالت جماعة جبريل متمركزة فيها حتى الآن) وقد استولى عليها العدو بعد الاجتياح ومحاصرته بيروت .
٣-كانت قيادة الاتحاد الاشتراكي العربي ، المحاصرة في بيروت ، تجول على جبهات القتال مع العدو الصهيوني ، في فترات الهدن التي كانت تعتمد في أوقات مختلفة ..
وكنت بصفتي مسؤول الإعلام والثقافة في الاتحاد الاشتراكي ، اقترح على القياديين ان يقفوا في مواقع مختلفة في كل المناطق المطلة على البحر لإلتقاط صور مختلفة وخلفهم البوارج الصهيونية في البحر ( عند ملعب نادي النجمة على المنارة ، او لجهة فندق سمر لاند عند الجناح ، او عند منطقة عين المريسة ايضاً عند البحر )
التقط للقيادات صوراً  عديدة في كل هذه المواقع، وكانت الوقفات تعرض الجميع للخطر ، فالعدو -كما نعتقد -كان يراقب ويعرف من نحن ، اذ لم يبق في بيروت سوى مقاتلين او اصدقاء المنظمات الفلسطينية المحاصرة ، ..كانت مغامرة وكنت اصر عليها، وألزم الجميع الوقوف والبوارج الصهيونية خلفهم …إلى ان كانت المفاجأة .. حيث اكتشفت الحاجة إلى وضع فيلم جديد في آلة التصوير، وهنا كانت المفاجأة، حيث ان الكاميرا كانت خالية من الفيلم وكان التصوير ( فشنك).. وما ان ابلغت الجميع بالمفاجأة غير السارة حتى انهالت اللعنات ، وأكثرها الماً انك عرضتنا للخطر وانت تصمم على إيقافنا لإلتقاط الصور.. أما أنا فقد اسود وجهي من جهة وخسرت صورا لقيادات الاتحاد وخلفها البوارج الصهيونية !!!
٤- عن انقطاع المياه في بيروت .
كان العدو الصهيوني الذي يحاصر بيروت يمعن في اذلال اهلها الصامدين ، والذين لم يجدوا كما الشيعة قرى لهم في الجنوب والبقاع ، وان كان اهل اقليم الخروب عادوا إلى قراهم خلال الحصار .
اذكر انه في احدى المرات، وقد استفحل امر انقطاع المياه، ان الرئيس شفيق الوزان وكان رئيس الحكومة، لجأ الى الزعيم صائب سلام الصامد ، واشتكى اليه الامر ، فإتصل صائب بالملك السعودي فهد بن عبدالعزيز، طالباً مساعدة بيروت المحاصرة ، فإتصل الملك الراحل بالرئيس الاميركي رونالد ريغان.. ملحاً عليه بتوفير المياه لأبناء العاصمة … وينتهي الأمر بإتصال ريغان ، برئيس وزراء العدو الصهيوني مناحيم بيغن ليطلب منه اعادة المياه إلى مدينة بيروت ..
هل " اقنع "جو بايدن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو بوقف احتلال ثم تدمير كل مستشفيات غزة ؟
الشراع

يرجى الضغط أدناه لقراءة مواضيع اخرى متعلقة:

 

من أوراق حسن صبرا: عن الاجتياح الصهيوني 1982 / الشراع 6 حزيران 2024