من اوراق حسن صبرا:
الشراع على طاولة حسني مبارك

الشراع 18 شباط 2022

اول مرة دخلت فيها الى المملكة العربية السعودية كانت في خريف عام 1985 عندما نجح زميلي بسام عفيفي وكان مدير العلاقات في الشراع في نسج علاقة مع مسؤول الاعلام في منظمة الخليج العربي لمساعدة دول العالم الثالث عز الدين شوكت وكان يرأس هذه المنظمة الامير طلال بن عبد العزيز .
في اللقاء الاول مع الامير طلال وبحضور بسام قال لنا ابن عبد العزيز الذي كان صاحب فكر مستنير وصوت جهوري مميز ومواقف مختلفة الى حد بعيد عن مواقف اخوته حكام المملكة وكان هذا في عهد الملك فهد بن عبد العزيز : ما شاء الله الشراع واسعة الانتشار و مؤثرة .. انا وجدت الشراع على طاولة الرئيس حسني مبارك ... فقد كنت عنده منذ مدة وانا أراه دائمآ حتى في ظل المقاطعة العربية له فهذه مصر ام الدنيا وانا صحيح ابن عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية ?? لكنني رئيس منظمة الخليج العربي لمساعدة دول العالم الثالث ... وقد سألته في اللقاء : سيادة الرئيس يقولون ان هناك مساع عربية لإعادة مصر الى جامعة الدول العربية.. وإعادة مقرها الى القاهرة ( كانت قمة عربية عقدت في بغداد بعد زيارة انور السادات للقدس في 19/11/1977, قررت اخراج مصر من الجامعة العربية وهي العضو المؤسس وينص ميثاقها ان تكون القاهرة هي مقرها الاساس وقد نقل مقرها الى تونس )
فما هو موقف مصر من هذه المساعي ؟ هذا سؤال الامير السعودي للرئيس المصري .. فأجابه ألرئيس مبارك : انظر يا صديقي رافعاً عدد مجلة الشراع ليقدمه الى الامير قائلاً هذا هو رأي مصر ?? .

كان مسؤول مكتب الشراع في القاهرة الزميل صقر بدرخان اجرى وزملاء معه في المكتب مقابلات مع رؤساء احزاب ونخب مصرية من مفكرين وسياسيين واحزاب بينهم خالد محي الدين وفؤاد سراج الدين ومحمد حلمي مراد ومصطفى مراد وضياء الدين داوود وابراهيم شكري وفتحي رضوان ... وآخرين تحت عنوان واحد هو ماذا تقول مصر في عودتها الى جامعة الدول العربية ؟ وكانت الاجابات كلها مع هذه العودة ومع تفاهم عربي شامل بحتمية وجود مصر لأن لا عرب من دون مصر . .. وهذا ما تقرر بعد ذلك بسياسة الرئيس مبارك العربية .
--مبارك ومنع حسن صبرا من دخول مصر
كنت امين سر نقابة الصحافة اللبنانية عندما اتصل بي نقيب المحررين ملحم كرم ليطلب مني تجهيز نفسي للسفر الى القاهرة لحضور مؤتمر اتحاد الصحافيين ألعرب فيها مع وفد يضمه ونقيب الصحافة اللبنانية محمد بعلبكي ونائب نقيب المحررين الياس عون... فاجأت النقيب كرم بقولي : نقيب انا ممنوع من دخول مصر ! لم يصدق ملحم قولي فقال لي معاتباً : ولو ياحسن ما بدك رفقتنا ؟ نحن رح نقابل الرئيس مبارك بعد الاجتماع وابراهيم نافع ( نقيب الصحافيين المصريين ) خبرني ان الموعد مع مبارك صاير
قلت للنقيب : نقيب .. شقيقتي ماجدة ذهبت الى مصر كالعادة واوقفوها في مطار القاهرة ومنعوها من الدخول لإنها من الشراع ونامت في فندق المطار وعادت في اليوم التالي .. وانا مسجل في وصول المطار : خطر على الامن القومي المصري !!
لم يصدق النقيب كرم هذا الكلام فقال هذا امر غير معقول ولماذا لم تخبرنا قبل الآن .. انت ممنوع من دخول مصر ؟ على كل انتظر اتصالاً مني من القاهرة بعد اجتماع الاتحاد وانا سأثير هذا الامر هناك .
لم اسافر القاهرة مع الوفد المشترك لنقابتي الصحافة والمحررين لكنني تلقيت اتصالاً من النقيب النبيل ملحم كرم ليبلغني فيه انه ابلغ الزملاء العرب في الاجتماع الاول تعذر حضوري الى القاهرة كأمين سر لنقابة الصحافة اللبنانية بسبب منعه من جهاز امني مصري .. وقال لي النقيب كرم : الزملاء هنا كلهم وعلى رأسهم النقيب ابراهيم نافع متضامنون معك لكنه ابلغني ان امراً كهذا لا يحله الا سيادة الرئيس ونحن سنقابل الرئيس مبارك غداً وسأكلمه في الأمر شخصيًا... وفي اليوم التالي اتصل النقيب كرم وكان ما يزال في القاهرة ليقول لي : حسن .. مبروك جهز نفسك للسفر الى القاهرة وسيتصل بك مسؤول امني من سفارة مصر في بيروت ليقول لك انك تستطيع دخول مصر متى تشاء ... ليضيف النقيب كرم الاهم قائلاً: حسن بعد اجتماعنا مع الرئيس مبارك تركت الوفود كلها تحيى الرئيس وتغادر وبقيت حتى انسحبوا وطلبت الإذن من الرئيس لأكلمه فأذن لي قائلًا: تفضل فعرضت قصة منعك من دخول مصر وانت امين سر نقابة الصحافة اللبنانية فإستغرب ذلك ونادى وزير الإعلام صفوت الشريف وكان حاضراً معنا الاجتماع مع الرئيس قائلاً له باستغراب : ازاي تمنعوا صحافي من لبنان ?? من دخول مصر ؟ فنظر لي الوزير معاتباً - يتابع ملحم كرم ، وانا قلت له زميلنا حسن صبرا بيحب مصر اكتر من المصريين .. فقال الشريف : سيادتك ده بيشتم سيادتك في الشراع يفندم ! فرد مبارك بشهامة ونبل : يا صفوت ادعو الراجل ييجي مصر ونا حقابله لمًا ييجي !!
هكذا بشرني النقيب الحبيب رحمه الله ليختمها : حسن جهز نفسك للسفر الى مصر واذا بتحب بنكون سوا لما تقرر
وبالفعل اتصل بي مسؤول في سفارة مصر في بيروت ليقول لي : استاذ حسن اهلاً وسهلاً بيك في مصر بلدك .
بعد فترة بسيطة وبعد عودة النقيب كرم الى بيروت دعاني الى تناول طعام غداء والزميل الياس عون في مطعم مقابل فندق غابرييل في الاشرفية لنتحدث في رحلة القاهرة .
توجهت الى ارض الكنانة وإتصلت بمكتب وزير الاعلام المصري طالباً لقاءه ... وفي اليوم التالي اغتيل رئيس مجلس الشعب المصري د . رفعت المحجوب فألغيت كل مواعيد المسؤلين المصريين .. وكان الاخطر من ذلك ان المقصود بالاغتيال يومها كان صفوت الشريف نفسه وكانت الجماعات الارعابية تتهمه بشن حملة اعلامية واسعة ضد سلوكها ... وهكذا عدت الى بيروت ولم اقابل الرئيس مبارك
الشراع