بيروت | Clouds 28.7 c

من اوراق حسن صبرا/ عشاء مع القذافي

مجلة الشراع 14 تشرين الثاني 2020

 

1980 ،

كنا في بني غازي في الجماهيرية العربية الليبية لحضور مناسبة قيل لنا ان العقيد معمر القذافي سيلقي كلمة هامة فيها .

عشية المناسبة دعانا العميد مصطفى الخروبي لتناول العشاء في منزله في احدى الثكنات العسكرية في المدينة الثانية في ليبيا..

قبل تناول الطعام اكتمل الحضور ومن ابرزهم العميد ابو بكر يونس ورئيس ما يسمى الجمهورية العربية الصحراوية محمد عبد العزيز والشخصية العراقية القومية اياد سعيد ثابت وكنا ثلاثة من لبنان مصطفى سعد وعبد الرحيم مراد وحسن صبرا واحمد جبريل ونايف حواتمه قائدي الجبهة الشعبية القيادة العامة المنشقة عن الجبهة الشعبية ، والجبهة الديمقراطية المنشقة أيضاً عن الجبهة الشعبية نفسها لتحرير فلسطين..

فاجأنا العقيد معمر القذافي داخلاً بروحه اي لوحده كما يقول الليبيون وبعد الترحاب بالرجل البسيط الذي اكتشفنا بعد السهرة الطويلة ونحن نودعه انه جاء كما غادر وهو يقود سيارة بيجو بيضاء ( اطلق عليها الليبيون اسم حمامة) من دون مرافقة او سائق او حراسة من اي نوع .

بحضور العقيد بادرني العميد الخروبي بتساؤل عن سبب هجومي الدائم في مقالاتي عن المغرب على جبهة البوليساريو وإعتبارها حركة انفصالية ، بما يعتبر دفاعاً عن الملك المغربي الحسن الثاني احد عرابي اتفاقية كامب ديفيد بين انور السادات والعدو الصهيوني ، وهو ما اكده جبريل وحواتمة وسعد في كلمات مختصرة متتالية قبل ان يتاح لي الرد فقلت موجهاً كلامي لمحمد عبد العزيز الذي كان يوافق المتكلمين على مواقفهم :

 يا اخ محمد ( الكلام لي ) نحن ناصريون وحدويون نرى ان البوليساريو حركة انفصالية حتى لو كانت شعاراتها تقدمية ، ولكننا نرى ان مقياس تقدمية اي حركة عربية هي في وحدويتها وانتم تريدون الإنفصال عن المغرب والدليل انكم اعلنتم قيام جمهورية صحراوية ضد ارادة الشعب المغربي كله ، وانتم يجب ان تلتزموا موقف الحركة الوطنية المغربية بمختلف اطيافها وتشكيلاتها التي تتمسك بوحدة التراب المغربي ، والشعب المغربي كله يؤيد موقف الملك الحسن الثاني في هذه المسألة المصيرية وقد زحف المغاربة بالملايين منذ خمس سنوات عندما دعا الحسن الثاني الى المسيرة الخضراء لدخول الصحراء المغربية احدى مقاطعات الدولة المغربية ...

وقبل ان اتابع كلامي الذي كنت استمع الى اعتراضات وتعليقات رافضة من جبريل وحواتمة وسعد راح محمد عبد العزيز يتحدث عن وثائق وخرائط تؤكد ان الساقية الحمراء ووادي الذهب هي مناطق مستقلة عن المغرب وليست تابعة له... وراح حواتمة يظهر تعاطفاً مع يسارية البوليساريو ضد رجعية النظام المغربي صديق اسرائيل ، يؤيده جبريل الذي كان يكيل الشتائم للملك المغربي وكان الإثنان ينظران الى عبد الرحيم مراد مستنكرين موقفي من البوليساريو ليؤكد مراد صحة موقفي من منطلق وحدوي عربي...

عدت الى الكلام موجهاً حديثي الى عبد العزيز ( رحمه الله) قائلاً :

يا اخ محمد نحن في الآتحاد الإشتراكي العربي، لو سيطر بشير الجميل على الحكم في لبنان وقامت حركة ناصرية انفصالية في شمالي لبنان في عكار مثلاً ضده واعلنت جمهورية ناصرية في هذه المنطقة لوقفنا ضدها وحاربناها دفاعاً عن وحدة لبنان... وهذا هو موقفنا المبدئي الوحدوي !

هنا ايد عبد الرحيم مراد كلامي وإعترض عليه مصطفى سعد( رحمه الله) الذي دافع عن البوليساريو وهاجم الحسن الثاني..

كان العقيد القذافي مستمعاً ولم يشاركنا النقاش أبداً وكذلك فعل ابو بكر يونس(رحمهما الله) اما مصطفى الخروبي فك الله اسره فقد اكتفى بطرح سؤاله علي في البداية استدراجاً للنقاش..

نهض العقيد ليغادر وودعناه كما اسلفت ..

  وفي اليوم الثاني،

في احد الملاعب الليبية خطب العقيد مطولاً متحدثاً عن ضرورة تسوية الخلاف بين المغرب والجزائر التي تدعم انفصال البوليساريو عن الارض المغربية لإقامة الجمهورية الصحراوية داعياً الى حل هذا الخلاف الذي يستنزف قدرات البلدين العربيين معلناً تكليف محسن ابراهيم ونايف حواتمة الذهاب الى الجزائر لبحث تسوية نزاعها مع المغرب على ان يرسل موفدين آخرين الى الرباط لتسوية الامر مع الجزائر .

بعد خطاب العقيد القذافي تحدثت مع عبد الرحيم عن طبيعة العشاء في منزل العميد الخروبي الذي اراد فيه الليبيون ايصال رسالة الى جماعة البوليساريو بأن الموقف الوحدوي يرفض انفصالهم وانهم مطية في ايدي الجزائر تستغلهم لتصفية حساباتها مع المغرب ..

  وللاسف ما زال الإستخدام مستمراً كما الإستنزاف في الدم والمال والمشاعر والعداوات المتفاقمة حتى اليوم ..

رحم الله معمر القذافي الذي حاول حقن الدماء العربية ، وما نجح

الشراع في 14/11/2020

يرجى الضغط أدناه لقراءة مواضيع اخرى متعلقة:

من أوراق حسن صبرا- هل مات حافظ الأسد سنيًّا؟

من اوراق حسن صبرا / عندما قال رابين لن آكل القمر الدين في سوق الحميدية!

من اوراق حسن صبرا / اين دفن بشار الاسد شيخه البوطي؟

من اوراق حسن صبرا / ياسر عرفات في ذكراه

الوسوم