بيروت | Clouds 28.7 c

من أوراق حسن صبرا- هل مات حافظ الأسد سنيًّا؟

 

مجلة الشـراع 22 أيلول 2020

استحضر وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف قادة من تاريخ سورية كلهم من غير السنة ، والسني الوحيد بينهم غير عربي كي يقول لوزير خارجية بشار وليد المعلم بأن عليكم ان تتخلصوا من النص الدستوري الذي يثبت دين رئيس الجمهورية على المذهب السني الحنفي   
    قال لافروف للمعلم: كان فارس الخوري اللبناني الارثوذكسي رئيساً للوزراء
وكان ابرز زعماؤكم هو الكردي ابراهيم هنانو .. وكان قائد الثورة ضد الفرنسيين هو العلوي صالح العلي ، وقائد الثورة العربية ضد الاستعمار هو الدرزي سلطان الاطرش ... فلماذا اصراركم على النص الذي تثبت سنية رئيس البلاد ؟ 

البعث والسنة 
مع ان حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب عروبي وعلماني الثقافة والتربية والإنتماء الا ان مذهبية النظام السوري لم تتكرس كنص دستوري الا مع تسلم البعث السلطة في سورية اعتباراً من 8/3/1963 ، فأول رئيس للسلطة في سورية بعد هذا التاريخ وبعد تصفية القوى الوحدوية بعد محاولة 18/7/1963 الناصرية الملتبسة كان السني امين الحافظ  هو رئيس النظام الذي خلف الإنفصال ، وعندما انقلب عليه الضابطان العلويان صلاح جديد وحافظ الاسد في23/2/1966 فقد عينا السني البعثي الحمصي د نور الدين الاتاسي رئيساً للجمهورية فلما انقلب حافظ الاسد على رفاقه كلهم في 16/11/1970 عين احمد الخطيب السني  رئيساً مؤقتاً للجمهورية حتى العام 1971 ليخوض حافظ انتخابات رئاسة الجمهورية في سورية مدعوماً من المؤسسة السنية الدينية بقيادة الشيخ احمد كفتارو ومعه الشيخ محمد سعيد البوطي وراح الإثنان يروجان بان الاسد اعلن انتماءه للمذهب السني على ايديهم وكذلك فعل شقيقه رفعت 
حافظ والشكل 
كان حافظ الاسد استاذ الشكل في حساباته السياسية ، اما المضمون فكان في مكان آخر بعيداً عن اي شكل .. 
  حافظ الاسد جعل مراكز السلطة بمعظمها في ايدي السنة من رئاسة مجلس الشعب الى رئاسة مجلس الوزراء  الى الاغلبية الساحقة من النواب والوزراء والمؤسسات وحتى في الجيش حيث تولى زميله حكمت الشهابي رئاسة الاركان وهي بمثابة قيادة الجيش وجعل رئاسة الجهاز المشرف على الاجهزة الامنية كلها سنياً( عبد الرؤوف الكسم السني الدمشقي في عهده ) .... لكن السلطة الفعلية كانت كلها بيد العلويين من خلال قادة الاجهزة الامنية ومن خلال قادة الفرق العسكرية وتحديدا في يد اسرته بدءا من رفعت الذي جعل سرايا الدفاع اقوى فرق الجيش السوري فلما انحلت وجاء ابن حافظ ماهر الى الفرقة الرابعة اعاد تركيب سرايا الدفاع داخل هذه الفرقة وهي الآن اقوى فرق جيش آل الاسد 
  لم يكن حكمت الشهابي السني يجرؤ كرئيس الاركان على زيارة اي فرقة عسكرية اذا كان قائدها علوياً 
في الشكل أيضاً 
عندما توفيت والدة حافظ ناعسة وقبل دفنها في القرداحة تقدم الامام الراحل محمد مهدي شمس الدين لليؤم عليها صلاة الجنازة فقال له حافظ : شيخ محمد نحن ننتظر قدوم الشيخ البوطي ( تأخر وصول الشيخ محمد سعيد البوطي بسبب ازدحام المواكب والوفود السيارة الى المقبرة ) .
وعندما توفي باسل الاسد في  كانون الثاني عام 1994 ابنه البوطي نفسه واقامت مجموعة من قراء جمعية المشاريع على ضريحه في القرداحة لمدة اسبوع كامل تقرأ القرآن الكريم والادعية وتقيم الصلوات

لكن السنة لم يحبوا حافظ
كان اهالي حلب وحمص وحماه ....لا يحبون حافظ ، وهو لم ينجز في هذه المدن ذات الكثافة السنية العالية مشاريع ذات قيمة ، وبعد تعرضه لمحاولة اغتيال في محطة قطارات حمص عام 1972  امتنع عن زيارتها  وسلم امنها للمقدم الموثوق في الاستخبارات العسكرية غازي كنعان  ليتولى  هذا الرجل تنفيذ سياسة الاسد في معاقبة حمص واهلها  ، واصبحت حمص وهي اكبر محافظات سورية مساحة وامتداداً ومجاورة لاكبر عدد من المحافظات  السورية  هي اكثر مناطق سورية حرماناً واقلها عمرانا 
 وكان ممنوعاً على من يبني عمارة في حمص ان يركب داخلها اي مصعد مثلاً 
  وكانت حلب الناصرية التي استقبلته بحفاوة بعد ان تحدث عن انشاء الحركة العربية الواحدة تعتقد انه غدر بالوحدة والعروبة ولم يجد فيها محبين فتمنع عن زيارتها حتى رحل عام 2000
 
فماذا عن سنة دمشق؟
احب بورجوازية دمشق حافظ لاسباب اقتصادية وتجارية ومالية   ، لكن فقراء العاصمة خافوا منه وتجنبوا ذكر اسمه حتى داخل منازلهم ثم في سيارات وحافلات الأجرة ومكاتب الإدارة وفي الجامعات والمعاهد والثانويات والاندية والمقاهي والملاهي والمطاعم و في كل مكان ، ولم ينفجر ابناء دمشق ثورة الا خلال ثورة آذار /مارس 2011 لكن المفارقة ان الدمشقيين الذين ثاروا هم الذين هجروا مدينتهم الى ضواحيها وخصوصاً الغوطتين وجلهم من الفقراء 
   وكان حافظ الاسد اشترى اغنياء دمشق باكراً عام 1980   ,عندما اقنعهم في غرفة تجارة دمشق بالامتناع عن المشاركة في الإضراب الذي اعلنته غرف التجارة في كل المدن السورية مما ادى الى فشل هذا الاضراب ضد سياسة الاسد الإرعابية ضد شعب سورية . 
 عقد حافظ الاسد مع بورجوازية دمشق من خلال راتب الشلاح صفقة قدم بموجبها اثرياء العاصمة الولاء للاسد واعطاهم في اول تشكيلة وزارية 11 وزيراً من دمشق وترك البورجوازية الدمشقية ان تسود وتفسد وان تغتني حتى ولد الولد .. 

      الحلقة المقبلة
عندما قال اسحق رابين 
لا اريد اكل قمر الدين من سوق الحميدية

الوسوم