من اوراق حسن صبرا
اللقاء اليتيم مع فيروز
الشراع 23 أيار 2022

كان ابن شقيقة صديقي د حسين يتيم هو الحلاق الذي يصفف شعر السيدة فيروز، وقد رتب لخاله ( النائب فيما بعد) حسين موعداً مع فيروز بناء على طلبي وابلغها بحضور د. حسين يتيم والصحافي حسن صبرا من الشراع هذا اللقاء الذي تمّ في مثل هذا اليوم من العام 1992 اي منذ ثلاثين سنة هو اليتيم الذي جمعني بالسيدة فيروز ..وكان في منزلها في الرابية.

  كانت السيدة فيروز ترتدي فستاناً احمر اللون طويلا وفضفاضاً وكانت ودية جداً…

وعندما بادرها صديقي د . يتيم بالسؤال عن سبب ابتعادها عن العطاء الفني ردت بموّدة:

ومن اين آتي بالملحنين الذين يفهمون طبقة صوتي؟ وانتم تعرفون انني لن اغني في ملاهي ولا حتى في مسارح واحتاج الى مساحات كبيرة وامامي الاف المستمعين..

قال لها د. يتيم:

يا سيدة فيروز ان الفنانة جوليا بطرس تغني في صور وبين الآثارات وعلى المسرح الروماني امام عشرات الآلاف الذين يتجاوبون معها ويمكن ان يصل جمهورك في هذا المكان الى مئة الف يجيئون من كل لبنان وسورية وبلاد العرب..

ربما اقنع السيدة فيروز كلام اليتيم فانتقلت الى عرض مشكلة اخرى وهي:

ومن اين آتي بالملحن الذي يقنعني بالظهور على المسرح بأغنيات جديدة، لأن فيروز عندما ستعود الى الغناء امام الجمهور يجب ان تقدم الجديد اكيد.

هنا، تدخلت لأقدم للسيدة  فيروز 
اقتراحاً علّه يناسبها فقلت لها انا أتردد كثيراً الى القاهرة ولدى الشراع فيها مكتب كبير ونشاط واسع وأعرف فيها عدداً من كبار الملحنين واسميت لها اثنين منهم هما الموسيقاران الكبيران محمد الموجي وكمال الطويل فنظرت الي وهي تقول:

انا معجبة كثيراً بالحانهما وقد غنى لهما  كبار الفنانين اللبنانيين والعرب..  هل تعتقد انهما سيلحنان لفيروز وهي لها طابعها الخاص؟

قلت للسيدة فيروز:
حضرتك غنيت اغنيات للموسيقار محمد عبد الوهاب ولحن لك اللحن الفيروزي - الرحباني: سهار بعد سهار  ولا بد ان الموجي والطويل وهما فنانان متميزان قادران على التعامل مع صوتك بما يناسبه..

هنا قالت لي السيدة وايضاً بمودة:

اتمنى ان اغني للموجي والطويل…

هنا،

سمحت لنفسي ان اسألها:

سيدة فيروز هل سنسمع قريباً اغنياتك التي لحنها لك الموسيقار الكبير رياض السنباطي؟

رشفت فيروز من كأس في يدها اليمنى وكانت تضع رجلاً فوق رجل وقالت بهدوء وصوت خفيض:

إن شاء الله.. هناك بعض الامور الفنية سنرتبها ليسمع الجمهور العربي اغنيات لفيروز من الحان الاستاذ السنباطي.. 

قلت للسيدة فيروز وكنا يوم اثنين:

انا مسافر غداً الى الحج مع والدتي وشقيقي وشقيقتي وبعد عودتي سأتوجه الى القاهرة بعد ان تخف حرارتها في اواخر الصيف وسألتقي بمن استطيع لقاءه سواء الموجي او الطويل لاعرض الامر على من يقدم على التلحين لك..

  في شهر تشرين الاول كنت في القاهرة واتصلت بالاستاذ الموجي وزرته في مسكنه عارضاً عليه فكرة التلحين للسيدة فيروز فرحب بحرارة وكنت سعيداً بحماسه لذلك..

  عدت الى بيروت وكنت طوال الرحلة بالطائرة من القاهرة أرتب بيني وبين نفسي استضافة الموسيقار الموجي على حسابي في فندق السمرلاند مع مساعد له (كانت اموري المالية ايامها تسمح بذلك) وفي الليلة نفسها اتصلت من مكتبي في الشراع بمنزل السيدة فيروز لأنقل لها الخبر الجميل فجاءني صوت احدى الفتيات فطلبت التحدث مع السيدة فقالت لي الفتاة سأعطيك ابنتها السيدة ريما..

ثوان وجاءني  صوت ريما الجاف شكلاً ومضموناً:

نعم..! 

عرّفتها عن اسمي وصفتي فردت بجفاء وضجر:

شو بتريد؟

قلت لها وقد استفزني اسلوبها البعيد عن اي لياقة:

لست انا من يريد بل السيدة فيروز هي التي تريد..

وعاجلتها بالقول قبل ان تجيب: قولي للست فيروز انني قابلت محمد الموجي في مصر  وهو على استعداد لان يقدم لها الحاناً.. خاتما نرفزتي بقولي:

على كل اذا كانت الست فيروز مستعدة لتعرف التفاصيل عندكم ارقام مجلة الشراع ممكن تطلبوني عليها... واقفلت سمّاعة الهاتف الارضي حيث لم يكن الخلوي دخل الخدمة في لبنان يومها.. 

  واعترف الآن ان اسلوب ريما الرحباني الجاف والمنفر استدرجني الى غضب شديد ولم اعد الى الاتصال بفيروز ثانية ابداً، وعندما توجهت الى القاهرة بعد عدة اسابيع تجنبت الاتصال بالموجي خجلاً منه الى ان التقيته ثانية في الرياض اثناء احتفالية مهرجان الجنادرية عام 1993
وقد بادرني بعد التحية والاحضان والقبلات:

فين يا عمّ حسن مشروعنا مع السيدة فيروز؟

فرويت للموجي ما حصل مستعيداً غضبي من سلوك ابنتها ريما فقال لي بأسف:

يا خسارة… انا برضو كنت متحسب من اللي اتعمل مع رياض الله يرحمو بيتعمل معايا يعني ألحن لها وما ترضاش تسجل 
خسارة فنية لسنا ندري من السبب فيها: هل هو اسلوب ريما الرحباني المنفر والمستفز؟ هل هي فيروز نفسها؟

نترك لزياد الرحباني ان يفسر وهو الذي عانى من سلوك شقيقته التي اتهمها اكثر من مرة انها هي التي ابعدت فيروز عن هذه الموهبة المميزة وهو ابنها زياد 

الشراع