من اوراق حسن صبرا/ حزب التحرير عند الامام الخميني 

الشراع 11 تموز 2022

في زيارتي الثالثة لفرنسا للتوجه الى نوفل لو شاتو حيث مقر اقامة الامام الخميني الذي وصلها في نهاية صيف 1978 , وكنت امضي النهار كله في حديقة المنزل الصغير القائم على خشب كعرزال قرانا اللبنانية نصعد اليه بسلم خشبي متين التقيت ظهر يوم شابين احدهما لبناني شيعي من جبل عامل والآخر فلسطيني عرفا عن نفسيهما بأنهما من حزب التحرير الاسلامي وكنت اعرف عنه الكثير سلباً بسبب عدائه للمشروع القومي العربي الوحدوي الذي كان يقوده جمال عبد الناصر … غير ان هناك وقائع لا بد من ذكرها قبل العودة الى حديثي المختصر مع هذين الشابين -
١- كانت الاشارة الايجابية التي يحملها حزب التحرير انه حزب وحدوي اسلامي بمعنى انه كان يضم في صفوفه من اعرفهم من الشيعة والسنة وكانوا اقرباء لوالدي وفيما بعد صاروا اصدقاء لي وكنت معجباً بهذه الحالة التي اصبحت مطلباً ملحاً .. من دون ان اتخلى عن توجهي العروبي ورفض الاحزاب والجماعات والحركات الدينية 
٢- كنا نتندر شباباً بواقعة ان الاستخبارات في بلد عربي ما اوقفت مسؤولاً في حزب التحرير الاسلامي خارجاً من السفارة البريطانية في هذا البلد ووجدت معه حقيبة ملىء بالنقود وعندما سألته عن قصتها قال:
اتينا نعرض عليهم الاسلام فلما رفضوا فرضنا عليهم الجزية واعطونا اياها صاغرين!
٣- نشط شباب حزب التحرير الاسلامي في المدن اللبنانية بعد الهزيمة العسكرية عام 1967 امام العدوان الصهيوني وكانوا يمرون في زاروب العانوتي في المصيطبة حيث مرتع صباي وشبابي وكان كل شباب الحي واهله ناصريون  بالفطرة ثم بالخيار ثم باستلهام المستقبل بالوحدة وفي عشق مصر عبد الناصر ..  فكان شباب حزب التحرير يواجهون صداً حقيقياً منا جميعاً شبيهاً بالصد الذي واجهته  جماعة حركة القوميين ألعرب الذين تمركسوا بعد الهزيمة العسكرية .وما نجحوا في استقطاب شاب واحد منا نحن الناصريين 
في عرزال حديقة اقامة الامام الخميني قال احد الشابين من حزب التحرير انهما قدما بسيارة فولسفاكن من المانيا وعرف نفسه بأنه امير الرحلة اي هو قائدها وعندما ابتسمت لهذه التسمية قال لي حاسماً مبتسماً ايضاً : قال رسول الله اذا كنتم اثنين فأمروا احدكما … وكانت هذه اول مرة استمع الى حديث كهذا … وبينما نحن في مطلع الحوار جاءني الشيخ محمد منتظري الذي قدم نفسه لي باسم جديد … اذ كان عرفني عن نفسه لأول مرة باسم الشيخ جعفري وفي هذه المرة قدم نفسه باسم الشيخ وحيدي .. ولم اتوقف عند تعدد اسمائه بل وقفت اعانقه واقبل وجنتيه وهو كذلك ليزف لي خبراً سمعه للتو من الامام الخميني الذي كان يسكن في بيت ريفي صغير لا يفصله عن عرزالنا سوى عرض شارع ريفي فرنسي في هذه القرية التي كانت هادئة. 
ما هو خبر الشيخ منتظري الذي قلب الدنيا بدءاً من النوفل لو شاتو ؟ 
لقد اعلن الامام الخميني ان انتصار الثورة ضد الشاه سيؤدي لاقامة جمهورية اسلامية في ايران 
عند هذا الحد وبينما كنت اردد للشيخ الصديق الذي عرفني بعد ان نزلنا مع الامام الخميني في الطائرة من باريس الى طهران ليل ١/٢/١٩٧٩ بأنه الشيخ محمد ابن الشيخ حسين علي منتظري
بأن هذا انقلاب حقيقي داخل ايران وقبل ان تنتصر ثورتها وقف الشاب الشيعي اللبناني من حزب التحرير ليقول بدهشة : كيف يا استاذ حسن تعتبر قيام جمهورية اسلامية هو انقلاب حقيقي ؟ نظرت اليه مستفسراً وقد انصرف عنا الشيخ منتظري لنقل بشراه الى اخرين .. فعاجلني بحديث لا اذكر منه الا بداية قوله : قال رسول الله .. ثم تحدث عن ان على الامام الخميني ان يعلن عودة  الخلافة 
الاسلامية ليقف كل المسلمين معه .. اما الجمهورية الاسلامية فهي بدعة غربية لا يجوز اعتمادها ..
واعترف ان هذا الامر لم يعن لي الكثير لا بإعلان جمهورية اسلامية ولا بعودة الخلافة الاسلامية لأن المهم عندي هو قبع نظام الشاه عميل الامريكان صديق إسرائيل وعدو جمال عبد الناصر .
وقف الشابان ليودعاني وهما يبديان ندماً على مجيئهما من المانيا بالسيارة ليعلنا تأييدهما باسم حزب التحرير للثورة ضد الشاه اما بعد ان عرفا ان قائد هذه الثورة سيعلنها جمهورية اسلامية فهذا فراق معه وكانا يتوقعان اعلانها خلافة اسلامية
الشراع