من اوراق حسن صبرا
عن ايام رفيق الحريرى الاخيرة 
الشراع 12 شباط 2023

اخبرني نائب رئيس سورية عبد الحليم خدام ، انه ارسل محسن دلول الى الرئيس رفيق الحريري في بيروت ، يطلب منه مغادرة لبنان فوراً .لكنه علم ان الحريري لم يستجب للرسالة من خلال دلول ، فإستأذن خدام بشار للتوجه الى بيروت لإجراء فحوصات طبية في مستشفى الجامعة الاميركية ، وبعد انتهاء فحوصاته قصد منزل الحريري ليسأله لماذا ما زال في بيروت ، وقد ارسل له من ينذره بالمغادرة ، فرد الحريري بأنه تلقى النصيحة نفسها من صديقه الرئيس جاك شيراك ، فإستغرب خدام بقاء الحريري في بيروت بعد هذه التحذيرات … فقال له الحريري : امامي انتخابات نيابية بعد عدة اشهر وسأغادر بعدها .. فقاطعه خدام بقوله : ان بشار اتهمك في اجتماع للقيادة القطرية بأنك متآمر على سورية ( يقصد نظام الاسد ) وعندما يقول هذا ال… انك متآمر فهذا يعني انه سيقتلك .. فرد الحريري :لن يفكر بقتلي إلا واحد مجنون فوافقه خدام بقوله : وهل تظن هذا ال.. الا مجنون ؟
كانت هذه الوقائع قبل اسابيع قليلة من اغتيال رفيق الحريرى ظهر الاثنين في 14/2/2005.
قبل اغتياله بعدة ايام ، وتحديداً مساء الخميس في 10/2/2005
اتصل الحريري بصديقي رجل الاعمال علي اسماعيل وزميله في جمعية التخصص العلمي جميل ابراهيم يدعوهما للقاء في دارته في قريطم ليبلغهما رسالة ينقلاها الى زميلهما في الجمعية رئيس مجلس النواب نبيه بري ( كانت العلاقة بين الحريري وبري في تلك الفترة فاترة ) .
سمعت من الصديق علي اسماعيل ابو زياد فحوى هذه الرسالة وهي : لو ان الحريري جمع مائة صوت نيابي فإنه لن يشكل حكومة لا يوافق عليها بشار الاسد .
نقل اسماعيل وابراهيم رسالة الحريري الى بري الذي ارسلها الى بشار ( لم تكن علاقة بري ببشار جيدة في اي وقت من الاوقات وحتى الآن والدليل هو الحراسة المشددة حول منزل رئيس مجلس النواب في عين التينة وندرة تحركات بري منذ اكتشف الامن اللبناني عبوة على طريق دارة بري في مصيلح -الزهراني .)
هنا سمعت من مصدر مطلع لا اكشف اسمه حرصاً على حياته : عندما تلقى بشار تعهد الحريري انتابه غضب شديد وراح يشتم الحريري وهو يردد : من هو هذا ال … الذي يريد ان يحصل على مئة نائب في لبنان ؟ من سيسمح لهذا ال… ان يشكل لوائح تعطيه هذه الارقام ؟
ارعد بشار وازبد مساء الأحد الذي سبق الاغتيال والفارق هو نحو عشرين ساعة … وقد بلغت عصبية بشار الحريري ولم يستغربها .
وسمعت من صديق عربي ان شقيقه رئيس وزراء بلده كلفه الذهاب الى دمشق للقاء بشار وطمأنته بأن الحريري لا يمكن ان يتآمر على سورية ، وانك يا بشار يجب ان تعرف كيف كان والدك حافظ يحتضن الحريري وكيف يراه حاضناً لقضايا سورية وكيف يخدمها ، وكيف كان حافظ الاسد بقدر ما يفعله الحريري من اجل سورية ونظامها …
صديقي العربي ابلغني ان بشار طمأنه بأن الحريري يلقى كل رعاية منه ، وانه يقدره ولا يمكن ان يسمح بتعريضه لأي اذىً ..
واخبرني الصديق العربي ان الذي اوصله الى القصر الجمهوري في دمشق كان مسؤول الاستخبارات العسكرية في سورية اللواء آصف شوكت ، وانه سأله بعد عودته من اللقاء  مع بشار : وماذا قال لك هذا ال…؟
فلما اخبر الصديق العربي شوكت الاطمئنان قال له صهر الاسد : قول للحريري اوعى يطمن !!نحنا اما بدنا نقتل حدا لازم نطمنو وبعدين بنعمل شغلنا!( نرجو العودة الى ما كتبه نقيب الصحافة الزميل عوني الكعكي عن لقائه ماهر الاسد قبل اغتيال الحريري ..وكيف نقل طمأنة ماهر للحريري !!) 
   قتل الحريري حوالي الساعة الواحدة بعد ظهر الاثنين في 14/2/2005 هرعت الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت ووجدت شقيقة الحريري بهية تبكي شقيقها والنائب وليد عيدو كذلك ، وفي ردهة صالون الاستقبال في الطابق الارضي للمستشفى التقيت الزميل الراحل مصطفى ناصر ليقول لي : حسن ، سنشهد انقلاباً شاملاً في المنطقة بعد اغتيال الحريري !
خرجت الى الباحة الخارجية حيث جموع المواطنين تقاطرت اليها بعد سماعها تعرض زعيمها للقتل ، البعض يبكي والبعض يتهامس والصمت يغلب الجميع لم يقطعه سوى صوت شاب اعرفه من ناخبي  في الطريق الجديدة يناديني : " يا ابو احمد انت صوت البيارتة الآن .. اكتب انو الاخوات …. السوريين هني اللي قتلوا زعيمنا ،، ويكرر دعوته عدة مرات .. لتقترب مني سيدة اعرفها من بيروت وترجوني : اوعى يا استاذ ، اوعى تكتب بيقتلوك "
فيبدأ بعدها شلال الاتهامات للأسد بقتل بطلهم وتكبر كرة الثلج حتى الآن ولا تتم تبرئة الاسد من دم الحريري ، على الرغم من آلاف الصفحات التي غطت سنوات التحقيق في جريمة العصر .

الشراع