مجلة الشراع 22 تشرين ثاني 2021

كنت في مكتبي في الطابق الثالث من مبنى الشراع اناقش مع زميلنا حسين فتوني تحديث شكل المجلة عندما سمعنا دوي انفجار بعيد عرفنا بعد دقائق من اذاعة صوت لبنان انه استهدف سيارة الرئيس رينيه معوض الذي كان خارجاً لتوه من استقبال مهنئين بعيد الاستقلال وكان انتخب قبل اسابيع قليلة رئيسًا للجمهورية بموجب اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية ثم علمنا بأن الرئيس الجديد هو المستهدف وأنه قتل على الفور

اتصلت من صالة التحرير الزميلة سلام الحاج تريد مقابلتي على عجل فجاءت وبيدها المسجل لتسمعني منه صوت الإنفجار الذي اودى بالرئيس معوض

كانت سلام تسجل حديثاً مع احد مسؤولي سجن النساء الذي يقع مقابل ثانوية رمل الظريف الذي وقع الإنفجار عند احدى زواياها .

من قتل معوض ؟

كنت على باب الوزير السابق محسن دلول يودعني ليدور كالعادة ما يسمى حديث العتبة بعد ان طلب المصعد فقال لي : بتعرف يا بو احمد انو رينيه معوض يوم مقتله كان يضع في جيبه تشكيلة حكومية تتضمن اسم ميشال عون كوزير للدفاع ؟

فهمت من سر دلول عن معوض انه هو الذي عجل بقتله لأن حافظ الاسد لم يكن يريد معوض رئيسًا للجمهورية لكنه ساير اميركا والسعودية التي كانت ترحب بمعوض .. وصبت لائحة معوض الحكومية وتسميته عون لوزارة الدفاع الزيت على النار عند الاسد فكان قرار التخلص من معوض حاسماً. وقد سمعت من الصديق الكبير الراحل جان عبيد اثناء اقامتي غداءً سياسياً في منزلي تكريماً له قوله انه وبعد اغتيال معوض جاء مع الرئيس رفيق الحريري من باريس الى دمشق بطائرته الخاصة وقابل الرئيس حافظ الاسد كمرشح من الحريري وكثيرين ليخلف معوض ناصحاً الاسد ان تتم مصالحة شاملة في لبنان للإنتقال من حالة الانقسام والعداوات الى الوحدة الوطنية مقترحاً مصالحة ميشال عون الذي كان محتلاً قصر بعبدا وقد اعلن حل مجلس النواب مهدداً النواب الذين وقعوا الطائف

وعندما خرج من عند الاسد سأله الحريري وكان ينتظره مع نائب الرئيس عما فعله عند الاسد فلما اطلعه على نصيحته قال الحريري غاضباً: يخرب بيتك روحتها على حالك وعلينا .

وقد استمعت الى مصدر لن اسمي اسمه ان الرئيس الاميركي جورج بوش الاب اتصل عبر السفارة الفرنسية في بيروت لتهنئة معوض بالرئاسة فتم تحويل الإتصال الى المقر المؤقت للرئيس وكان في حينها يستقبل نائب رئيس الجمهورية العربية السورية عبد الحليم خدام وان معوض الذي كان طلب عدم تحويل اي اتصال هاتفي اليه اثناء لقائه خدام رفع سماعة الهاتف ليحادث بوش بصوت جزل مرتفع موضحاً لخدام ان ألرئيس الاميركي بوش هو الذي يكلمه في اشارة ربما يكون معوض تعمد ايصالها انه يلقى دعم اميركا مستقوياً بذلك في تجاهل لأمر استراتيجي اميركي في لبنان وهو ان واشنطن لزمت حافظ الاسد السيطرة على لبنان منذ العام 1974 في صفقة عقدها معه هنري كيسنغر لمحاربة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ?? وأنها تغفر له كل ما فعله ويفعله وسيفعله في لبنان بسبب التزامه تنفيذ عهوده للاميركان

ولعل تصريح زوج معوض السيدة نائلة معوض بأن اميركا هي الداعم الاكبر للرئيس معوض اثار المزيد من النقمة على الرئيس الجديد

٣٢ سنة على اغتيال الرئيس رينيه معوض ولم تعرف قضائياً ورسمياً بعد الجهة التي قتلته وإن كانت القرائن والسوابق واللواحق تشير الى اجهزة استخبارات حافظ الاسد وقد سقط قبله الزعيم كمال جنبلاط ثم المفتي الشيخ حسن خالد والنائب ناظم القادري وما بينهم الرئيس المنتخب بشير الجميل وغيرهم وكلها تحمل بصمات استخبارات الاسد ... وقد غطت اميركا كل هذه الجرائم واكثر منها ... وسيأتي يوم تكشف فيه الحقائق كاملة عما فعله نظام الاسد في لبنان وليس فقط اغتيال معوض في مثل هذا اليوم

الشراع