بيروت | Clouds 28.7 c

من أوراق حسن صبر: عن الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 / الشراع 5 حزيران 2024

 

من أوراق حسن صبرا 
عن الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982
الشراع 5 حزيران 2024


أبدأ بالطرفتين اللتين  تعنيان الكثير لي ،ولربما لغيري :
١- الطرفة الاولى اننا كنا في منزل السفير الليبي في بيروت العقيد صالح الدروقي ، في الطابق ١١ في مبنى في تلك الخياط خلف تلفزيون لبنان ، وكان الاجتماع في منزل الاخ صالح لحضور مباراة كرة قدم ، في مونديال كأس العالم عام 1982 .. بين المنتخب الجزائري ومنتخب المانيا الغربية ، التي كانت مرشحة للحصول على كأس العالم 
لعب المنتخب الجزائري مباراة العمر ، وفازبهدفين لهدف واحد للمنتخب الالماني الغربي ..
كان  في منزل الاخ صالح من متابعي المباراة احمد جبريل وطلال ناجي وفضل شرورو ( ابو فراس ) وعبد الرحيم مراد وحسن صبرا ..
ما يجب كتابته هنا هو تفجر الشعور القومي دعماً للجزائر العربية ، ونحن في حصار صهيوني غير مسبوق للعاصمة العربية الثانية التي احتلها في ما بعد العدو الصهيوني بعد القدس في فلسطين .. كنت ترى ابو جهاد احمد يقفز فرحاً ويعلو صوت ابو فراس فضل ويعانقني ويعانق الاخ صالح … كأننا في عرس وبهجة …
بيروت محاصرة والقصف الصهيوني لا يتوقف عليها جواً وبراً وبحراً ( طيلة نحو 90 يوم ) 
لم يكن في العاصمة كهرباء او ماء وكان الطعام يصل بالتهريب ، وكانت بيروت فارغة تقريباً من سكانها غير البيارتة ( الشيعة تحديداً وقد توجهوا بعشرات الآلاف إلى قراهم في الجنوب والقليل إلى البقاع ، وكانت الضاحية الجنوبية شبه محيدة ، لأن القيادات الفلسطينية السياسية والامنية والعسكرية كلها في بيروت .
انتهى العرس الكروي بفوز الجزائر العربية ، 
نزلت الشارع مع الراحل الحبيب ابو فراس ، ونحن نتحدث عن وقائع المباراة .. لنرى ونسمع ان عرساً آخر يتم في شوارع بيروت المحاصرة …شاهدنا للتو احد البيارتة يضع جهاز تلفزيون صغير على مؤخرة سيارته ، وقد مد شريطاً رفيعاً من بطارية سيارته إلى التلفزيون لمتابعة المباراة ، وسط الظلمة الكاملة ، ثم سمعنا اصوات أبواق سيارات تلعلع وهي تسير في كل الاتجاهات ، ومن فيها يصفق ويغني ويهتف للجزائر…
قال لي ابو فراس : حسن ..شو جنوا البيارتة ! ولك محاصرين ومن دون مي ومن دون كهربا ومن دون اكل والدنيا نار بالطقس وبالغارات الاسرائيلية ، شوف شوف شو فرحانين لأن الحزائر غلبت المانيا … يا عمي الدم ما بيصير مي … شوف الامة كلها عم تتفرج على دمار بيروت ودماء اللبنانيين البيارتة والفلسطينيين … وما حدا تحرك .. شوف كانا نحنا بس العرب يا حسن ….ثم ضحك رحمه الله وهو يردد : نحنا العرب يا حسن … نحنا العروبة .
٢ - الطرفة الثانية وكانت على شرفة منزل عبد الرحيم مراد في المبنى نفسه في الطابق التاسع وفي شهر رمضان ،
تناولنا الإفطار وانتقلنا إلى الشرفة ونزلت فاكهة الصيف اللبنانية : كرز وعنب وتين وأجاص وتفاح ومشمش ودراق وخوخ …
كنا إلى صاحب الدار جورج حبش واحمد جبريل وطلال ناجي وفضل شرورو وصالح الدروقي … كنا نتناول الفاكهة ونتحدث في السياسة ، وما الذي تريده إسرائيل المحاصرة لبيروت وأنظارنا تتبادل وجهات صحون الفاكهة على الطاولة بيننا ، والعتمة في جنوبي بيروت حيث العدو الصهيوني يحتل في ما يحتل خلدة والناعمة وتلالها  وكل جنوبي بيروت …فجأة نظر فضل شرورو إلى جورج حبش وقال له : حكيم .. بتعرف انو هاي الفاكهة كلها من إسرائيل؟؟
وفي حين صدمنا كلام ابو فراس ، ولم نفكر لحظة بهذا الأمر ونحن مسلمون انها فاكهة لبنان ، فإن الحكيم تناول الأمر من زاوية اخرى ، اذ قال والحسرة في نفسه كالزفوة تخرج من صدره : " ايه والله عشنا وأكلنا من خيرات بلادنا "
ساد صمت عميق للحظات ..
غداً نتابع وقائع إنسانية في الاجتياح الصهيوني للبنان وحصار بيروت 
الشراع

 

يرجى الضغط أدناه لقراءة مواضيع اخرى متعلقة: