بيروت | Clouds 28.7 c

"مصر وإثيوبيا عقدة المصالح" / محمد المشهداني

 

"مصر وإثيوبيا عقدة المصالح" / محمد المشهداني

الشراع 3 نيسان 2024

 


تطورات متسارعة رآها الكثيرون تحديا إثيوبيا لمصر و دورها الإقليمي والدولي في المنطقة. 
إثيوبيا هي أكبر دولة حبيسة من حيث عدد السكان (حوالي 128 مليون نسمة )أي أنها لا تطل على أي بحر أو محيط ،لكن الأمر لم يكن كذلك دائما.  سيطرت إثيوبيا سابقا على دولة أرتيريا في العام 1952. المطلة على الساحل ضمن إتحاد فيدرالي لم يصمد كثيرا، وعلى إثر حروب أمتدت ثلاث عقود أعلنت  أرتيريا إستقلالها في العام 1993. وخسرت إثيوبيا منفذها البحري الوحيد وصارت حبيسة ،وإستمر القتال والمشاحنات والتوترات بين البلدين لفترة طويلة بعد ذلك . حتى جاء الرئيس أبي أحمد وأنهى حالة الحرب في العام 2018. ليحصل على جائزة نوبل بعدها بعام واحد ،كان ضروريا لإثيوبيا أن تجد سبيلا لتجارتها الخارجية على البحر ،وهنا تأتي جيبوتي التي تعتمد إثيوبيا على موانها بنسبة 95 بالمئة من تجارتها الخارجية ،وفي المقابل تحصل جيبوتي على ما يزيد عن مليار ونصف المليار دولار سنويا، وهو المبلغ الذي يثقل كاهل الحكومة الإثيوبية المثقلة أصلا بالديون والساعية إلى تقليل أي التزامات وفواتير سنوية ،وهنا لا يبقى لإثيوبيا  سوى الصومال وليس كل الصومال ،بل فقط المساحة التي تسمى أرض الصومال وهي الدولة التي أعلنت إستقلالها في العام 1991. لكن لم تحظ بإعتراف اي دولة  ، بل  وتعتبرها الصومال كيانا إنفصاليا ويتبع أراضيها.
 وقعت إثيوبيا مع أرض الصومال مذكرة تفاهم تسمح للحكومة الإثيوبية بإستئجار 20 كيلوا مترا لمدة 50 عاما.  لأغراضها البحرية والتجارية مقابل الإعتراف بأرض الصومال دولة مستقلة ومايعني في أختصار إستئجار ميناء لمدة 50 عاما. في أرض الصومال بقدر أحتياج إثيوبيا لساحل يضمن لها أتساع خياراتها البحرية و تحتاج أرض الصومال إلى من يعترف بها ، ولكن قرارا كهذا يغضب الكثير أولهم الصومال الدولة الأم التي يجمعها مع إثيوبيا تاريخ دموي طويل ونزاعات وتوترات حول إقليم أوغادين ذا الأغلبية الصومالية، ليأتي إتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال يشعل الغضب الصومالي لأكثر ولايتوقف الأمر عند الصومال، ذلك  أن ميناءً مثل هذا من شأنه أن يغضب مصر التي تتعرض لأزمة إقتصادية حيث تعتمد على قناة السويس كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي 8.8 مليار دولار بين العامي 2022 _ 2023. هذه القناة التي يبدأ الطريق إليها من ساحل القرن الأفريقي ومضيق باب المندب المدخل والباب الجنوبي للبحر الأحمر المنطقة شديدة الحيوية ليس فقط لتجارة النفط  إنما لحركة التجارة العالمية كلها، وهو المضيق المتحكم في كل ما يصل ويمر عبر قناة السويس وتتأثر مصر بتقلباته منذ دخول اليمن _ جماعة أنصار الله الحوثي إلى مسار الحرب الذي يشنها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 من أكتوبر في العام 2023. والحوثيون الذين يستهدفون السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي ،،لكن حتى قبل هجمات أنصار الله الحوثي تراقب مصر وبحذر كل التوترات والقواعد العسكرية المرتبطة بعدة دول مختلفة في هذه المنطقة من أميركية وفرنسية وبريطانية وروسية وصينية وتركية وإيطالية ويابانية وغيرها …والآن جاءت إثيوبيا إلى المعادلة تعقد الوضع أكثر في المنطقة الحيوية للاقتصاد المصري .
إثيوبيا جعلت  الوصول إلى البحر  هدفا يجمع عليه الإثيوبيون ، وتعتبره حقا أصيلا لهم تماما مثل الحق الأصيل الذي تراه إثيوبيا في مياه نهر النيل وبناء السد الإثيوبي الذي سيكون هو الأكبر في أفريقيا عند أكتماله والذي مر بعدة مراحل للملء  ، وقد  تمت كلها بغير رضا  المفاوض المصري وفي كل مرة وكل هذه العوامل ربما تسرب شكوكا لمصر بأن قيداً  قد يلتف حول قناة السويس أحد أبرز وأهم مصادر الدخل القومي المصري مثل القيود التي يعاني منها نهر النيل بسبب سد النهضة الإثيوبي .

محمد المشهداني _ الشراع