بيروت | Clouds 28.7 c

اغلب مآسينا من اوهامنا...!! - الدكتور احمد عياش / الشراع 7 ايلول 2024

 

اغلب مآسينا من اوهامنا...!!/ الدكتور احمد عياش

الشراع 7 ايلول 2024

 

انظر ،ماذا ترى؟
انصت،ماذا تسمع؟
ما التقيت بأحد الا وقدّم نفسه كمظلوم لم ينصفه المجتمع،عن تآمر متّقن لتهميشه ،لمنعه من الوصول لأن وصوله سيفضح الآخرين.
واحدة من ازماتنا أننا نضخّم من قدراتنا ولا نحترم إمكاناتنا ، ولا نعترف باحجامنا الواقعية ،و اننا لا نملّ من السعي لتحسين ظروفنا كيفما اتفق ولو بعد دعس الآخرين.
ابتلينا بشخصيات نصّبت نفسها قيادات بالقوة او بالخدمات او بالمال او بوعود في الغيب ،وعظّمت مهمّاتها و ادوارها  حتى ظنّت انّها تحدد مسار التاريخ واتجاهه وحتى نهايته.
باع البعض الآخرين أوهاماً، وهؤلاء الآخرين ولأسباب كثيرة يُناسبها شراء الأوهام لتبقى .
ازماتنا اننا صدّقنا ونصدّق  ما يُقال لنا لأن ما يُقال يدغدغ تمنياتنا ويجعلنا نحلم.
نحن ايها القراء لا نرتاح الا في زاوية ضوء الخيال ،وعلى اريكة الاوهام الذي نصنعه او الذي نُعجب به.
اعتقادنا الدائم اننا أصحاب رسالات يخشانا الآخر لامتلاكنا حجج مقنعة ،جعلنا نستخفّ بقدرات وبحكايات وبتجارب غيرنا .
غيرنا ايضاً يظنون انهم طاهرون و مرسلون بالحق.
كلنا واهمون.
نحن مبدعون في صناعة وتحويل الاصحاب لأعداء في السلم، وعند الحرب نستغرب و نسأل لماذا أصحابنا لا يدعموننا ولماذا ليسوا أوفياء لنا .
انت تكمن للآخر، و الآخر يزرع في طريقك الألغام.
لست شريرا اكثر من غيرك.
كلنا أشرار.
اغلب اسباب فشلنا اننا تركنا الأوهام تدفعنا بكل الاتجاهات ،وهي في الحقيقة لا تدفع بنا الا نحو الهاوية.
كل واحد منّا بطل وكل واحد منّا فيلسوف ،وكلّ واحد منّا كاد ان يكون نبيّاً لولا الحظ والحسد و المؤامرة.
علّمتنا التجربة ان نجمّل وجوهنا كل صباح على أمل أن نخدع الآخر بحسننا وبوسامتنا على الرغم من علمنا ان الجمال نسبيّ و مؤقت وعابر.
الوجه الذي نخرج به صباحا ليس الوجه نفسه الذي نعود به عند المساء.
يتعرّض وجهنا للشمس  وللغبار وللتلوث وللقهر وللبشاعة  اكثر ،يوما بعد يوم.
وحدها الأوهام جعلتنا نتيقن ان السماء تسدد خطانا وتلعن درب اعداءناواعداؤنا على يقين ان سماءهم تنصرهم لأنهم مؤمنون  و على حق وأننا نخسر لاننا ملعونون  إلى الأبد من الآلهة.
ينتصر من يجمع بين القوة والحنكة ،والحيلة والشراسة ،ويخسر من يجمع بين الضعف والوهن و الحماقة.
كل المتحاربين يتقاتلون من أجل وهم تدميري .
السماء لا تتدخل في مباريات الملاكمة التي تعود ارباحها لرهانات ولعصابات ولانتهازيين.
السماء لا تتدخل في حروب بين متوهم و حالم.
لا بدّ من التقليل من اوهامنا قدر المستطاع كي لا تكون خيباتنا تكراراً  لهزائم.
أخطر الأوهام ان تكون مهزوما وان تدّعي الانتصار لأنك مصرّ على وهم ان الهزيمة عار ،وان الانتصار بطولة.
بإمكان البطل ان ينهزم وان يبقى بطلا فسقوط النمر لا يلغي تسميته نمر اً .
حتى النمر الموجود اسيراً في القفص يبقى نمراً على الرغم من بطل السيرك.
لا يرضى احد بما هو عليه، كلما حقق نجاحا ظنّ انه يستحق نجاحا اهمّ لانه مميّز.
و المميزون قلّة.
وهم قلّة لأنهم نجوا من الأوهام.
 #د_احمد_عياش