بيروت | Clouds 28.7 c

خاص- "الشراع"/ اخفاقات جديدة لــ لودريان غير المدعوم اميركياً

 

خاص- "الشراع"/ اخفاقات جديدة لـ لودريان غير المدعوم اميركياً

الشراع 18 ايلول 2023

 

لم يتبدل المشهد اللبناني بعد جولة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الاخيرة على القيادات السياسية اللبنانية.

 

وباستثناء بعض الجوانب اليسيرة ، بدا بوضوح ان حركة لودريان كانت" حركة بلا بركة" . فالمواقف على حالها والانقسامات مستمرة وحتى الاتهامات لم يتوقف البعض عن اطلاقها ضد خصومهم في محاولة واضحة ليس لكسر دائرة الجمود الداخلي بل لتلميع صورتهم امام القاعدة الشعبية التي يمثلونها.

 

 

ولعل الامر الوحيد الذي يمكن الوقوف عنده ، هو تلطي لودريان لتغطية اخفاقاته حتى الان على الاقل  خلف تأييد الدعوة التي اطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار على مدار سبعة ايام على ان يليه عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية.

 

 

واذا كان البعض بنى على هذا الامر لاستخلاص ما يقول انه معطيات ايجابية ومتفائلة ، فان ما اعلن ويعلن من مواقف على اختلاف ضفاف الانقسام اللبناني المتصاعد ، يدحض هذا الاعتقاد ، ويشير بوضوح الى ان ما فعله ويفعله لودريان على حد تعبير سياسي مخضرم هو الهروب الى الامام ، لتجنب اعلان فشله وفشل بلاده في الدفع نحو تسوية بات لبنان بحاجة ماسة لها اليوم اكثر من اي وقت مضى.وما قام به بخصوص بري هو التمترس خلف دعوته لا اكثر ولا اقل من اجل ايجاد المبررات التي يريد استخدامها للقول بانه لم يوفق في مهمته  او مساعيه.

 

اما الكلام عن عودته الى لبنان قريباً لاستكمال ما بدأه ، فهو يشبه كما يضيف السياسي نفسه الودائع المالية في المصارف اللبنانية ، اي انها مجرد ارقام ولا قيمة او ملاءة فعلية لها ، بعد الازمة التي اصابت البلاد وقطاعه المصرفي واوضاعه المالية والاقتصادية.

 

 

ومعنى ذلك ان عودته لن يكون لها النتائج المرجوة طالما بقي المشهد في الاقليم غير واضح المعالم بعد حتى الان ولم تتبلور صورة ما ستكون عليه المعادلات في مرحلة انتقالية يشهدها العالم ومن ضمنه المنطقة.

الكل كان ينتظر من لودريان عقد لقاء حواري او تشاوري كان دعا اليه ، وقد ارجئ هذا اللقاء الى زيارته الرابعة الى بيروت والقابلة للتأجيل في حال لم تتوافر الظروف المناسبة لعقد اللقاء والضمانات لامكان نجاحه.

 

والامر نفسه يسري على دعوة بري للحوار وفق معلومات "الشراع" . فرئيس مجلس النواب لن يدعو الى الحوار الذي دعا الى اجرائه لمدة سبعة ايام تمهيدا لعقد جلسات متتالية للمجلس لانتخاب رئيس، الا بعد  عودة لودريان التي تحدث عنها الاخير في زيارته الاخيرة. علماً انه كان لافتاً ان الموفد الفرنسي تحدث عن تبني دعوة بري واستعداد بلاده للمساعدة بما تستطيع تقديم المساعدة فيه سعياً لانجاحها.

وبالطبع فان المسالة لم تعد محصورة بمجرد عقد حوار او عدم عقده ، سواء دعا اليه لودريان او بري. فقد صارت المسألة ابعد من ذلك وتتصل بما هو مخبأ او مكتوم  وراء الاكمة .

 

 

وما هو مكتوم ومخبأ يشير اليه بوضوح تبادل التصعيد الداخلي وذهاب البعض وعلى رأسهم رئيس حزب القوات سمير جعجع الى مكان قطع فيه الخط "امام اي رجعة " ليرد بذلك ربما على الذين يراهنون على تبدل موقفه من مرشح من يسميه محور الممانعة ، كما فعل قبل نحو سبع سنوات حين اقدم على تغيير موقفه وتبنى ترشيح ميشال عون من خلال تفاهم معراب ، ومتجاوزًا يومها حليفه الرئيس سعد الحريري الذي شارك مع نواب تكتله في 50 جلسة لانتخاب رئيس واقترع لجعجع الذي كان يومها مرشحاً لرئاسة الجمهورية.

 

 

ومع اصرار ثنائي حركة امل وحزب الله على التمسك بترشيح سليمان فرنجية ، وتوالي المعلومات حول اكثر من لقاء عقد واكد فيه مسؤولو الثنائي رفض اي خيار ثالث والمضي بترشيح زعيم المردة مهما طال الوقت او قصر، فان الكباش الداخلي و لعبة عض الاصابع يتصدران المشهد ، وكأن البلاد تشهد جولات لا يتم حسمها بضربة قاضية بل بالنقاط على طريقة لعبة الملاكمة . من دون ان يعني ذلك ان لحظة توجيه الضربة القاضية لن تحصل في اي وقت اذا كان مثل هذا الامر متاحاً. علماً ان بعض المتشائمين يرون ان لعبة تقاذف المسؤولية عما يجري وعدم اجراء الانتخابات الرئاسية من الامور المدبرة وان الذين يعطلون الانتخابات يتعمدون ادخال البلاد في الفراغ ثم الفراغ ثم الفراغ لغايات في نفس يعقوب ، وهم بالتالي يتبادلون الادوار طالما ان هدفهم المشترك  يتحقق وهو اغراق البلاد في حالة الفراغ.

 

 

واذا كان هذا التوصيف ينطوي في بعض جوانبه على المبالغة  في اتهام بعض الجهات السياسية الحزبية التي تريد فعلا انتخاب رئيس للجمهورية ،الا ان الواقع بسوداويته ومرارته ليس صناعة لبنانية فقط  ، بل هو صناعة جنسيات عديدة ، لم تفرج بعد عن كلمة السر الموعودة التي ينتظرها لبنان كل ست سنوات عندما يتم انتخاب رئيس للجمهورية.

ومهما حاولت   الدول المؤثرة في لبنان وفي مقدمتها الولايات المتحدة ابعاد مسؤولية ما يجري عن سياساتها او وضع الكرة في ملعب اللبنانيين لاختيار رئيس ، فان القاصي والداني بات مدركا لحقيقة ما يدور من صراعات وما تحمله من انعكاسات على الوضع في لبنان.

وبكلمات مختصرة ، يقول مسؤول بارز انه لو كان الغطاء الاميركي متوافراًللموفد الفرنسي لما اصاب تحركه ما اصابه مثلما اصاب من قبله لجنة المستشارين الفرنسيين الذين تولوا العمل قبله على التحرك من اجل انجاز الانتخابات الرئاسية .

ولو كان هذا الغطاء الاميركي متوافرا لكان نجح لودريان منذ زيارته الاولى في لبنان ولم يكن بحاجة للتمويه من خلال تكرار زيارته للحديث عن استمرار المبادرة الفرنسية. والكلام للمسؤول نفسه .

ولذلك كله ،فان الشغور الرئاسي الذي ينهي عامه الاول اخر الشهر المقبل، مرشح للاستمرار اكثر فاكثر لان المطلوب في هذه الفترة الفراغ ولا شيء غيره، بانتظار تبلور صورة المعادلات المقبلة في المنطقة وربما العالم.