كانت الشراع اهم وسيلة اعلامية تابعت قضية المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة مجرما الحرب بنيامين نتنياهو ويؤآف غلانت، وهذا نموذج مما نشر سابقاً
الشراع 21 تشرين الثاني 2024
عندما يتجرأ كريم خان على
طلب معاملة نتنياهو كمجرم حرب / باريس من اريك مسرة
الشراع 16 ايلول 2024
—في ال٢٠من شهر آيار الماضي, طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان من قضاة المحكمة إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس
وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو ،ووزير الدفاع يواف غالانت ،بالإضافة لثلاثة من قادة حركة حماس.( الراحل إسماعيل هنية ، )وخليفته في رئاسة حركة حماس يحيى السنوار والقائد الميداني محمد الضيف .
هذا القرار شكل في نظر الكثير من المحللين ،المعروفين بجديتهم، سابقة تاريخيّة فريدة ،وأكد امراً لم يكن أحد يتوقعه ،وهو انه لا مكان بعد الان لدولة فوق القانون، وان سياسة اعفاء البعض ،اياً كانوا ،من العقاب قد ولّت الى غير رجعة .
إذا كان قرار المدعي العام قد أعاد للمحكمة مصداقيتها من جديد ،فانه
أثار في الوقت نفسه موجة غضب وردود فعل عنيفه وصادمة،تعكس الى حد بعيد غطرسة أصحابها.
فقد صرح نتنياهو بأنه يرفض باشمئزاز وضع إسرائيل، وهي دولة ديمقراطية ، على قدم المساواة مع حماس وهي مجموعة من "مرتكبي المجازر الجماعية ".
ومن جانبه وصف الرئيس
الاميركي جو بايدن قرار كريم خان بانه "وقح إذ لا يمكن المساواة بين إسرائيل وحماس !!وسنبقى دائما إلى جانب إسرائيل".
اماً وزير خارجيته انتوني بلينكن ،فقد وصف قرار مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بأنه "وصمة عار"وان حماس
وهي منظمة ارعابية
"ارتكبت أبشع مجزرة بحق اليهود منذ المحرقة النازية".
اما فرنسا فقد فاجأت الجميع بدعمها قرار المحكمة الدولية واستقلالها ونضالها من اجل وضع حد للإفلات من العقاب.
لقد ايقنت الدول الصديقة لإسرائيل والتي تدعم حرب الإبادة التي تشنها هذه ألأخيرة على فلسطينيي
غزة انها عاجزة عن أقناع كريم خان أو إجباره
على التراجع عن قراره. لا سيما أنه ندد قبل ذلك بالتهديدات التي تتعرض لها المحكمة وموظفيها بهدف منعها من تأدية
واجباتها، وذكر أنها جنحة
يعاقب عليها القانون بالسجن مدة ٥ سنوات.
كما أنه ذكر "بأن القانون الدولي الأنساني
يفرض احترام معايير محددة في الحرب ، ويدعو
لتطبيقها بصورة غير منحازة على كافة الأطراف ، وبهذا نستطيع أن نثبت عملياً ان حياة كلّ الناس متساوية «
وهنا نستنتج أن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية قرر صراحة أن يثبت أنه في
"الملف الأكثر حساسية في تاريخ المحكمة (لأنه يتعرض لإسرائيل ،كما تشير صحيفة لو موند
الفرنسية) " لا مجال ،من الآن وصاعداً لسياسة الإفلات من العقاب أو
الكيل بمكيالين ، وأن
المحكمة لم تنشأ لمحاكمة الأفارقة أو "الوغد " فلاديمير بوتين فقط ،بل كلّ المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الأنسانية اياً كان جنسهم أو دينهم أو لون بشرتهم ."
أمام تصميم مدعي عام المحكمة الجنائية ،وجدت الدول الصديقة لإسرائيل
مكرهة على الاكتفاء باستخدام الإمكانات التي
تتيحها المحكمة للتدخل
بهدف ، إما تأجيل إصدار التوقيف إلى ابعد حدّ ممكن من جهة،أو الطعن بحقّ المحكمة بمقاضاة مواطني الدولة المعنية( أي إسرائيل) من جهة ثانية .
—الإمكانية الأولى :هي التدخل في القضية المرفوعة بصفة " صديق
للمحكمة "بهدف مساعدتها على تجاوز بعض الأخطاء القانونية.
— الإمكانية الثانية: تعتمد على مبدأ "التكامل"(
Complémentarité)
وهو يقضي بأن المحكمة لا تتدخل إلا في نهاية المطاف، أي في حال رفض الدولة المعنية محاكمة مواطنيها المتورطين في جرائم حرب أو جرائم ضد الأنسانية ، أو
عدم قدرتها فعلياً على تنفيذ هذه المهمة.
—بعد قرار كريم خان بثلاثة
أسابيع قررت الحكومة البريطانية التدخل بصفتها
"صديق للمحكمة "بهدف مساعدة القضاة على تجنب اتخاذ قرارات تخالف القانون، مدعية ان
"اتفاقيات أوسلو " الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لاتسمح لهذه الأخيرة بملاحقة مواطني إسرائيل أمام القضاء.وهذا يعني بأن قبول دعوى السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل هو انتهاك لاتفاقيات أوسلو.
إن تدخل الحكومة البريطانية، الذي لا يعتمد على أي مبرر قانوني ،اعتبر منذ البداية محاولة صريحة لتأجيل أمكانية إصدار مذكرات توقيف بحق المتهمين الإسرائيليين لأشهر عدة.
( بعد الانتخابات النيابية البريطانية التي فاز بها حزب العمال وتشكيل حكومة جديدة ، قررت هذه الأخيرة سحب الاعتراض على صلاحية
المحكمة).
—من جهتها ,تدخلت الحكومة الألمانية باسم
" مبدأ التكامل " لتطعن بصلاحية المحكمة بإصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين بدعوى أن إسرائيل لها القدرة على محاكمة مواطنيها .
إن اعتراض الحكومة الألمانية هنا هو دليل على دعمها غير المشروط لإسرائيل منذ هجومها على غزة.
كما أنه غير مقنع، كما أشارت صحيفة لو موند
التي أكدت في افتتاحية تحت عنوان:"حرب إسرائيل-حماس :العدالة
الدولية ضد الإفلات من العقاب " هشاشة الحجج الألمانية مذكرةً بأن الجيش
الإسرائيلي يفلت من العقاب منذ عقود من الزمن رغم ممارساته الموثقة بصورة لا شكّ فيها
في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ .
اما فرنسا التي اشرنا أعلاه إلى ترحيبها بقرار المدعي العام كريم خان ودعت إسرائيل إلى احترام القانون الدولي في حربها ضد الفلسطينيين في غزة ، فانها لم تخف رغبتها في الاستمرار بالتواصل مع المتهم بارتكاب جرائم حرب وجراءم ضد الأنسانية بنيامين نتانياهو.
فقد ذكرت مصادر دبلوماسية فرنسية أن نتنياهو اتصل في شهر تموز الماضي بالرئيس أيمانويل ماكرون وطلب منه ان تتدخل فرنسا بصفة "صديقة للمحكمة " فرفض الرئيس الفرنسي الاستجابة لهذا الطلب، ليس لأنه ضد هذا التدخل،
بل لأنه خشي من ان تكون ردة الفعل على ذلك هي اقدام دول أخرى على الاعتراف بدولة فلسطين وهذا في نظره أمر خطير.
اما إبطاء صدور مذكرات التوقيف التي طلبها كريم خان فهو امر لم يقلق الرئيس ماكرون الذي اكد في مقابلة صحافية في شهر حزيران الماضي أن ذلك سيستغرق وقتا طويلاً
وأضاف صراحةً انه " حتى في حال صدور مذكرة توقيف بحق نتنياهو فانه سيستمر بالاتصال به ومقابلته والعمل معه
"لان ذلك حاجة ضرورية لا
غنى عنها "