زوّر بنو إسرائيل التوراة وكذبوا الأنبياء إبراهيم ولوط وإسحق ويعقوب/ عبد الهادي محيسن
الشراع 2 تشرين الأول 2024
إن التاريخ اليهودي وأسفار التوراة التي بأيدي اليهود يدلان على ظهور اضطراب شديد عند اليهود حول فكرة الألوهية ، فالعقل اليهودي لم يقو على فهم الذات الإلهية فهماً سليماً وقد وضع اليهود شرطاً للإيمان بموسى ورسالته ، وهذا الشرط هو طلبهم أن يروّا الله جهرةً ، وكذلك طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلهاً ملموساً محسوساً من الأصنام حتى يعبدوه .
وقد انفرد بنو إسرائيل من بين سائر الأمم بكثرة أنبيائهم يظهر ذلك جلياً في تاريخهم ، وقد وصفهم كثير من أنبيائهم في كتبهم المقدسة بأنهم أبناء الأفاعي وقتلة الأنبياء ، وذلك لغلاظة قلوبهم والسوء الدفين في دخيلتهم ، فكلما حسنت حالهم على يد نبي أو مصلح ثم مات ، ارتدوا الى سوئهم وعصيانهم فاحتاجوا سريعاً الى غيره وهكذا دواليك ، وقد زوّروا في عهدهم القديم ( توراة اليهود ) كتقديم الأضحيات والقرابين وذلك بذبح الآدميين من غير بني إسرائيل ومزج دمائهم بعجين الفطير المقدس لأكلها في الأعياد والأفراح الدينية ، وكذلك اتهامهم فيها الأنبياء بالكذب والغش والخداع ، وأنهم ارتكبوا الكبائر من المعاصي وأن منهم من عبد الأصنام وأمر بعبادتها وكل ذلك افتراء على الأنبياء وكذب وتلفيق .
ومما نسبوه الى أنبيائهم من الأعمال القبيحة التي تتعارض مع الخلق الكريم ما قَصّتهُم توراتهم المزعومة عن ابراهيم وزوجته سارة ، فعندما هجروا بلاد كنعان الى مصر بسبب مجاعة حلت في البلاد ، أوصى ابراهيم زوجته سارة بأن لا تخبر المصريين بأنها زوجته لأنهم سيقتلونه ويستبقوها لهم لما لها من حسن المنظر والجمال والفتنة ، وطلب منها أن تقول أنها أخته .
وعندما رأى المصريون حسن منظرها مدحوها لدى فرعون فعمل على اتخاذها زوجة له وأعطى ابراهيم خيراً كثيراً من الغنم والحمير والعبيد والإماء والأتن والجمال ، ولكن الرب ضرب فرعون بسبب سارة فدعا فرعون ابراهيم وأنّبه ولامه لأنه لم يخبره بأنها زوجته بل كذّب عليه وقال أنها أخته وأعاد فرعون سارة لإبراهيم وأبعده عن بلاده مع كل ما وهبه من قبل .
أما لوط فقد ورد في سفر التكوين أنه بعد تدمير سدوم وعمورية سكن المغارة هو وإبنتاه ، قالت البكر للصغيرة إن أبونا قد شاخ وليس له في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض ، هلم نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً ، فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة وقامت الصغيرة واضطجعت معه ، فحبلت إبنتا لوط من أبيهما فولدت البكر إبناً ودعت إسمه موآب وهو أبو الموآبيين الى اليوم ، والصغيرة أيضاً ولدت إبناً ودعت إسمه عَمّي وهو أبو بني عمّون الى اليوم .
وقد علق إبن حزم على ما جاء في هذه القصة بأنها فضائح وسوآت تقشعر من سماعها جلود المؤمنين بالله تعالى العارفين حقوق الأنبياء ، أما ابن القيّم الجوزية فقد عقب مستنكراً ما نسب الى لوط فهل يجوز لنبي كريم أن يوقعه الله بمثل هذه الفاحشة العظيمة في آخر عمره ثم يذيعها عنه ويحكيها للأمم .
ونسب اليهود في توراتهم الى إسحاق ما نسبوه الى أبيه ابراهيم فقد ورد في سفر التكوين أن إسحق ذهب الى أبي مالك (ملك حرار) عند حدوث جوع في الأرض غير الجوع الذي حصل في أيام ابراهيم ، وعندما سأله أهل البلاد عن امرأته قال لهم أنها أخته وخاف أن يقتلوه لأجلها لأنها كانت جميلة حسنة المظهر ، وعندما نظر ملك الفلسطينيين من الكوة فرأى إسحاق يداعب (رفقة) زوجته ، فدعاه إليه وقال له كيف تقول لي أنها أختك وهي امرأتك ؟ لولا قليل لاضطجع أحد الشعب مع امرأتك فجلبت علينا ذنباً ، ثم وصى جميع الشعب قائلاً من يمس هذا الرجل أو إمرأته فموتاً يموت .
وافترى اليهود على يعقوب أنه مارس الكذب والغش والخداع لينال بركة والده إسحق ، فقد زعموا أن إسحق لما هرم وكلّ نظره دعا إبنه الأكبر عيسو وطلب منه أن يذهب الى الصيد ويطعمه مما يصطاد حتى تباركه نفس إسحاق قبل أن يموت ، وسمعت رفقة زوجة إسحاق كلامه مع عيسو فأخبرت به إبنها يعقوب وأرادت أن تكون البركة له وليس لعيسو فطلبت منه أن ياخذ جديين من المعزى فيذبحهما فتصنع هي طعاماً ويحضر يعقوب هذا الطعام الى أبيه حتى يباركه والده قبل وفاته .
فأجابها أن والده قد يجسه فيعرفه لأنه رجل أملس بينما عيسو رجل أشعر وذلك يجلب عليه اللعنة لا البركة ، ولكن رفقة طمأنته الى أنها ستلبسه ثياب عيسو الفاخرة وتلبس يديه وعنقه جلود جدي المعزى حتى لا يعرفه أبوه ، وعندما أخذ يعقوب الطعام الى والده سأله من أنت يابني ؟ فقال أنا عيسو بكرك وقد فعلت ما أمرتني به وأتيت لك بالطعام من صيدي لكي تباركني ، فقال له والده وكيف حصل لك ذلك بكل هذه السرعة ، فأجابه يعقوب بأن الله قد يسر لي .... فأمر إسحق أن يتقدم ليحسه ويعرف أن كان هو عيسو أم لا وعندما جسّه قال :
الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو وسأله مرة أخرى هل أنت إبني عيسو ؟ فقال يعقوب نعم أنا هو فقال قدم لي الطعام لآكل من صيدك وتباركك نفسي .. وانطلقت الحيلة على إسحق وبارك إبنه يعقوب قائلاً : فليعطك الله من ندى السماء ومن بركة الأرض وكثرة من حنطة وخمر وليستعبد لك شعوب الأرض وتسجد لك القبائل وكن سيداً لإخوتك .
عبد الهادي محيسن .... كاتب وباحث ...