فرنسا سبقت بريطانيا بوعد اليهود بفلسطين وطناً لهم
الإعلامي احمد حازم
الشراع 21 كانون الاول 2024
التاريخ لا يكذب والتاريخ يتحدث عن حدث وقع في العام 1917 كان سبباً في تهجير شعب من أرضه. ففي الثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام، أرسل وزير خارجية بريطانيا في تلك الفترة، آرثر جيمس بلفور، برسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، لتُعرف فيما بعد باسم "وعد بلفور". وبموجب هذه الرسالة منحت الحكومة البريطانية لليهود الحق في تأسيس وطن قومي لهم في فلسطين، وفقًا للمقولة المزيفة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
لكن التاريخ يقول أيضاً ان فرنسا كانت السباقة في وعد اليهود بفلسطين كوطن قومي لهم. ويقول الباحث الباحث يوهانان مانور في المجلة الفرنسية “كيرن إنفو” أنه على عكس ما هو شائع فقد سبقت فرنسا بريطانيا بوعد اليهود بالمساعدة على إنشاء وطن لهم في فلسطين. والدليل على ذلك ان وزير الخارجية الفرنسي جول كامبون بعث برسالة في الرابع من يونيو/حزيران 1917إلى الصهيوني ناحوم سوكولوف أحد زعماء الحركة الصهيونية الذي شغل فيما بعد منصب رئيسالاتحاد الصهيوني العالمي، وقد جاء في مقدمة الرسالة:" لقد شرحتم لي المشروع الذي تكرسون له جهودكم والذي يهدف إلى تطوير الاستعمار الإسرائيلي في فلسطين، أنت تعتقد أنه من العدالة ومن أجل التعويض لليهود ينبغي مساعدتهم وحمايتهم والاعتراف بحقهم في هذه الأرض التي طُرد منها شعب إسرائيل منذ قرون عديدة”.
ولا شك في أن فرنسا بموقفها هذا تعد أول دولة أوروبية تتخذ موقفا رسميا لصالح المشروع الصهيوني، وربما سعت من خلال هذا الموقف إلى أن تحظى بأفضلية السبق في مناصرة اليهود، كونه يأتي بحوالي 5 أشهر قبل وعد بلفور البريطاني
وهل ننسى البيان الذي أصدره ملك فرنسا نابليون بونابرت خلال حملته على مصر سنة 1798 والذي جاء فيه حينها: “إلى ورثة فلسطين الشرعيين أيها الإسرائيليون، أيها الشعب الفريد الذي لم تستطع قوى الطغيان أن تسلبه نسبه ووجوده القومي، وإن كانت قد سلبته أرض الأجداد فقط، يا ورثة فلسطين الشرعيين إن الأمة الفرنسية تدعوكم إلى إرثكم بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء”.
وتؤكد دراسة للباحثة كاثرين نيكولت بعنوان “نهاية الحماية الدينية الفرنسية على القدس” أن فرنسا سبقت بريطانيا بالاهتمام، بل والتموضع في فلسطين، فالوجود الفرنسي في فلسطين استمر قرونًا قبل الانتداب البريطاني لفلسطين، وذلك بموجب اتفاق مع الدولة العثمانية يمنح فرنسا نوعا من الوصاية على كنائس وأديرة المسيحيين اللاتينيين التابعين للإمبراطورية العثمانية في القدس والأماكن التي يوجد بها مسيحيون.
أما الباحث اليهودي يارون هاريل فيؤكد في مقال له بعنوان “الصهيونية والمنفى” أن الصهاينة كانوا قلة قبل الحرب العالمية الأولى ولم يحلم غالبية اليهود بدولة يهودية مستقلة، لكن في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر بدأت الحركة الصهيونية في التنامي مطالبة بإنشاء موطن مستقل لليهود .وجرت لهذا الغرض مفاوضات بين قادة الحركة الصهيونية والدولة العثمانية حول إمكانية السماح بتنظيم هجرات يهودية إلى فلسطين، لكن السلطات العثمانية رفضت الأمر بشكل قاطع وظلت تقف بشدة في وجه المحاولات الصهيونية المتكررة للاستيطان في فلسطين.