جرحك يا وطني من غير ضماد / كتب: عمر شبلي
الشراع 1 تشرين الثاني 2024
عندما يتسع الجرح يخجل منه الضماد لعجزه عن الإحاطة بمدى الجرح وعمق مراميه
وعندما يفتقر الضماد إلى يد تلفُّه حول الجرح يحاول الجرح أن يضمد نفسه بالدم النازف منه. فما أجمل النزيف الذي يتحوّل ضماداً لجرحه الصادق في أزمنة الجراح الكاذبة. وما أكثر الجراح الكاذبة فينا.
ليس كل ضماد يقبله جرحك ياوطني،
من شروط الضماد أن يكون نظيفاً،، ونظافة الضماد تظهر بالتئام الجرح. وإن لم يبرأ الجرحُ يكن الضماد متَّهَماً.
ولايجوز في المحنة أن نقول: "إنّ البقرَ تشابهَ علينا" كما قال بنو إسرائيل لموسى.
إن جراحك يا وطني لا تتشابه علينا. وضوحها لا يغطي كذب الذين راسلوا هرقل ملك الروم ليقاتل معهم في صفِّين تتكرر دائما. آن لنا أن يكون الفرات ماء لعلي ومعاوية لقتال روم كل عصر . علي عليٍّ ومعاوية اليوم أن يقرأ كل واحد منهم قول المتنبي:
وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ
فعلى أيّ جانبيْكَ تميلُ
ما الذي عنده تُدارُ المنايا
كالذي عنده تُدارُ الشمولُ
ياوطني، جرحك يبدأ منّا وفينا من ترجّينا أبرهة ليعطينا الجِمال بمفاوضات، وليس بسيف محمد وتاريخية مؤتة،
اليوم نحن جميعاً يا وطني نصلي وراء مسيلمة الكذاب ونطلب منه أن ينصرنا، وما زلنا نتراشق بالجهل التاريخي حتى لكأننا ما زلنا هناك. لا بد من إعادة كتابة تاريخنا ناسخاً ومنسوخاً، لا بد من إحراق الكتب التي ما زالت تحصر الله وتُسكِنه في جغرافية المذهب والطائفة، لا بد من عقد مصالحة عميقة بين المسلم والمسيحي وبين علي ومعاوية. وليكن قولنا : "تلك أمة قد خلتْ"
علينا اليوم أن نؤمنَ بنُبِوَّة لبنان. ونؤمن أن قيامته حتمية تاريخية. إنه يمتلك صفات النبوة بعصيانه على الزوال. قرأت لميخائيل نعيمة أنّ مقاطع من كتاب النبي لجبران خليل جبران كانت تُرَتَّل في كنيسة أمريكية، وهذا يعني أنها كانت تعتبره كتاباً مقدَّساً. لقد كان كتاب النبي صناعة لبنانية في إنسان صنعته بشرّي قبل أن تستعيده لدير مار سركيس حيث ينهزم الموت وتنصر الكلمة.
نحن قتلنا لبنان الرسالة بوثنية الزعيم وقداسة مسيلمة وسجاح. العدو فينا وليس على حدودنا. الصلاة التي ليست تقام بحضور القلب النظيف ليست صلاة والصوم يصبح جوعا وليس عبادة. يجب أن يَؤمَنا في صلاتنا خارجيّ يعرف أن الجهات الست تبدأ من عدالة محمية بقوة ومن حق الإنسان في أن يكون إنساناً خارج الوصاية وخارج طاعة وليِّ الأمر الكذاب.
لن تنتصر الحياة حتى يظهر فينا اليقين.
عشت ياوطني وأتمنى أن أكون جزءاً من ضمادك رغم دخولي في الثمانين.
عمر شبلي/ 31/10/2024