الخلفية الحقيقية لعملية اقتحام الأمن الفلسطيني جنين / كتب احمد حازم
الشراع 19 كانون الاول 2024
قبل الحديث عن دعم الإدارة الأمريكية وموافقتها على عملية اقتحام جنين من قبل أجهزة أمن محمود عباس، من المفيد جداً أن يعرف القاريء أن أمريكا هي التي جلبت محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية. اسمعوا الحكاية على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس:
في العام 20912 أصدرت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كونداليزا رايس كتاباً يتضمن مذكراتها بعنوان No Higher Honor: A Memoir of My Years in Washington والذي يقع في 784 صفحة، تتحدث فيه عن تجربتها عندما كانت في مجلس الامن القومي الأمريكي والخارجية الأمريكية، وعن موضوعات الشرق الأوسط وغيرها من المواضيع. ولكن ما يهمنا هنا ما ذكرته رايس في الكتاب عن علاقة رئيس سلطة التنسيق الأمني بالولايات المتحدة وكيفية تعيينه..
تقول رايس : " بعد سقوط صدام حسين تزايد الضغط الهائل على عرفات.، وكان من شأن اصدار القانون الاساسي وتعيين الزعيم المعتدل محمود عباس رئيسا للوزراء ان حظي بترحيب عالمي واسع لان هذا التعيين يمثل خطوة حقيقية للامام"( صفحة 255) ثم تشرح رايس سرور الرئيس بوش بهذا التغير وكيف حضر عباس (وليس عرفات مؤتمر شرم الشيخ) وكان المؤتمر دعما لعباس(ص256 ).
تقول رايس في الصفحتين (340-341) " كنا تواقين (انا والرئيس) للانتخابات القادمة لرئيس فلسطيني جديد يتوقع ان يكون محمود عباس الذي نفضله نحن الاثنين وفي الصفحة 386 تقول " اصبح للفلسطينيين قائد جديد محترم" أما في صفحة 385 فتقول بعد الاشارة لانتخاب عباس رئيسا أن" عباس في كلامه لا يستخدم لفظ المقاومة والانتفاضة".
الجيش الصهيوتني يواصل اقتحام بلدات في شمال الضفة الغربية ووسطها وجنوبها، والتوتر يسود مدينةجنين ومخيمها، في مواجهات مستمرة لليوم الثاني عشر على التوالي، بين أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وفصائل مسلحة،.
العملية التي تنفذها أجهزة الأمن الفلسطينية في جنين ومخيمها والتي تحمل السم "حماية وطن" لاقت استحسان أمريكا ولذلك سارعت الإدارة الأمريكية في التفكير في مكافأة عباس على ما قامت به أجهزته الأمنية ضد أبناء جلدتهم. فقد ذكر موقع "اكسيوس" نقلاً عن مسئولين فلسطينيين وامريكيين وصهاينة، أن الإدارة الأمريكية طلبت من الكيان الصهيوني الموافقة على مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية.
كل شيء في مربع رام الله يتحرك سياسياً وأمنيا بضوء أخضر أمريكي. والدليل على ذلك، وحسب موقع "إكسيوس" قام مساعدو الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإطلاع إدارة بايدن ومستشاري الرئيس المنتخب دونالد ترامب مسبقًا على عملية "حماية وطن". حتى منسق الأمن الأمريكي الجنرال مايك فينزل التقى برؤساء الأمن الفلسطينيين قبل العملية لمراجعة تخطيطهم وإن السلطة الفلسطينية أعطت فينزل قائمة بالمعدات والذخيرة التي تحتاجها قوات الأمن الفلسطينية بشكل عاجل.
بدون شك يوجد سبب في غاية الأهمية لعملية اقتحام جنين من قبل أجهزة أمن محمود عباس: الحديث يدور عن دور للسلطة في غزة. لكن هذا الدور مشروط باستعادة السلطة سيطرتها على جنين، كي تتأهل للقيام بدورها في غزة. بمعنى يوجد ربط بين سعي السلطة الفلسطينية إلى إدارة غزة وبين الحملة على جنين، ولذلك فإن عملية "حماية وطن"، التي تنفذها قوات الأمن تشكل لحظة حاسمة بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية.
الأمر المضحك أن عملية الاقتحام التي قامت بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحمل اسم "حماية وطن" لكن لم يقل لنا عباس اي وطن يريد حمايته؟ فهل المقصود السلطة الفلسطينية أم إسرائيل