بيروت | Clouds 28.7 c

مزيد من الإستشراف جنوباً / العميد غسان عزالدين

 


مزيد من الإستشراف جنوباً 
العميد غسان عزالدين 

الشراع 9 تشرين الأول 2024

 

إتصل بي مساء امس احد رفاق دورتي معترضاً ومحاولاً محاججتي 
حول الفكرة التي ما برحت مستمسكاً بها ولا أسقطها من مقالاتي المتتالية التي تقول :
ان لا اجتياحاً للبنان  ولا هجوماً ساحقا ماحقاً من اسرائيل على ايران ..
شرحت له وجهة نظري التي ضمّنتها  
في متن مقالاتي التي دأبت على كتابتها منذ اليوم الذي تلا انطلاق طوفان الأقصى منها ما نُشر ومنها ما لم يُنشر …
اذا كتبت فقط للتعبير عن افكاري 
ولا غرض آخر يشغل بالي من قبيل اقناع الآخر لأنني واثق ان ادمغتنا في لبنان وفي هذا المشرق الكبير هي ادمغة جلمودية كصخر الصوّان وحالنا كحال جماعة الإيمان الأعمى اصحاب الشعار المقدس :
" عنزة ولو طارت " !!! لذلك وجدت ضالتي في عنوان لسلسلة مقالات نشرها شهيد الصحافة كامل مروة في صحيفته " الحياة  " قبل اغتياله عام ١٩٦٦  وكان " قل كلمتك وامشِ" … 
قبل ان اشدد مرة اخرى على استبعاد فكرة الاجتياح الشامل اتمنى على القراء  الإعزاء وخاصة العسكريين منهم  وبالأخص صديقي ورفيق دورتي الذي يخالفني الرأي (ويصر بأن الاجتياح قادم ) ان يقوموا بخطوتين :
الأولى :
بالعودة  الى تفاصيل الاجتياح الاسرائيلي الجزئي عام ١٩٧٨ والإجتياح الشامل عام ١٩٨٢ 
واجراء مقارنات بين ما حصل يومها وما يحصل اليوم  من كافة النواحي وتحديداً من لحظة انطلاق كل من الإجتياحين .

الثانية : 
اللجؤ الى خريطة تلحظ تضاريس الأراضي المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة .. رجاءً افلشوا 
الخريطة وارسموا خط المرتفعات 
اللبنانية التي تشكل بلدة مارون الرأس قلبه .. وهي البلدة التي ترتفع حوالي الف متر عن سطح البحر وتنكشف من قممها اراضي سهلي الحولة وطبريا وكافة المستعمرات اليهودية في سهل سفلي منبسط حتى الأديم !!! من يتمركز هناك بمقدوره ان يحصي كل حركات وسكنات وتنقلات المستعمرين اليهود اسفله .. هو في قلعته فوق 
وهم في ارض منخفضة لا تتمتع بإية ميزة استراتيجية او تكتية .. وتكون له اليد العليا وهذه كانت حال مقاتلي حزب الله .
ويستطيع المتمركز على تلك القمم مراقبة كل النشاط البشري على انواعه من قضاء صيدا الى قضاء النبطية الى قضاء بنت جبيل .
قمم مارون الرأس واخواتها تمنح من يسيطر عليها   ميزة عسكرية مطلقة .

قلتها بكلام وشرح مستفيضين بعيداً من الإنشائيات والبيان والزخرف واعيد التشديد عليها من جديد :
ان سير المواجهات العسكرية البرية الحالية بين المقاومين والعدو لا تعطي اي انطباع انها بداية لإجتياح واسع النطاق واليكم بعض المؤشرات :
اولاً :
الوحدات العدوة المنخرطة في القتال محدودة في العدد والحجم .
ثانياً :
لو هنالك نية بإجتياح كبير لشاهدنا تشكيلات هجومية كثيفة من لفائف المشاة والمدرعات بينما نستنتج من الفيديوهات ان مع كل مجموعة من مشاة العدو تكون هنالك فصيلة دبابات واحياناً مجرد دبابتين فقط تكون مهمتها دعم المشاة بالنيران المباشرة لتسهيل مهمتهم في البحث والتأكد من خلو البقعة من رجال المقاومة .
ثالثاً :
ان العقيدة القتالية الاسرائيلية تقوم على فكرتي التحشيد والهجوم الصاعق والسريع .
تكون المدرعات رأس السهم في كافة العمليات الهجومية حتى في مناطق التضاريس الصعبة وعادة ما يدفع العدو بأعداد كبيرة من دباباته 
لتنفيذ الخرق في جهازية الخصم وتنفيذ حركات الإلتفاف نحو الخاصرة والمؤخرة وبهذا يتجسد عنصري التحشيد المدرع وسرعة التنفيذ واستثمار ذلك بحيث لا يُسمح للخصم ان يلتقط انفاسه 
وهذا ما فعله العدو اثناء اجتياحاته 
السابقة ولا يفعله اليوم ابداً .
رابعاً :
مضى حوالي عشرة ايام على بداية توغل العدو وهذا يؤكد انه لو كانت لديه خطة لإجتياح شامل لدفع بفرقتين او ثلاث على الأقل منذ اليوم الأول وهذا لم يحصل ابداً وهذا يجافي مبدأه الثابت منذ عام ١٩٤٨ القائم على الحرب الخاطفة .
خامساً :
اكرر انه لا يمكن القيام بهجوم إجتياحي بكتيبة او كتيبتين واذكر ان العدو دفع بخمسين الف جندي والف دبابة والية مدرعة عبر عشرات المعابر الرئيسية والثانوية خلال الساعات الأولى لإجتياح عام ١٩٨٢ رافق ذلك عمليات مجوقلة في عمق الأراضي اللبنانية وابرارات بحرية .. هذا ما يمكن ان نطلق عليه مناورة هجومية كبرى هدفها احتلال كامل .
سادساً :
من يراجع الفيديوهات يلاحظ بسهولة ان مشاة العدو يتمركزون داخل القرى دفاعياً وينصبون قواعد الصواريخ المضادة للدروع والتحصينات اي يثبتون مزاحف صواريخ التاو Tow الاميركية الصنع على قوائم ( سيبة ) مزروعة في الأرض اي يتمركزون دفاعياً بعد السيطرة على احدى القمم بينما كنا نرى مزاحف الصواريخ نفسها مثبتة على عربات المشاة المدرعة والمجنزرة اي تلك التي تنفذ مناورة الهجوم او خطة التحرك  وزرعها في الأرض يِظهر نوايا دفاعية بحتة .
لا شيء يحصل اليوم يشبه اجتياح العام ١٩٨٢  وسبق وكتبت ثلاث مرات خلال الاسبوع الفائت  ان هدف العدو هو احتلال المرتفعات ويمكن ان نستنتج من ذلك انه إسقاط للقرار ١٧٠١ وبالتالي يكون يعمل الى دفع حزب الله للتلهي بمشاكل البلد 
الداخلية ويضمن سلامة مستعمراته والهدؤ لعقد من الزمن على الأقل . بنتيجة عدوانه عام ٢٠٠٦ 
صدر القرار ١٧٠١ الذي منح مستوطني اسرائيل سلاماً جدياً لسبعة عشر عاماً واليوم كم هي المدة التي سيمنحه اياها القرار الدولي العتيد الذي سيصدره مجلس الأمن بعد الأنتخابات الاميركية في الخامس من الشهر القادم ؟؟
وفي الختام ارجو من كل من يوافقني او يخالفني الرأي فتح خريطة جبل عامل تلحظ كافة التضاريس ومناسب الأرض وخِيفها فلربما يدرك مرامي العدو التي احاول جاهداً تسليط الضؤ عليها منذ فترة .
ليس هذا سوى تحليل مبني على معرفتي بالعقيدة الحربية الإسرائيلية 
والشواهد والتجارب التي تعلمناها .
ملاحظة : 
مناسب الارض : هي الخطوط التي نراها على الخريطة وتكون مؤشراً لإنحدار الارض او زوايا الانحناء وتُحدد المسافة بين المنسب والآخر عادة في اسفل الخريطة .
اما خِيف الارض : فهي كلمة عسكرية تقنية تعني دراسة سطح او ارض بقعة العمليات .