بيروت | Clouds 28.7 c

مساحة حرة : هل ستقوم الحرب يوم الاثنين، بحال لم تنسحب اسرائيل؟ بقلم : ناجي أمّهز



مساحة حرة : هل ستقوم الحرب يوم الاثنين، بحال لم تنسحب اسرائيل؟

بقلم : ناجي أمّهز

الشراع 25 كانون الثاني 2025

 

يبدو أن أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم قد نجح في حشر الجميع في الزاوية، لا سيما الدول الراعية لتطبيق القرار 1701. كما أنه أحرج القوى الداخلية اللبنانية التي تعوّل على أمريكا وقرارات الأمم المتحدة، لأنها ستكون في وضع مأزوم للغاية، خصوصا على المستوى الشعبي الشيعي في الجنوب، حيث يعتقدون أن لا شيء يحميهم من الاعتداءات الإسرائيلية إلا سلاح المقاومة.

بحال لم تخرج إسرائيل، سيصرخ الجميع: تبا لغباء حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، فإنها تمنح الذرائع لاستمرار سلاح حزب الله. ولكن، هل هذا ما يريده حزب الله حقًا؟ 

فالكثير من المحللين الدوليين يرون أن عدم انسحاب إسرائيل قد يقوض من موقفها الدولي، ولكن في الوقت نفسه، يمكن أن يستخدمه حزب الله لتعزيز نفوذه المحلي من خلال توكيد ضرورة سلاح المقاومة.

كماانه في الداخل اللبناني ، وعلى الرغم من وجود آراء مختلفة حول سلاح حزب الله، الا ان عدم انسحاب اسرائيل في الوقت المحدد، سيقطع الطريق على بعض الأحزاب التي ترى فيه تهديدًا للسلام الداخلي، وسيعزز موقف المؤيدين لسلاح حزب الله كونه ضرورة سيادية وشعبية للدفاع عن البلاد ،خصوصا عند ابناء الجنوب والقرى الحدودية مع فلسطين المحتلة..

بمعنى اوضح ان بقاء احتلال اسرائيل لجزء من لبنان، سيفرض على الحكومة القادمة ان تلحظ في بيانها حق الشعب اللبناني بالمقاومة، مما يعني بان بقاء اسرائيل بقاء معادلة المقاومة في البيان الوزاري.
 
لذلك حزب الله غير مستعجل لإخراج الإسرائيلي، حزب الله ملتزم بما تم الاتفاق عليه، فليتفضل الابطال رعاة تطبيق القرار 1701 باخراج الاسرائيلي كما وعدوا عندما تبنوا القرار الدولي.

وإن كان البعض يفرُك يديه ،معتقدًا أن الحزب جماعة من السذّج، وأنه مع مرور الستين يومًا سيندفعون كالفايكينغ هاتفين شيعة شعية حاملين فؤوسهم وسيهجمون لإخراج الإسرائيلي. 

هؤلاء الذين تاثروا ببعض الابواق الاعلامية، عليهم الانتظار طويلا لانه على ما يبدو أن حزب الله يتبنى استراتيجية الانتظار والرصد، وغير ًمعني بكل هذا الضجيج من دون طحين، أو التعويل على قرارات أمريكا وفرنسا والأمم المتحدة التي ليست إلا "طبخة بحص" لن تستوي ولا تؤكل.

قبل قرار وقف اطلاق النار كان حزب الله والشيعة رهينة في يد اسرائيل، اليوم اسرائيل هي رهينة حزب الله، وما حصل سابقا بعد القرار 425 عندما لم تنسحب إسرائيل من جنوب لبنان، هو اليوم سيتكرر بحال لم تطبق اسرائيل القرار 1701 ،وكما كان عام 2000 هو قمة صعود نجم حزب الله فانه بالايام القادمة ايضا سيتكرر هذا الصعود، مما يؤدى إلى تحسين موقف حزب الله الداخلي والدولي.

لذلك حزب الله سيقول لكم: تفضلوا، أخرجوا إسرائيل من جنوب لبنان، بل سيقول لكم خذوا وقتكم وتنقلوا بين عواصم الدول لنرى ماذا سيحصل، وسيشاهدكم وأنتم مرتبكون تتخبطون ببعضكم، لا تعرفون ماذا تفعلون ولا إلى أين تذهبون. 

كما ان أجمل شيء قد يحصل هو أن يعلن الكيان الإسرائيلي بناء مستوطنات في الجنوب، مما سيجعل كل الذين طالبوا بنزع سلاح حزب الله في وضع لا يحسدون عليه شعبيا وسياسيا.

لذلك لا أخفيكم سرًا، فان كثرة هبوط الملائكة على لبنان ،هو من كثرة دعاء البعض والصلاة كي تخرج إسرائيل من جنوب لبنان ومزارع شبعا، لأنه يعرف أن بقاءها  يعني علة بقاء سلاح حزب الله.

حزب الله اليوم على المستوى السياسي نجح، وربما لأول مرة، في تقديم نموذج رائع في المعادلة الدولية والداخلية. فقد رمى الكرة في الملعب الدولي، كما جعل جمهوره وخصومه يشاهدون هذه المباراة التي أصبحت محسومة. 

إذا خرج الإسرائيلي، فإن حزب الله يستطيع القول انه قوة قادرة على إجبار إسرائيل على التزام القرارات الدولية.
وإن لم يخرج الإسرائيلي، فانتصار حزب الله يكون في إثبات أن السلاح ضروري للدفاع عن البلد.

أما ما يُسمع عبر الإعلام من بعض الأصوات التي تُحسب نفسها على المقاومة ،والتي تزبد وترعد وتتوعد أنه بحال لم تنسحب إسرائيل بعد قضاء المهلة فإن حزب الله سيبدأ بالحرب، فإن لا علاقة لحزب الله فيها ولا بتصريحاتها، لأنها اجتهادات فردية غير مبنية على أي معطيات دقيقة.

كما الحديث عن أن حزب الله طالب بضمانات وحصل على ضمانات ويعوّل على ضمانات، هذا الكلام أبدًا غير دقيق، ولا يتطابق مع الواقع. 
أصلاً بحال اعلن حزب الله انه بحاجة لضمانات يعني انه اصبح ضعيفاً ومهزوماً ، حزب الله لا يقبل بأن يطالب بضمانات كما يتحدث البعض من المتوهمين ،بأن حزب الله التقى مع فلان وقال له أريد ضمانات أن يحصل كذا ولا يحصل كذا. هذا الكلام الذي يتحدث فيه بعض الإعلاميين الذين يروّجون لمثل هذه المزاعم على إعلام المقاومة ووسائل التواصل الاجتماعي لا أساس له من الصحة أبدًا.

حزب الله مكون سياسي أساسي ،له شعبيته ونوابه وحضوره، وهو يمثل الطائفة الشيعية، وكما لبقية الطوائف حقوق وعليها واجبات، فإن الشيعة لهم حقوق وعليهم واجبات، وهذا الأمر لا يحتاج إلى ضمانات. من يخرج عن الإجماع يخرج عن الدستور.

أما الحديث عن الربح والخسارة، وأن حزب الله خسر، فهذا الكلام هراء وتخريف. حزب الله لم يكن يلعب مباراة كرة قدم وهُزم، أو أنه خسر في البرلمان وأصبح خارج المعادلة السياسية.

حزب الله كان يقاتل إسرائيل دفاعًا عن القدس، دفاعًا عن حماس، دفاعًا عن أي شيء تريدون تسميته، سموه. لكن كان يقاتل إسرائيل. إسرائيل التي احتلت خلال ساعات قليلة على قدر مساحة لبنان في سورية من دون أن تُطلق عليها رصاصة أو يُرمى عليها حجر. إسرائيل التي اجتاحت غزة التي تعادل قضاء في لبنان، وحولتها إلى ركام وقتلت وجرحت أكثر من مائة وخمسين ألف شخص.

بالمقابل اسرائيل خلال اشهر لم تستطيع ان تحتل بضعة امتار ،عندما كان جنود حزب الله يقاومونها.

"نعم، حزب الله سابقًا وربما بسبب المقدرات غير المسبوقة التي كان يتمتع بها، كان يتعالى كثيرًا عن بعض الأخطاء السياسية والإعلامية، وخصوصا الشعور بأن شخصية ووهج  السيد نصرالله، رضوان الله تعالى عليه، قادرة على إصلاح هذه الأخطاء التي كانت تُرتكب في السياسة والإعلام، مما جعل حزب الله يخسر كثيرًا في السياسة والإعلام.

اما اليوم فان كل شيء اختلف.

لذلك كل من يعول على عودة الحرب، عليه ان يراجع حساباته.

والسلام
ناجي علي امهز
25- 1 - 2025