فلنردع نار الفتنة
القاضي د. محمد نقري
الشراع 14 كانون الأول 2024
ربما يتناقل بعض الأشخاص من طائفتنا - أهل السنة والجماعة - عن حسن نية الإشادة بمعاوية وابنه يزيد مناكفة للشيعة حتى خشيت ان اسمع عن "طابور خامس" يظهر في هذه الفترة ليكيل اللعن والشتم بإمامنا الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين سلام الله عليهم أجمعين. ايها المثير للفتن سنيّاً كنت أم شيعياً ، الذي ملأت قلبك ضغينة على الآخر، ربما لعذر أبديته بأنك تبادله الشعور نحوك ،أو ربما لما تحدث به بعضهم بسوء عن معتقدات طائفتك، ارتق بفكرك ونقّ قلبك قبل أن تهاجم وتنتقد وتزرع الحقد في قلوب الآخرين : أهل السنة - اذا كنت تنتمي اليهم - اجتمعوا في حقبات التاريخ على مقولة واحدة : " تلك دماء طهر الله منها سيوفنا أفلا نطهر منها السنتنا" ؟أهل السنة والجماعة من أي مشرب كانوا يؤمنون بأن الأحداث والفتن التي عصفت لفترات طويلة بالعالم الإسلامي ،سواء بموضوع خلافة النبي - صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله - عن طريق الشورى أو الوصية هي أمور أصبحت وراءنا ونترك الحكم فيها لله تعالى، لا نخوض فيها ولا نتناقل كتبها، ولا نتكلم عن أحداثها ولا نستحضر ماضيها ولا نعلق شعاراتها تمايزاً أو طلباً للثأر. وأما إن كنت شيعياً فاعلم بأن الذين قاتلوا أهل البيت الأطهار أصبحوا جيفاً تحت الارض ،وحسابهم عند الله يذيقهم اشد العذاب بما اقترفوه من تدنيس وإهانة وقتل لأهل بيت النبي، واعلم أيضاً بأن الذين انتهت اليهم الخلافة أعطوها حقها وألزموا أنفسهم جميعاً بما كان يراه صواباً الإمام عليٌّ - ربيب بيت النبوة - ، حتى أن الفاروق عمر ابن الخطاب كان يردد قائلاً : " لولا عليّ لهلك عمر". وإن انتهت الخلافة لتصبح ملكاً عضوداً فهي مخالفة لنهج النبي وخلفائه الراشدين. فأين هو الرأي السديد بل وأين هي الحكمة في نبش قصص الماضي ،واعادة إحيائها واعادة محاكمة اطرافها في كل مناسبة وفي كل سانحة صنعناها عن قصد لنفخ نار الفتن وبث الحقد والكراهية فيما بيننا؟ أليس من الحكمة ان نتوقف عن قراءة وتدريس الكتب الصفراء التي كتبت في عصور الفتن والظلام والتي تسمع من بين كلماتها وسطورها صيحات اللعن والتخوين، ودقات طبول الحرب ورائحة القتل؟ أليس من الحكمة ان ندع الماضي الذي مهما ارتقت نصوصه التاريخية فلن تكون الا روايات عن أحداث تحتمل الصدق والكذب أوالشك والمبالغة ؟ أليس مما يحبه الله ورسوله والأئمة وما يقتضيه الفكر والمنطق ان نتطلع إلى الحاضر الملموس ،والى المستقبل الموعود لنبني انسان الغد ونزرع فيه قيم المحبة والسلام والوئام؟