مصطفى طلاس خدم الثورة من حيث لا يعلم / الشراع 27 كانون الأول 2024
بري - جنبلاط: اتفاق على الاختلاف!!/ بقلم حسن صبرا - الشراع 26 كانون الأول 2024
بري - جنبلاط: اتفاق على الاختلاف!!/ بقلم حسن صبرا
الشراع 26 كانون الأول 2024
نبيه بري ووليد جنبلاط شكلا خلال اقل من نصف قرن من عمر لبنان ، وعمر كل منهما السياسي أغرب ثنائي مر في تاريخ العمل السياسي والمعارك في الوطن.
بدأ حضور نبيه بري السياسي كناطق باسم حركة امل ، يمثلها في اجتماعات الحركة الوطنية التي كان يرأسها المعلم كمال جنبلاط ، وكانت تعمل تحت اسم لقاء الاحزاب والشخصيات الوطنية ..
عام 1977 قتل نظام حافظ الاسد الذي كان احتل لبنان ، بتكليف أميركي وموافقة صهيونية المعلم كمال جنبلاط ، فألبس ابنه وليد عباءة والده .
عام 1978 اختفى السيد موسى الصدر في ليبيا ، ففتح الباب امام المحامي نبيه بري ليرأس حركة امل ، بعد الرئيس حسين الحسيني الذي تولى رئاسة الحركة لفترة قصيرة، متخلياً عن موقعه الحزبي في مؤتمر للحركة عقد في نيسان 1980,
كانت الكيميا اقوى دافع للقاء بري وجنبلاط المستمر منذ اقل من نصف قرن
كان جنبلاط يحب خفة دم بري ، فيأنس لمجلسه ، بينما كان جنبلاط يتجنب الجلوس مع انعام رعد ، لأن دم ابو عصام من وجهة نظره ثقيل ، وكان يقول عن بشارة مرهج ومعن بشور انهما مخبران ( لاستخبارات الاسد ،)فيحاول تجنب الجلوس معهما كثيراً .
وكان محسن ابراهيم هو وجورج حاوي انيسا وجليسا جنبلاط الاثير
مزاج وليد المتقلب يتحكم به إلى حد كبير ، في استمرار او تقطع علاقاته ، وكان نبيه بري من اشطر من تحدث والقى الطرائف والأمثال الشعبية ، بالنكهة الجنوبية واللهجة التي لم تغادره حتى وهو يتحدث باللغتين الفرنسية والإنجليزية ،فكانت خفة دم نبيه ، وما يتمتع به من سرعة بديهة سهم كيوبيد إلى قلب وليد !!حتى خلال معارك شوارع بيروت ، التي جعلت الرئيس سليم الحص يقول ان جماعة الحركة والحزب يحرموننا النوم في الليالي ، لنراهم صباح اليوم التالي يتناولون المناقيش مع بعض صباحاً ، حتى ليظن البيارتة انهم يتقاتلون ويرعبون اولاد بيروت من اجل منقوشة .
هذا الثنائي الذي شكل حلفاً معمداً بالدم ، خلال فترات طويلة وصعبة في شوارع بيروت ، خصوصاً بعد 6 شباط 1984 . سيطر على الشطر الغربي من العاصمة، منذ ذلك التاريخ، كانا الجناحان اللذان اعتمدتهما استخبارات الاسد للسيطرة على الساحة البيروتية بمعنى احالة العاصمة إلى جبهة قتال ، طيلةخمس سنوات عجاف عاشتها العاصمة اللبنانية( 1984-
1989)
والطريف ان جنبلاط وبري لم يكونا جناحا الاسد في غرب بيروت المتقاتلان فحسب ، بل وكانا ضيفان شبه دائمين على فيلات المزة الغربية في مدخل دمشق من جهة لبنان ،( كما الكثيرين من رؤساء الاحزاب والمخبرين اللبنانيين عند استخبارات الاسد ).
غير ان الأمور لم تسر على وتيرة واحدة بين بري وجنبلاط ،فحلفهما كان يخدم حافظ الاسد ، اما صراعهما فكان تعبيراً عن مواجهة بالواسطة لحساب ياسر عرفات ضد حافظ الاسد ، والعكس صحيح .
وبالمناسبة ، فإن عرفات حاول العودة إلى بيروت ، بعد ان الزمه الاحتلال الصهيوني للعاصمة اللبنانية صيف 1982 بالخروج ، فإعتمد على غطاء سياسي وفره له علم الحزب التقدمي الاشتراكي، وانضوى تحته مقاتلون فلسطينيون ومقاتلون من المرابطون وقوى لبنانية عديدة على عداءمع النظام السوري يومها ، . بينما اعتمد حافظ الاسد على مقاتلي حركة امل ، واستباح الحزب والحركة بيروت ، وفرضا على العاصمة جواً من الفوضى عبر المعارك والتشبيح.. وقد أحالا العاصمة إلى ساحة صراع عسكري متنقل ، بما دفع مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد للتوجه إلى دمشق للقاءحافظ الاسد طالباً منه ان يسحب زعرانه من بيروت !! وكانت هذه العبارة هي التي قتلت المفتي المظلوم في 16/5/1989.
هذا السرد الطويل ضروري كي نكشف ان كل ما حصل لم يمنع استمرار العلاقة الحميمة بين جنبلاط وبري ، بل وان تطول لنصف قرن تقريباً ، على الرغم من كل الدماء التي هدرت من الجانبين ، ومن اهل بيروت الذين لم يكن لهم من ذنب إلا انهم من سكان المدينة الصابرة
وقد حبكت النكتة مع رئيس حزب الكتائب الراحل جورج سعادة ، حين أطلق على نوع ويسكي يحمل اسم j and b اسم جنبلاط - بري
واختصارا" للوقائع التي لا تنتهي نقفز إلى المرحلة الحالية حيث رشح جنبلاط قائد الجيش العماد جوزيف عون للرئاسة ، في وقت يبدو موقف بري سلبياً تجاه هذا الترشيح ..على الرغم من ان جنبلاط اطلع بري على هذا القرار قبل ان يعلنه ، طالباً منه ان يقنع حزب الله بهذا الترشيح ، لكن بري المفوض من الحزب بقيادة الدفة السياسية للثنائي بعد اغتيال سيد المقاومة حسن نصر الله ،ما زال يستمهل للمبادرة ، إلى ان يطمئن حزب الله إلى التزام العدو الصهيوني بتطبيق القرار الدولي 1701.. لعل هذا الالتزام الصهيوني ، يطمئن حزب الله إلى ان انتخاب عون لن يكون على حسابه.
لبنانية مزارع شبعا
————————-
الأمر الآخر وهو تصريح جنبلاط في سورية بأن مزارع شبعا "سورية".. وهو امر فاجأ بري الذي عرض على جنبلاط ومنذ سنوات وعدة مرات ،وثائق تثبت لبنانية هذه المزارع
وقد فسر سياسيون تصريح جنبلاط الصادم ، بأنه رسالة إلى حزب الله بفقدانه ذريعة لبنانية شبعا ليتمكن من الاحتفاظ بسلاحه ..
تنظيم الخلاف
———————-
غير ان اهم ما يجمع بري وجنبلاط ،ان الاثنين كانا في نظر ماهر الاسد مقتولين ..وفي حين كان جنبلاط -وما زال قدرياً -وقد نقل عنه قوله :انه بعد ان تجاوز الستين من عمره سقطت النبوءة بأنه سيقتل كما قتل والده المعلم كمال جنبلاط في سن الستين ، وبالتالي فهو يعيش في الوقت الاضافي إلى عمره ، فإن نبيه بري يحيط نفسه بحراسات غير مسبوقة لسياسي في لبنان ، وهو سجين عين التينة ، وهو الأعلم بتصميم آل الاسد على قتله
وبعد كل هذا ،يبدو نبيه بري اكثر السياسيين دهاءً في لبنان
ويبدو وليد جنبلاط
اكثر السياسيين ثقافة واطلاعا ولديه قدرة على التقاط التحولات في موهبة لا يملكها إلا قليلون ، وهذا ما يفسر انقلاب مواقفه السياسية بشكل كبير