بيروت | Clouds 28.7 c

دين ام اخلاق ...؟ / الشراع 7 حزيران 2023

 

دين ام اخلاق ...؟

الشراع 7 حزيران 2023

 

يخلط كثيرون بين الدين والاخلاق والانسانية، كما تمكن الماكرون دوما من اقناع الناس ان الدولة هي الوطن ،وانهم اي الناس يمثلون الشعب.
يحاول المتديّن -من كل دين- ان يبدو على درجة عالية من التهذيب كتنفيذ طبيعي لتعاليم ربّه الذي سيحاسبه في يوم القيامة ،الا انه في الحقيقة انما يصادر الاخلاق العامة لخدمة تعاليم ربّه، و وصايا دينه لأنه عند اي اشكالية اجتماعية يُخضع المسائل كافة لا للمنطق الايجابي العام للجماعة ،انما يُخضعه للنص المقدّس ،اي ان مرجعه ليست الاخلاق العامة المتفق عليها في المجتمع بين كل الشرائح الاجتماعيةعلى الرغم من اختلاف الانتماءات، بل لما يأمر الربّ في ما يُعتبر الشرع...
الاخلاق العامة مبادىء منطقية سلمية ،اتفقت عليها الجماعات كافة، انها نماذج سلوكية تؤمن الاحترام المتبادل الى اقصى  حدّ بهدف التعايش بين مختلف الملل.
اذن ليس بالضرورة ان يكون المتدين خلوقا دائما، لأنه عند اول مفترق طرق مع الشريعة ومع النص الديني ينقلب على الاخلاق العامة، وعلى القوانين الاجتماعية المتفق عليها.
المتديّن يُخضع الحياة والناس قاطبة لنصه المقدس ،بينما الاخلاقي يُخضع وصايا الدين للقوانين الاجتماعية المتفق عليها.
لذلك يقع كثيرون في فخ المزج والربط بين التدين والاخلاق، ما يجعلهم يصابون بالصدمة النفسية عندما يتفاجؤون من تصرفات بعض المتدينين المنافية للمبادىء العامة ،لاعتقادهم ان المتدينين اخلاقيين حكما والحقيقة ليست كذلك فالمتدين ليس بالضرورة اخلاقياً !!...
يظن كثيرون خطأ، ان الدين اساس الاخلاق، والحقيقة ان العقل الفردي والعقل الجمعي في تطورهما العلمي والتجريبي والمنطقي، الزما الناس ان تخط عقدا اجتماعيا للتعايش فيما بينها اذ هناك شعوب كثيرة بلا اديان سماوية بل اديان وثنية او ما شابهها تتميز بأخلاقيات عامة وباحترام متبادل فرضه العقل من اجل حب البقاء للجماعة.
حب البقاء ليس فرديا فقط بل جماعي ايضا...
لا داعي للإستغراب  كما لا داعي للدهشة من كل متدين يُقدم على ما ليس متفق عليه في العموم ،فالمتدين لا يقدم الاخلاق العامة على النص المقدس او الشرع.
ازمة كل متدين انه يشرح ويُأوّل  ويقيس النص المقدس والشرع كما فهمه هو ،او كما افهمه  اياه مراجعه او اساتذته وليس بالضرورة كما كان يقصده الرب نفسه.
تديّن اليهود اباح لهم الاحتلال وارتكاب المعاصي والمجازر، لان النص المقدس اعلى قيمة واهمية من الاخلاق العامة الانسانية المتفق عليها بين الشعوب...
الغلمان والجواري لم يكونوا من خارج النص المقدس ،انما الاخلاق العامة منعت وعاقبت المخالفين.
الدين ليس بالضرورة الاخلاق العامة كلها، انما جزء او ما تيسر منها او ما يخدم النص المقدس او الشرع فقط...
الدولة لا تعني الوطن.
الدين لا يعني الاخلاق.
الناس لا تعني الشعب.
الجيش لا يعني حراس الشعب ومصالحه.
القضاء لا يعني العدالة.
الديمقراطية لا تعني المساواة.
اقول كلامي هذا واستغفر الله للذين ما زالوا يتفاجؤون من تصرفات بعض المتدينين الذين يحللون لانفسهم ما يحرمونه على غيرهم بشكل فاقع غير مفهوم للجماعات...
الدين ساهم في تخفيف التوحش اكيد، انما لم يدفع باتجاه الرقي العام والمطلق.
ما فهمه المتدين من معلمه ليس بالضرورة ما قصده الرب ففي الصف نفسه في اية مدرسة يُجري الاستاذ اختبارا خطيا في الدقائق الاخيرة ليعرف ماذا فهم تلامذته ،يجد ان قلة نالوا 20/20 بينما الاخرون تفاوتت علاماتهم من 19  الى صفر/20...وكلهم كانوا يشاهدون ويسمعون باهتمام!!
والله اعلم.
#حميدة_التغلبية.
الشراع