بوتين الملاحق دولياً يحتضن بشار الهارب من العدالة / الإعلامي أحمد حازم
الشراع 22 كانون الأول 2024
يوجد مثل يقول "ان الطيور على أشكالها تقع." وبالرغم من أن المتعارف عليه أن هذه المقولة هي مثل تداوله العرب القدامى وتوارثته الأجيال، إلا أن باحثين في علم النفس من جامعة "ترير" الألمانية حاولوا التأكد من أن الإنسان أيضا يبحث وينجذب لمن يشبهه في شكله أو طباعه، كما تفعل الطّيور. والطير الهارب بشار انجذب الى شاكلته بوتين لتشابه الطباع والممارسات بين الاثنين.
بعد هروب بشار الأسد الى روسيا وقبوله "لاجئاً" فيها، هناك سؤال يطرح عما إذا كان من حق الجنائية الدولية محاكمة الأسد، وعما إذا كانت روسيا من ناحية قانون دولي مسموح لها قبول لجوء الأسد على أراضيها.المحكمة الجنائية الدولية من الناحية القانونية لا تملك اختصاصاً قضائياً على نظالم بشار الاسد، لأن سوريا ليست مصادقة على نظام روما، ولم تعلن حكومتها قبول اختصاص المحكمة، ولأن مجلس الأمن لم يحل الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية. وهنا تجدر الإشارة الى نظام روما الأساسي، الذي اعتُمد في عام 1998، يعتبر بمثابة المعاهدة الدولية المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية.
في شهر يونيو/ حزيران العام الماضي رفعت هولندا شكوى ضد نظام الأسد لدى محكمة العدل الدولية بتهمة "انتهاكات لا حصر لها للقانون الدولي" منذ اندلاع الحرب الأهلية في البلاد في عام 2011. وقتها قال وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا في بيان صدر في هذا الشأن إن مواطنين سوريين تعرضوا للتعذيب والقتل والاختفاء والهجوم بالغاز السام. في تلك الفترة نفى بشار الأسد وبكل وقاحة ضلوع نظامه في أي ممارسات تعذيب للخصوم السياسيين وأهلهم. وما تم الكشف عنه بعد سقوط النظام من جرائم مخيفة ومرعبة يظهر كذب الاسد،
الآن بشار الأسد موجود في روسيا التي بررت قبول لجوئه فيها "من ناحية إنسانية" وهذا طبعاً يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي والاتفاقيات التي وقّعت عليها روسيا. المختص بالقانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، يرى إن روسيا ملزمة وفق القانون الدولي بمجموعة من الالتزامات الناشئة عن المعاهدات الدولية، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والتي تستوجب محاسبة أو تسليم المتهمين بالتعذيب للمحاكمة. هذا يعني بوضوح أن روسيا ستتعرض لانتقادات دولية ومطالبات قانونية باعتبارها متواطئة في حماية متهم بجرائم حرب، إذا عرقلت الجهود القانونية لمحاسبة بشار الأسد.
القوانين الدولية تقول ان الأشخاص المعرضين لخطر على حياتهم أو سلامتهم بسبب النزاعات أو الاضطهاديحق منحهم اللجوء الإنساني والحماية وهذا لا يطبق على حالة بشار الاسد لأن الاتفاقيات الدولية تستثني المتهمين بجرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب من الحماية القانونية.
السلطات الروسية تكذب بوصفها قبول لجوء الأسد هو من ناحية إنسانية. فلو رجعنا الى أقوال مسؤولين روس لوجدنا أن سبب القبول هو "سياسي" وليس "إنساني" بدليل أن المبعوث الروسي في فيينا، ميخائيل أوليانوف، غرد قائلا إن "روسيا لا تخون الأصدقاء في المواقف الصعبة. والمقصود بالأصدقاء هنا بشار الأسد. أليس هذا موقفاً سياسياً؟
ليس مستبعداً أن تلجأ روسيا لاستخدام نفوذها، خاصة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، لحماية الأسد من الملاحقات الدولية ومنع إحالته للمحكمة الجنائية الدولية