بيروت | Clouds 28.7 c

المؤرخ المصري عاصم الدسوقى يكشف أسرار الساعة الأخيرة فى حياة عبدالناصر:

 

المؤرخ المصري  عاصم الدسوقى يكشف أسرار الساعة الأخيرة فى حياة عبدالناصر:
الشراع 5 تشرين اول 2022


جمال اقال السادات قبل وفاته بنصف ساعة.. وهيكل رفض إذاعة الخبر
————————————
وفاة عبدالناصر غير طبيعية.. والسادات رفض توقيع الكشف الطبى على الجثمان.
——————————-
السادات قدم فنجان قهوة لعبدالناصر.. بعدها بـ3 أيام مات الزعيم.
————————————-
الوثائق الغربية ستكشف أسباب رفض السادات التحقيق فى وفاة عبدالناصر.
——————————————-

هيكل أول من بدأ الحرب الإعلامية على عبدالناصر.
—————————————-
الحرب على عبدالناصر ستستمر لأن الغرب لا يريد تكرار تجربته
——————————————
كتب - ناصر حجازى
على الرغم من  مرور أكثر من نصف قرن على وفاة الزعيم جمال عبدالناصر،  إلا أن الرجل  الذى غادر الدنيا فى 28 سبتمبر 1970 ، يأبى أن يغادر ردهات السياسة وأروقة الإعلام، فالحرب التى بدأت على نهج عبدالناصر بعد أسابيع من رحيله،  لم تتوقف حتى اليوم، ويواصل مهاجمو عبد الناصر تطاولهم  عليه وعلى سياساته الاقتصادية والسياسية على الرغم من أنهم لا يستطيعون إنكار ما حققه من إنجازات غيرت كثيراً من وجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى مصر والوطن  العربى ، بل وكان لها أثرها الكبير فى كثير من دول العالم الثالث. 
لكن ما الذي جرى فى الساعات الأخيرة من حياة عبدالناصر؟، سؤال نتوقع الحصول على إجابات كثيرة له ، خصوصاً  عند طرحه على المؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقى، الذى يلقى الضوء على الساعات الأخيرة من حياة الزعيم الراحل، والتى وضعت أسس المرحلة اللاحقة على حكم عبدالناصر، وما شهدتها من تطورات، وانقلابات فى سياسة مصر الخارجية وخططها الاقتصادية والاجتماعية.
————————————
الغرب لا يقبل بتكرار التجربة الناصرية
————
** لماذا يتواصل الهجوم على عبدالناصر وقد مضى على غيابه  أكثر من نصف قرن؟
*  حملة الهجوم على عبدالناصر لم تتوقف منذ رحيله فى 28 سبتمبر 1970، وهذه الحملة كانت بمباركة من خلفه أنور السادات. وتصاعدت هذه الحملة بصورة كبيرة وواضحة بعد تخلص السادات من رجال عبدالناصر،  فيما عرف بقرارات مايو 1971، وكان الجزء الأكبر من الحملة الضارية ضد إنجازات عبدالناصر بعد حرب أكتوبر سنة 1973، عندما بدأ السادات يتخذ قرارات الانفتاح الاقتصادى،  وما تبعها من توجهات نحو الاقتصاد الرأسمالى، وتوافق مع سياسة الولايات المتحدة فى المنطقة وغيرها من المواقف التى انقلب فيها السادات على نهج مصر الناصرية. وكانت هذه الحملة بمباركة شخصية من السادات نفسه، لأن من هاجموا عبدالناصر وإنجازاته ما كان لهم أن يقوموا بذلك دون موافقة رأس السلطة.
والغريب أن أول من بدأ هذه الحملة الضارية ضد عبدالناصر هو الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، والذى نشر مقالاً له فى جريدة الأهرام فى السادس من نوفمبر سنة 1970، أى بعد أسابيع قليلة من وفاة الرئيس بعنوان "عبدالناصر ليس أسطورة". وكانت تلك بداية حملة مسمومة استمرت حتى اليوم ، ولم تترك إنجازاً لعبدالناصر إلا وحاولت تشويهه. حتى أن حملة منظمة خرجت فى السبعينيات من القرن الماضى تهاجم السد العالى وتعتبره وبالاً على مصر، وأنه دمر الزراعة والاقتصاد، ووصل الأمر ان طالب البعض بهدم السد العالى!.
** لكن لماذا كانت هذه الحملة بهذه الضراوة رغم شعبية عبدالناصر الطاغية فى الشارع المصرى والعربى؟
————————
* الحملة كان الهدف منها محاولة طمس إيجابيات عبدالناصر ،وقطع الطريق على محاولة تكرار تجربته، وهذا ليس مخططاً داخلياً بل على الأغلب هو مخطط لأجهزة مخابرات غربية، تعاونها فى ذلك مؤسسات وشركات رأسمالية عالمية تحارب نهج عبدالناصر فى التصنيع والتصدير وبناء مجتمع متقدم، خصوصاً  وأن تجربة عبدالناصر كانت ملهمة لدول العالم الثالث ، ما يعنى وقف تصدير المواد الخام من هذه الدول إلى الدول الكبرى،  والعمل على بناء قلاع صناعية داخلية. فضلاً عن كراهية غربية وأمريكية لنموذج عبدالناصر،  الذى أحبط كثيراً من مخططاتهم فى دول العالم الثالث، حتى أن المخابرات المركزية الأمريكية رفعت شعار "لا ناصر جديد".
عندما خسرنا أفريقيا
—————————-
**  هل خسرت مصر كثيراً بتراجع المشروع الناصرى؟
* بالتأكيد، مصر خسرت اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، فضلاً عن خسارتها الكبيرة فى أفريقيا، فبعد عبدالناصر تراجع الدور المصرى فى أفريقيا، حتى وصل الأمر إلى أن إسرائيل تتحرك بمنتهى الحرية فى القارة السمراء، ثم كانت الطامة الكبرى وهى أزمة سد النهضة التى خططت لها إسرائيل منذ فترة طويلة ،وذلك لضمان وصول مياه نهر النيل إلى صحراء النقب، عبر ترعة السلام مروراً بشبه جزيرة سيناء وهو المشروع الذى تحدث عنه السادات أواخر السبعينيات ولم يكتمل. وحتى  الآن تحاول إسرائيل استخدام الأزمة للضغط على مصر، من أجل إيصال مياه النيل إلى النقب فى مقابل إنهاء الأزمة مع إثيوبيا.
وفاة غير طبيعية
———————-
** جدل كبير أثير حول وفاة عبدالناصر، فى تقديرك هل كانت الوفاة طبيعية؟
* فى عام 1974 عملت أستاذاً زائراً فى جامعة أكسفورد البريطانية ..وخلال هذه الفترة أطلعت على كثير من الوثائق الأجنبية ،والتى من خلالها يمكن القول أن وفاة عبدالناصر لم تكن طبيعية بالمرة، بل قتل بالسم قتلاً بطيئاً، وهذه الوثائق تكشف أن أحد المقربين من عبدالناصر، وهو أنور السادات، وخلال اليوم الأول من مؤتمر القمة العربية فى سبتمبر 1970، قال لعبدالناصر "حضرتك مرهق يا ريس وهأعملك فنجان قهوة"، وقد كان وبعدها بثلاثة أيام مات عبدالناصر. وواقعة صناعة فنجان قهوة بيد السادات وتقديمه للرئيس عبدالناصر رواها هيكل ..( واذيعت من محطة الجزيرة وشاهدها الملايين ) فقد كان شاهداً عليها أثناء وجوده مع الرئيس عبدالناصر في جناحه الخاص بفندق هيلتون النيل،  الذي استضاف مؤتمر القمة، وكان في الجناح ركن خاص لتقديم المشروبات للرئيس وضيوفه. لكن هيكل لم يشر إلى واقعة السم التي أشارت إليها وثائق غربية، واكتفى هيكل بما تردد وقتها عن هذه الواقعة وأثرها في موت عبدالناصر بوصفها "شائعات"، وأعتقد أنه ترك للعقل العربي استنباط الحقيقة.( لا بد من استعادة كلام د هدى عبد الناصر التي اكدت ان انور السادات هو الذي اغتال والدها ) 
** هل تقصد أن عبدالناصر وضع له السم فى فنجان القهوة؟
—————————————
* على الأغلب نعم، وكان سماً بطيئاً لا يقتل فوراً، وتطورات اليوم الأخير فى حياة عبدالناصر تكشف باقى فصول ما حدث. فعندما ودع عبدالناصر أمير الكويت فى مطار القاهرة، شعر ببعض الدوار، حتى أنه اتكأ على أمير الكويت، وبعد وداعه لم يستطع المشى حتى السيارة على غير عادته، وطلب إحضار السيارة وعندما ركبها شعر بآلام شديدة، ويبدو أنه شعر بقرب الأجل فأخرج ورقة من جيبه ،وكتب فيها بخط مرتعش قرار إقالة أنور السادات من منصب نائب رئيس الجمهورية وتعيين زكريا محيى الدين، وأعطى الورقة للسائق ،وأمره أن يتوجه بها فور توصيله إلى منزله إلى الإذاعة وتسليمها لمديرها محمد أمين حماد لإذاعة القرار فى نشرة الساعة الخامسة، وبالفعل وصلت الورقة إلى مدير الإذاعة لكنه ارتبك ولم يعرف كيف يتصرف فاتصل بوزير الإرشاد القومى (الإعلام بعد ذلك) وقتها محمد حسنين هيكل، الذى طلب منه عدم إذاعة القرار، وإحضار الورقة والذهاب لمقابلته فى مكتبه بالأهرام، وقد كان. وبينما كان عبدالناصر على فراش الموت يتابع نشرة الخامسة ،وعندما انتهت قال: أومال فين الخبر اللى بعته؟، وسأله الحاضرون: خبر إيه يا ريس؟ لكنه لم يجب لأن فى هذه اللحظة صعدت نفسه  إلى بارئها.
وبعدها بوقت قصير وصل أنور السادات إلى بيت عبدالناصر ،ومن بعده هيكل، وعندما طلب الأطباء الحاضرون توقيع الكشف الطبى على جثمان جمال عبدالناصر بعد التأكد من وفاته، رفض السادات ذلك بذريعة "حرمة الموتى"، وأنه لا داعى لذلك وأن الرئيس مات بأزمة قلبية.
** لكن ما تقوله يشير بأصبع الاتهام إلى بعض المحيطين بعبدالناصر بالتورط فى قتله!
——————————————
* أنا لم أقل شيئاً انا أنقل عن وثائق غربية، وهى وثائق موجودة، وكان يجب على الدولة المصرية أن تجرى تحقيقاً مستفيضاً فى مسألة وفاة عبدالناصر، لكن خلفه أنور السادات رفض إجراء هذا التحقيق، وأعتقد أن جهات غربية قد تكشف عن وثائق مستقبلاً تجيب عن كل هذه الأسئلة وتكشف للأجيال القادمة ، حقيقة ما حدث فى الأيام الثلاثة الأخيرة من حياة جمال عبدالناصر، وما تبعها من أحداث رسمت خريطة المنطقة العربية لاحقاً.