بيروت | Clouds 28.7 c

عودةُ اليهود العرب إلى أوطانهم نعمة أم نقمة؟ /كتب : هشام جابر

 

عودةُ اليهود العرب إلى أوطانهم نعمة أم نقمة؟ /كتب : هشام جابر

الشراع 22 كانون الثاني 2025

 

لفتني منذ أيّام، عند تقديم كتاب "حصاد المعرفة" للصديق الأستاذ عبد الهادي محيسن، حيث ذكر العراق واليهود العراقيّين، الذين كان لهم دور هام في المجتمع العراقي، ولم يكن لهم في بغداد والمدن الأخرى حيٌّ خاصُّ بهم، كأحيائهم الخاصّة في مختلف بقاع العالم. كما فصّل هذا الكتاب القيّم مداخلة للصديق العريق العزيز الأستاذ حسن صبرا. اعتبرها في غاية الأهميّة، وهي دعوة اليهود العرب للعودة إلى أوطانهم، وأنّ هذا هو السبيل الوحيد أو الأمثل، لمحاربة الدولة العنصريّة. ينمُّ هذا الكلام عن رؤية صائبة، وفكرٍ نير. وهذا ليس بغريبٍ عن ماضي وحاضر وفكر الصديق الأستاذ "حسن"، وأذكر أّننّي لمّحتُ لهذا الموضوع، إنّما بشكلٍ مقتضب، في أكثر من مقابلة تلفزيونيّة. وقلتُ مرّة بالحرف أنّني عندما أمرّ بقرب "وادي أبو جميل"، حيّ اليهود الأساسي في بيروت، أشعر بغصّة لفراغه من سكّانه الاصليّين. لقد كان لهؤلاء المواطنينالموسويين دور لا يمكن إنكاره في عالم المال والأعمال والطب والصيدلة. كما كان لهم وجودهم البارز في مختلف الأقطار العربيّة.

جاءت نكبة 1948، وتبعتها حرب 1956 على مصر، ثمّ عام 1967 فاكتمل الرحيل.

لقد كان اليهود عبر قرون من التاريخ موضع تمييز واضطهاد في كافّة أنحاء العالم المتمدّن. إلا في بلاد العرب والمسلمين خلال قرونٍ من الزمن.

لذا، أتمنّى على الدول العربيّة، وخاصّة الدول التي تصالحت مع إسرائيل وطبّعت علاقاتها معها، إلا أنّها لم تستطع أن تعيدَ يهوديّاً واحداً من الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلّة، أن تسعى إلى استعادتهم. وعلى الدول التي لم تصالح ولم تطبّع أن تحذوا حذوها وخاصّة لبنان.

إنّ صراعنا هو مع الصهيونيّة وليس مع اليهود. عشرات الألوف من اليهود اللبنانيّين لا تزال أسماؤهم في دوائر النفوس، وعلى لوائح الشطب الانتخابيّة. فإذا اطمأنّ هؤلاء إلى أمنهم ومستقبلهم، وأنّ حقوقهم وأملاكهم مضمونة في ظلّ دولة مدنيّة قادرة على حمايتهم، أعتقد أنّهم سيعودون.

وكذلك في باقي أقطار العرب.

وفي الكيان الإسرائيلي اليوم أكثر من نصف مليون يهودي روسي، هم على أفضل العلاقات مع موسكو. وعاد مهم الآلاف في الحرب الأخيرة.

إنّ المجتمعَ الإسرائيلي يقوم على أعمدةٍ ثلاث، الأمن والاقتصاد والمهاجرين. وعندما يتزعزع الأمن ويتصدّع الاقتصاد، يعود المهاجرون كما حصل في العام الماضي.

لذا، أضمّ صوتي إلى صوت الأستاذ حسن صبرا والأستاذ عبد الهادي. وأرى أنها فرصة لا تفوّت، وستكون قفزة تاريخيّة.

والآن، هل إذا تمّ ذلك، سيكون نعمة أو نقمة؟ الجواب هو نعمة على لبنان والعرب والمواطنين العائدين، ونقمة على الكيان الصهيوني العنصري. والحديث يطول.