بيروت | Clouds 28.7 c

البابا والنظام السياسي في لبنان / بقلم السيد صادق الموسوي

مجلة الشراع 28 أيار 2021

 

رد بابا الفاتيكان فرنسيس على رسالة ميشال عون الذي سبق وبعثه إليه لمناسبة زمن القيامة، حيث قال فيها:

إنه جدّد صلاته لكي "يدعم الله روح الحكمة لـ " رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعاونيه "، ويضيء لهم سُبُل قيادة لبنان على دروب السلام والحرية والهناء.

إننا نؤكد أن مقولة " رئيس الجمهورية ومعاونيه " قد طواها الزمن في لبنان سواء بالنص في دستور الطائف أو في الواقع المعاش للبنانيين..

 ففي الدستور اللبناني الجديد الذي تمت المصادقة عليه في مدينة الطائف عام 1990 قد سُحب معظم صلاحيات رئيس الجمهورية منه وأعطي لمجلس الوزراء عامة والوزراء في وزاراتهم ومجلس النواب، وصار منصب رئيس الجمهورية اللبنانية رمزياً تقريباً إن لم نقل أنه تحول إلى " باش كاتب " فقط، والذي لا يصدق ادعاءنا ندعوه إلى قراءة الدستور بتمعن.

لكن ضعف الشخصية لدى رئيس الوزراء في لبنان وغالبية الوزراء المسلمين وكذلك عدم استعمال رئيس مجلس النواب لصلاحياته الدستورية في معظم الحالات جرّأ رئيس الجمهورية الماروني على " التفرعن "والتعامل باستعلاء مع رئيس الوزراء والتدخل في صلاحيات الوزراء والإستخفاف برئيس مجلس النواب أيضاً، وإن تحكم الشعور بالدونية لدى من ذكرنا سهّل الطريق لاستعادة رئيس الجمهورية بعص سطوته دونما وجه حق وبصورة تدريجية لا أريد هنا ذكر التفاصيل وسرد النماذج بدءاً من إلياس الهراوي مروراً بإميل لحود وميشال سليمان حتى ميشال عون.

إننا نعلن لحضرة بابا الفاتيكان،

أن رئيس الجمهورية في لبنان ليس له معاونون وأن ترؤسه لجلسات مجلس الوزراء ليس ضرورياً لتكتسب قراراته الصفة القانونية، بل هو صاحب منصب رمزي إذا حضر مجلس الوزراء جلس على رأس الطاولة إحتراماً من دون أن يكون له أي حق في المشاركة بالمناقشات والتصويت على المقررات، بل إن اجتماعات مجلس الوزراء لا يجب أن تكون في قصر بعبدا أصلاً، بل الأصل أن يكون محل الإجتماعات في " السراي الحكومي " المبنى الرسمي للحكومة اللبنانية، لكن هذا الإحترام في غير موضعه ومع من لا يستحقونه حوّل اجتماعات مجلس الوزراء في بعبدا وترؤس رئيس الجمهوريه لها مع مرور الزمان إلى بدعة مستمرة لم يأت حتى اليوم رجل شجاع يقوم بإزالتها، والتعامل مع رئيس الجمهورية ضمن صلاحياته الرمزية فقط، ومنعه من التعدي على صلاحيات باقي أعضاء السلطة الإجرائية وعلى سلطات مجلس النواب ورئيسه أيضاً.

ولقد حاول مرة البطريرك الماروني الراحل مار تصرالله بطرس صفير إحياء منطق " رئيس الجمهورية ومعاونيه " واستعمله في إحدى تصريحاته فقمنا بصدّه والإعتراض الشديد على موقفه! واليوم أيضاً نُلفت نظر حضرة اليابا أن هذا العنوان قد فقد معناه بصورة نهائية في لبنان، ولا يصح تداول هذه الجملة أبداً وبأي حال..

وأوجّه أيضاً نصيحة، لمن بيدهم مقاليد الأمور من المسلمين شيعة وسنة وعلويين ودروزاً أن فعل الجميل مع غير أهله يجعله مستكبراً، وأن تخلي القيادات الإسلامية عن صلاحياتهم المنصوص عليها في الدستور وعدم التمسك بها بصورة كاملة سيحوّلهم بعد فترة قصيرة إلى خَدَم على أبواب العنصريين، وتعود الحال إلى مرحلة ما قبل العام 1975 وها نحن نشهد البدايات لهذا المنحى الخطير في المرحلة الحاضرة حيث مصير تشكيل الحكومة اللبنانية منذ حوالي 8 أشهر مرهون بمزاج رئيس الجمهورية الدي هو بدوره قد سلّم جميع مقاليد الأمور إلى صهره المدلل جبران باسيل، وهذا الأخير يملك في داخله النفسية العنصرية البغيضة أكثر مما كان في القيادات الإنعزالية في الماضي، وهو أيضاً على استعداد كامل للتعامل مع الشيطان في سبيل الوصول إلى موقع رئاسة الجمهورية، وهو اليوم ينحني نفاقاً أمام الثنائي الشيعي ويتحدث بإيجابية عن المقاومة أملاً في تحقيق حلمه وبلوغ غايته، لكنه لن يتردد لحظة في القفز إلى أحضان الصهاينة والتعاون معهم في حال ضمنوا له نيل مأربه وتحقيق مناه.

فلا تنخدعوا بالكلمات المعسولة، واستعيدوا مواقعكم، وتمسكوا بصلاحياتكم، وصدّقوا ولو لمرة واحدة قول الله سبحانه في كتابه:

 ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بِطانةً من دونكم لا يألونكم خَبالاً ودّوا ما عَنِتم قد بَدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) صدق الله العلي العظيم.

السيد صادق الموسوي

الوسوم