بيروت | Clouds 28.7 c

"يهود مع القضية الفلسطينية ( 6) "منظمة كسر الصمت "/ باريس: اريك مسرة

 

"يهود مع القضية الفلسطينية ( 6)
"منظمة كسر الصمت "/ من باريس: اريك مسرة

الشراع 24 نيسان 2024


يهودا شاؤول ينتمي إلى أسرة يهودية محافظة،  اختار طوعيا أن يؤدي  خدمته العسكرية في الجيش الاسرائيلي لقناعته المسبقة ،بأن ما يقوم به هذا الاخير هو محاربة الأرعاب وحماية أمن وسلامة مواطني إسرائيل.
اثناء خدمته العسكرية في الضفة الغربية المحتلة اكتشف "يهودا "ان الجنود الإسرائيليين يتعمدون اذلال الفلسطينيين يومياً ويعاملونهم بكراهية واحتقار.
في احد الايام كان يقوم رفقة جنود أخرين بدورية في مدينة الخليل ، في الضفة الغربية المحتلة ،رأى أبواب احد المباني مفتوحة على مصراعيها ،فقرر ان يعرف السبب فدخل القاعة الأرضية ليفاجأ بأنها مدخل مستشفى فلسطيني ،
وأن الدورية التي سبقته قد حطمت كل شيء ،وكتب أفرادها شعارات عنصرية ضد الفلسطينيين، كما أنهم قضوا حاجتهم في عدة  أماكن ورموا قذاراتهم على الجدران. 
التقط " يهودا" صوراً لكل ما شاهده وارسلها لاحقاً إلى صحافيين يعرفهم ، ليفاجأ بأنهم لم يعيروا هذا الأمر ادنى اهتمام.
بعدها اكتشف اثناء خدمته في "بيت لحم "ان الجنود الإسرائيليين يتعمدون قتل الفلسطينيين بمن فيهم ألأطفال ،من دون تردّد وبمتعة لا يخفونها ، لا دفاعاً عن أنفسهم بل لبث الرعب.
أمام لا مبالاة القيادات العسكرية لملاحظاته ،حول تصرفات الجنود وعدم اهتمام وسائل الإعلام بما كان يرسله لها من معلومات ، قرر " يهودا"
رفقة عدد من الجنود القدامى ، الاحتفاظ بصور التقطها جنود أثناء خدمتهم وجمع شهادات مصورة(فيديوهات) ،توثق سلوك الجنود الإسرائيليين العدواني ازاء أبناء مدينة الخليل.

بعد انتهاء خدمته قام 
"يهودا "رفقة عدد من الجنود القدامى ،بتنظيم معرض للصور في مدينة 
"تل أبيب " تحت عنوان
"نقل مدينة الخليل إلى  
تل أبيب "(حزيران 2004)
بهدف لفت انتباه الرأي العام الإسرائيلي, إلى ما يجري فعلاً في الضفة الغربية ومدينة الخليل تحديداً. 
هذا الحدث ترك انطباعاً ايجابياً نسبياً ،فقد نشرت بعض الصحف مقالات حوله، كما ان العديد من الجنود الذين أدوا خدمتهم العسكرية, أبدوا استعدادهم للإدلاء بشهاداتهم حول ما عاشوه في المناطق الفلسطينية. 
بعد هذا الحدث مباشرة ,قرّر يهودا واثنين من رفاقه  تأسيس منظمة " كسر الصمت " غير الحكومية.

هذه المنظمة هي حصيلة
تجربة عاشها،ويعيشها، يهودا ورفاقه تتجسد في ممارسات لا إنسانيه يفرضها الجيش الاسراءيلي حتى يومنا هذا إزاء الشعب الفلسطيني: اذلال يومي، ساعات انتظار لا مبرر لها امام معابر لا معنى لها سوى غطرسة القوة، غارات ليليّة منتظمة تقضّ مضاجع عشرات العائلات لا سيما الأطفال، التوقيف الإداري لسنوات طويلة من دون محاكمة ومن دون إمكانية الإطلاع على آلتهم الموجهة لمن يجري توقيفه، تدمير المنازل والاستيلاء على الأراضي وإقامة مستوطنات عليها ،اي ارتكاب جرائم حرب حسب القانون الدولي،والقتلى من  دون سبب  للفلسطينيين بمن فيهم الأطفال … إلخ..
وعليه فان النتيجة التي استخلصها "يهودا" ورفاقه هو ان إسرائيل لم تحتل الضفة الغربية صدفة ،وأنها لن تعيدها ابداً إلى أصحابها.هذا الوضع لا يزعج الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين ،لذلك لا تعيره ادنى اهتمام على الرغم من ان استمرار الاحتلال هو اكبر خطر يهدد مستقبل إسرائيل في نظر موءسسي "كسر الصمت ".
لذا تركز المنظمة على التوجه للرأي العام الداخلي عبر  : نشر كتب تحتوي على شهادات الجنود القدامى ، كتابة مقالات أو إجراء مقابلات صحافية، تنظيم محاضرات في المدارس .

اما على الصعيد العالمي لا سيما الأوروبي، فقد تمكنت "كسر الصمت " من نسج علاقات مع عدد كبير من المنظمات التي تعمل في مجالات مماثلة . فاول كتاب نشرته (الكتاب الأسود للاحتلال الاسرائيلي )ترجم إلى عدة لغات: الفرنسية، ألانجليزية، الألمانية، الهولندية والسويدية. 
كما ان يهودا شاؤول يدعى في الكثير من الأحيان إلى إلقاء محاضرات في العديد من الدول  ، بما في ذلك مداخلات أمام أعضاء البرلمانات.
هذا النشاط الفعال يثير حنق الحكومات الإسرائيلية ،
التي تسارع إلى اتهام "كسر الصمت "بتشويه صورة إسرائيل وجيشها على الصعيد الدولي فتسعى ، دون ان تفلح حتى الآن، للضغط على الجهات التي تموّل جزءا من ميزانية لمنظمة كي توقف دعمها.