بيروت | Clouds 28.7 c

بين المواجهات في فرنسا والمواجهات في ايران ما الذي يجمع نجاد والملكيين ومجاهدي خلق؟ بقلم السيد صادق الموسوي

بين المواجهات في فرنسا والمواجهات في ايران

ما الذي يجمع نجاد والملكيين ومجاهدي خلق؟

بقلم السيد صادق الموسوي / مجلة الشراع 22 تشرين الثاني 2019 العدد1926

 

مر عام كامل على التظاهرات من قبل من يطلقون على أنفسهم السترات الصفراء، في كل يوم سبت في العاصمة باريس وعدد من المدن الفرنسية الأخرى معارضين لقرارات حكومية مجحفة ومطالبين بحقوقهم المهضومة، وتمت محاولة قمع تلك التظاهرات على مدى سنة كاملة عبر اطلاق النار على المتظاهرين العزل من جانب قوات النخبة في الشرطة الفرنسية.

وسقط جراء ذلك عشرات القتلى وآلاف الجرحى في صفوف المتظاهرين من الطبقات الفقيرة، وتم اعتقال المئات بل الآلاف منهم وزجهم في السجون، ونقلت ولا تزال وسائل الاعلام العالمية صور المواجهات العنيفة، وإضرام النار في مئات المركبات وكبريات المحال في وسط المنطقة التجارية في العاصمة أي شارع شانزليزيه ومنطقة برج ايفل التي تعد من أرقى المناطق في باريس ويسكن فيها اصحاب الثروات الكبيرة والأغنياء جداً وتتواجد أغلى المراكز التجارية ويرتادها سنوياً ملايين السواح من دول العالم كافة، كذلك كرد فعل على استعمال العنف المفرط من جانب قوات الشرطة.

لكن لم نسمع يوماً من الأبواق العالمية ووكالات الأنباء كلاماً عن ضرورة رعاية حقوق الانسان في فرنسا ولم يطالب أحد السلطات الفرنسية بوقف التعديات على المتظاهرين العزل من جانب قوات الأمن الفرنسية، وتلبية مطالب المتظاهرين المحقة ولم تطلق كلمة واحدة من المحللين السياسيين في منطقتنا ضد فرنسا دفاعاً عن حقوق الانسان المهدورة هناك..

ولن يستدل أحد في العالم استناداً الى التظاهرات الشعبية العارمة المستمرة على ان النظام الفرنسي آيلٌ للسقوط، وان هناك انتفاضة شعبية فرنسية ضد النظام الظالم..

أما اذا تحركت مجموعات غاضبة قليلة العدد لأيام معدودة وفي عدد من المدن الايرانية تعترض على قرار الحكومة رفع سعر وقود السيارات وغيرها، والذي اندس اثناءه عدد من المخربين بين المتظاهرين وعاثوا فساداً في الشوارع وأضرموا النار في سيارات المواطنين والممتلكات الخاصة والعامة والمصارف غير الحكومية، فإن ذلك يكون ((ثورة شعبية)) و((انتفاضة ضد النظام الايراني))..

وانطلقت فوراً التحليلات وبدأت المراهنات على استمرار تلك التحركات والتنبؤ بقرب سقوط نظام الجمهورية الاسلامية في ايران..

وبان الفرح الشديد على وجه الرئيس الاميركي دونالد ترامب وجعل ذلك دليلاً على نجاح سياسته في خنق الايرانيين ومنعهم من الاستفادة من ثرواتهم الطبيعية عبر تشديد العقوبات الاميركية وتهديد الدول والشركات التي تريد التعامل مع ايران بفرض العقوبات عليها، خصوصاً ان ترامب مهدد بالعزل في مجلس النواب وهو في عز حملته الانتخابية الرئاسية للفترة الثانية.

وذرفت الناطقة بإسم البيت الأبيض دموع التماسيح على الظلم اللاحق بالشعب الايراني معلنة وقوف الولايات المتحدة خلف حركات المندسين بين المتظاهرين وحمل وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الأخبار المضخمة والأفلام المدبلجة الى عملاء اميركا في المنطقة من زعماء دول ونخب مثقفة منبهرة بالحضارة الاميركية ليوقف فيهم حالة الانهيار المعنوي وليجعلوا من التصاوير الواردة من داخل ايران وسيلة لوقف موجات التأثر مع المنطق الذي زرعه الامام الخميني الراحل في نفوس الشعوب المقهورة في مختلف دول العالم اثر انتصار الثورة الاسلامية في ايران..

اننا نؤكد قدرة الاستخبارات الاميركية والعدد الكبير لمراكز الدراسات والأبحاث في الولايات المتحدة التأثير على عدد كبير من الايرانيين المتواجدين هناك.. والبالغ عددهم أكثر من مليونين ونصف المليون والتواصل من خلالهم مع أقاربهم في الداخل الايراني اضافة الى ((منظمة مجاهدي خلق)) التي وضعت نفسها بالكامل في خدمة المصالح الاميركية والتي لها خلايا نائمة في مختلف المدن الايرانية ويأتي في آخر القائمة بقايا حماة النظام الشاهنشاهي في ايران وأخيراً المتأثرون بالتحركات التي يقوم بها أحمدي نجاد منذ خروجه من رئاسة الجمهورية في مهاجمة أركان النظام الايراني وعلى رأسهم قائد الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله خامنئي.. لكن التجارب السابقة أثبتت ان مجال تحرك هؤلاء محدود جداً ولا تتجاوز فترة تحركهم اياماً معدودة..

وتفشل بسرعة محاولاتهم استقطاب الجماهير الى جانب شعاراتهم، ويعود المعولون على سقوط النظام في ايران الى أوكارهم محبطين من دون الحصول على اية نتيجة.. وهم يكيلون أقبح الشتائم لعموم الشعب الايراني الذي خذلهم ويتهمونه بالتخلف والرجعية لكونه تخلف عن متابعتهم ورجع عن الاستمرار في تنفيذ المخططات الاستكبارية ضد بلده..

ان الشعب الايراني الذي صمد أكثر من أربعين عاماً امام أشد انواع العقوبات وتحمل الحصار الكامل وواجه طوال ثمان سنوات الحرب المفروضة عليه لا يمكن ان ينساق أبداً مع مجموعات متفرقة تريد تدمير بلدها وإعادته الى مرحلة الاستعباد والخضوع للارادة الاميركية.

ولو كان ثمن الحفاظ على الاستقلال والكرامة الوطنية تحمّل الضيق قليلاً لأن الله سبحانه يأمر نبيه (ص) والمسلمين الصادقين بقوله:

((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)). صدق الله العلي العظيم.

بقلم: السيد صادق الموسوي

 

الوسوم