بيروت | Clouds 28.7 c

ترامب الجاهل للتاريخ والفلسطيني الصانع للتاريخ / كتب احمد حازم

 

ترامب الجاهل للتاريخ والفلسطيني الصانع للتاريخ

كتب احمد حازم

الشراع 1 شباط 2025

 

في مداخلة هاتفية مع فضائية عربية قال رجل الاعمال المصري المعروف نجيب ساويرس:" ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو شخص أهوج نوعاً ما، وليس مثقفاً، وتصرفاته عجيبة وغريبة". لقد صدق ساويرس في قوله ولكن بدون نوعاً ما.

يقول الفيلسوف الفرنسي الكبير ألان باديو "ان ترامب هو بقعة على وجه العالم السياسي المعاصر، وظاهرته لا تفسّر إلا بأنّها انعكاس للقبح في الوضع العالمي عموماً". أما البروفسور الأمريكي جاسون برنان فيرى "ان ترامب هو أحد أعراض مرض عميق داخل عظام الديموقراطية نفسها."

يوم الأربعاء الماضي وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على أمر تنفيذي يتعلق بـ ”مكافحة معاداة السامية”، يتيح ترحيل الطلاب الذين يشاركون في مظاهرات داعمة لفلسطين، وهو أمر يشبه الأمر الذي وقعه عام 2019 مع إضافات استثنائية. وجاء في الأمر التنفيذي: “سنكافح معاداة السامية بقوة، وسنستخدم كل الأدوات القانونية المتاحة والمناسبة، ونحاسب مرتكبي الجرائم المناهضة للسامية والتحرش والعنف”.

والهدف من هذا الأمر هو سياسي والمقصود به مكافحة المظاهرات ضد إسرائيل، لأن المظاهرات التي تحدث في العالم وحصوصا في الولايات المتحدة هي ضد الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة وليس ضد الطلاب اليهود.

ترامب أظهر بالفعل جهله الكامل بالتاريخ: عندما يريد ترامب بحجة "مكافحة معاداة السامية "اعتقال وترحيل الطلاب الذين يدعمون فلسطين في الولايات المتحدة ويشاركون في احتجاجات مختلفة في هذا الإطار، فهو لا يفهم معنى أو تفسير هذا الشعار. اسمعوا ما يقوله التاريخ الذي وعلى ما يبدو لم يطلع عليه ترامب وحتى لو اطلع عليه لم يفهمه:

لقَد اصطلح المؤرخون أن يسموا الشعوب التي تتفاهم في هذا العصر بالعربية والعبرية والسريالية والحبشية والتي كانت تتفاهم بالفينيقية والآشورية والآراميةشعوباً سامية نسبة إلى سام بن نوح، لأن هذه الأمم جاء في التوراة وأنها من نسله وسموا لغتهم اللغات السامية. هكذا يقول التاريخ. يعني أن الفلسطينيين هم ساميون. فكيف يمكن لترامب أن يصدر أمراً باعتقال فلسطينيين باعتبارهم معادين للسامية؟ منتهى الجهل ودليل آخر على أن ترامب هو فعلا بقعة قبح في هذا العالم كما ذكر الفيلسوف الفرنسي باديو.

نقطة سياسية أخرى. ترامب أعلن عن خطة لـ"تطهير" قطاع غزة من أهلها قائلاً إنه "يريد من مصر والأردن استقبال الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط". يعني تهجير فلسطينيي غزة هو بنظر الجاهل ترامب من أجل سلام المنطقة وكأن أهل غزة هم الذين يدمرون ويحتلون وليس إسرائيل. أهل قطاع غزة الذين تعرضوا للموت والدمار 15 شهراً متمسكين بالأرض، فكيف يمكن لهم قبول مشروع التهجير الترامبي بحجة إعادة الإعمار؟

وقد وصلت الوقاحة بالأمريكي ترامب في رده على سؤال حول إمكانية قبول مصر والأردن للفلسطينيين من غزة قائلا بلهجة التهديد المبطن: "ستفعلان ذلك لقد قدمنا لهما الكثير، وسوف يقومان بذلك”. على حد تعبيره. لا ندري ماذا قدم لهما ترامب ولكننا ندري ان الأردن ومصر أعلنا رسمياً انهما ضد مشروع ترامب.

وبالرغم من معارضة الأمم المتحدة لمشروع التهجيرباعتباره " تطهيراً عرقياً" ومعارضة العديد من الدول والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية التي أعربت عن مواقفها الرافضة لجميع أشكال التهجير القسري، إلا أن ترامب يصر على عملية التهجير، التي رحب بها قادة اليمين المتطرف في إسرائيل ولا سيما الثلاثي (نتنياهو، بن غفير وسموتريتش).

وإذا كان ترامب متخلفاً وجاهلاً للتاريخ فعليه أن يعرف أن الفلسطيني هو صانع للتاريخ.