هل يرضخ ترامب لرفض مصر والأردن لتهجير الغزيين ؟
رائد عمر – العراق
الشراع 3 شباط 2025
من المؤكد أنّ مفردة " الرضوخ " ثقيلة الوزن , ويتضاعف ثقلها حينما " تُنسب " الى رئيس الولايات المتحدة , لكنها قد توجِد لها بدائل تعويضيةً تُبقي مسألة التهجير كما هي ،ومن دون تراجعٍ عنها , إنّما عبر عمليةٍ التفافٍ في الجيوبوليتيك .!
بدأت الحكاية عندما اتصل ترامب بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ،وابلغه أنّ إتصاله هذا هو من الطائرة " حيث ترامب اثناء رحلة جوية " , وكان المقصود أنّ المكالمة الهاتفية هذه مختصرة وقصيرة الأمد، ولا مجال للتوسع فيها .! أي أن مضمونها وفحواها وكأنها محسومةً في أمرها .! اذ طلب الرئيس الأمريكي من الملك الأردني التهيّؤ لإستقبال جموعٍ غفيرة من سكّان غزة وتوطينهم في الأردن < نلاحظ هنا التقارب الجغرافي بين الأردن وقطاع غزة > ! , الملك عبد الله وفي ردّه " بالرفض غير المباشر " على طلب الرئيس الأمريكي تحدّث بدبلوماسيةٍ متدرجة ورفيعة ومدروسة , بأنّ مثل هذه العملية تسبب تكاليفاً باهظة الثمن للمملكة ويصعب تحمّلها , لكن ّ ترامب وكأنه مجهز لإجابته مسبقاً قال : ( مثلما ارغمنا العراق على تزويدكم بالنفط المجاني , فسنرغم العراق على تزويدكم بالتكاليف ) وهذا ما ورد في الأخبار المنشورة وشبه المبتورة .! , ثُمّ وفي ديمومة هذا التوجّه الرئاسي الأمريكي المتعجّل في أمره ،ومن خلال اتصال ترامب بالرئيس عبد الفتاح السيسي لإبلاغه ما يتوجب على مصر من استقبال اعداد كبيرة من الذين سيجري تهجبرهم من غزة , لم يجد ترامب تجاوباً من السيسي حول ذلك ( على الرغم من انّ المقصود قطع المساعدات المالية والعسكرية – السنوية عن مصر ) .. عاود الرئيس الأمريكي تصريحه بالتشديد على ضرورة قبول مصر والأردن باللاجئين الغزيين الجدد , انما ما حدث أنّ الرفض المصري – الأردني كان معززاً بمواقف جماهيرية مساندة ، وخصوصاً ما جرى التعبير عنه " بشكلٍ غير مباشر " من الجيش المصري < مركز الثقل في الأمن القومي المصري > , وعلى الرغم من عدم معرفة التفاصيل الدقيقة للمكالمة الهاتفية التي اجراها الرئيس السيسي مع ترامب ،وما حملته من عباراتٍ ودية وبروتوكولية , وقدّم كل من الرئيسين الدعوة للآخر لزيارة بلده , لكنّ من المرجّح والى حدٍ ما اقتناع الرئيس الأمريكي بصعوبة قبول الأردن ومصر باللاجئين المرشحين من قطاع غزة، وذلك لما قد يواجهه البلدان من ردود فعل داخلية , مع الإحراج النسبي لترامب في التراجع عن كلا تصريحيه المتقاربين بهذا الشأن , وهنا لابدّ من العودة الى الخبر الأول الذي اعلنته الأدارة الأمريكية، من أنّ سكّان غزة سوف يجري ترحيلهم الى مصر والأردن ودولة عربية ثالثة .! لم يجر تسميتها ! بالإضافة الى دولة البانيا ( المعزولة والتي لم يزرها أيّ سائحٍ من قبل – ومن المحتم أنها وافقت مسبقاً على ذلك مقابل مبالغ متواضعة من الدولار الأمريكي ) . ومع كلّ ذلك ،ومع التفاعلات الجارية آنياً بهذا الخصوص ،والتي لم تُحسم بعد , واذ الأصل هو تهجير سكّان غزة من بلدهم الى أيّ مكانٍ آخر , فالمرجّح ايضاً أن تجري الآن " على سيقانٍ واقدام " اتصالات مكثّفة مع بعض الدول واغرائها بمساعدات مالية ثريّة .!
في النظر بعمقٍ اكثر الى أصل الموضوع ،عن الأسباب والدوافع للتهجير والترحيل ( بما هو اصعب من تهجير اعداد هائلة من الفلسطينيين الى الأردن وسورية بعد حرب عام 1967 ) ومع الأخذ بنظر الإعتبار عن المشروع الأسرائيلي الكبير الى شقّ غزة وفتح قناة مائية فيها ،توصل مياه البحر الأحمر الى البحر المتوسط كبديل لقناة السويس في مصر " وهو أمر يتطلب مزيداً من الوقت والجهد والتكاليف الباهظة " لكنه من الزاوية الأمنية – الستراتيجية فإنّ تل ابيب تخشى من أن تعيد حماس هيكلها العسكري ،وبما يساعد على تكرار عملية طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر للسنة قبل الماضية " وبإخراج ونتاجٍ جديدين وبتقنيةٍ عالية مهما طال الزمن , وهذا التخوف الصهيوني الإستباقي يخضع لإعتباراتٍ سيكولوجية بعيدة المدى والتشعبات , ولذلك طلبت حكومة نتنياهو من الرئيس ترامب تحديداً بتبنّي مسألة التهجير والترحيل ,وهوأمرٌ لا يؤثر على مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي , إنما لإعطائه وزناً أثقل , ولإحداث البلبلة في اقطارٍ عربية .!