من هنا نبدأ- الغوا مجالس النهب وأعيدوا وزارة التصميم / كتب حسن صبرا

في لبنان مثل يقول كل مؤقت دائم وقد اثبتت مسارات كل المؤقتات صحته.

مجلس الجنوب أنشىء لخدمة ابنائه في مواجهة الاعتداءات الصهيونية، وكان لتحرك موسى الصدر المهدد بإحتلال القصور في بيروت اثر في الاسراع بتشكيله بدلاً من انتظار أي مخطط (لم ولن يوضع) لاحتواء النـزوح الجنوبي الى بيروت والمدن الأخرى.

قررت حكومة عبدالله اليافي في عهد شارل حلو هذا المجلس استجابة لتهديد الصدر لكن كامل الأسعد الذي يخاصمه الصدر هو الذي اختار رئيسه الأول فلما انقلبت المقاييس بعد احتلال آل الأسد للبنان وتخلي الأسعد عن رئاسة مجلس النواب، وانتخاب حسين الحسيني خلفاً له، نقل رئاسة هذا المجلس الى ضفة حركة ((امل)) فصار أحد أذرعها للسيطرة على الجنوب خدماتياً وسياسياً، وها هو مستمر رغم مرور نحو 45 سنة على هذا المؤقت.

المؤقت الثاني هو حصة وزارية لرئيس الجمهورية، بدأت في عهد اميل لحود فكان الوزير الرئاسي شارل رزق، واعتبرت هذه الحالة مؤقتة في الدوحة عام 2008، فكان للرئيس ميشال سليمان وزير ملك شيعي هو عدنان حسين، وها هو ميشال عون يريد حصة وزارية له في أي تشكيلة حكومية (يا سبحان الله، لم تبدأ حصص الرؤساء الوزارية، إلا في عهد  ثلاثة من قادة الجيش اللبناني).

فشلت تجربة حصة الرئيس عند الرئيسين لحود وسليمان، فلماذا يصر عليها قائد الجيش السابق الثالث الذي صار رئيساً؟

الجواب جاهز: لحود وسليمان لم يكن لأي منهما حيثية شعبية، بعكس حالة عون الشعبية والشعبوية.

ويكاد لسان حال كل من لحود وسليمان يقول ان أياً منهما لم يتحمل يوماً مسؤولية سفك دماء المسيحيين كما حصل عندما خاض عون ما يسمى بحرب التحرير ضد صديقه السوري الآن حافظ ووريثه بشار الأسد.

ولم يسفك أي منهما دماء المسيحيين كما حصل عندما خاض عون حرب الالغاء ضد (أوعى خيك اليوم) قائد القوات اللبنانية سمير جعجع بطل تفاهم معراب الذي أوصل عون الى الرئاسة.

لقد تسلم لحود وسليمان رئاسة الجمهورية بعد ان تم نزع صلاحيات حقيقية منها في اتفاق الطائف الذي ما كان لينـزع هذه الصلاحيات من دون حروب عون في التحرير والالغاء.

فهل يبدو تمسك عون بحصة رئاسية له في الوزارة محاولة تعويض عما خسره المسيحيون في اتفاق الطائف...؟

شريكه في صفقة ايصاله الى الرئاسة سعد الحريري يقول ألا عودة الى الوراء، وان اتفاق الطائف هو خط أحمر.. أليس هذا احد أسباب عرقلة تشكيل حكومة الحريري.. نحو أربعة أشهر حتى الآن؟

وفي طبيعة المؤقت الدائم يحفر رئيس مجلس النواب نبيه بري قناة لإيصال تجربة مجلس الجنوب الى البقاع الشمالي لإرضاء الجمهور الشيعي المظلوم والمحروم في هذه المحافظة، ولتسهيل ايصال هذه القناة، يقترح بري حفر قناة أخرى في عكار لإرضاء أهل السنة.

اقتراح مجالس في الهرمل وبعلبك وعكار وربما في مناطق أخرى في لبنان للدروز والموارنة مثلاً يدغدغ عواطف أهالي هذه المناطق كلها.. لأن مسار مجلس الجنوب في ثقافتهم هو مسار غنى من الصفقات والخدمات وزرع أعمدة الكهرباء وحفر الآبار وشق طرقات زراعية وإقامة جدران دعم وتوظيفات وتعويضات وكل ما يصرف المال على الانصار والمحاسيب وشراء الأصوات في الانتخابات..

من دون لف ولا دوران.

الحل ليس في مجالس جديدة للهدر والمحسوبيات واستغلال مال الدولة لحسابات فئوية او حزبية او حركية.

الحل هو في إعادة وزارة التصميم وإلغاء كل المجالس القائمة من مجلس الجنوب الى مجلس الانماء والاعمار.

الحل هو في ان يكون هناك تخطيط لكل لبنان.. لقد طرح رفيق الحريري شعار الانماء المتوازن لكل المناطق وكان يقصد المحرومة منها، في البقاع الشمالي وفي عكار تحديداً.. لكنه منع من أي عمل انمائي في هذه المناطق التي كان نظام آل الأسد يعتبرها امتداداً جغرافياً له. وها نحن نحصد واحدة من المزروعات الشيطانية لهذه الأسرة الهمجية بأكملها.

حسن صبرا