بيروت | Clouds 28.7 c

خاص – "الشراع" / لهذه الاسباب يخشى عون الاحتكام الى مجلس النواب

مجلة الشراع 7 شباط 2021

مهما قيل في حرب البيانات المحتدمة في البلاد حالياً بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر ، ومشاركة الرئيس ميشال عون ومستشاريه فيها ، فان احداً لا يستطيع ايجاد المبررات الدستورية لموقف رئاسة الجمهورية.

فعلى طاولته الرئاسية الورقة المقدمة من الرئيس المكلف سعد الحريري وتتضمن التشكيلة الحكومية المقترحة.

عون بامكانه اصدار التشكيلة من خلال التوقيع عليها، بدلاً من الاستمرار في موقفه بعدم تشكيل حكومة جديدة لا تراعي شروطه ، وهي شروط لم يعد خافياً على احد ان الثلث المعطل يتصدرها اضافة الى الاصرار على تولي حقيبة الداخلية والعدل فيها.

وعلى الرغم من  نفي بعبدا انها تطالب بالثلث المعطل، ردا على بيان الرئيس نبيه بري الذي حمل مسؤولية عدم تشكيل الحكومة لمن يتمسك بهذا الثلث ، فان عون كان اكد بشكل واضح هذا الامر من خلال قوله في حوار صحافي اجري معه مؤخرا انه يريد حكومة من عشرين وزيراً ولم يعد يقبل بحكومة من 18 وزيرا ، وهو ما يعني ضمنا انه يريد من حكومة ال20 ما لم يحصل عليه من حكومة ال18 اي الثلث المعطل بعد ان تضم ممثلاً لعضو كتلة التيار النائب طلال ارسلان.

 فماذا يحدث لو وقع عون التشكيلة المقترحة من الحريري كما هي؟

بكل بساطة ،يتم ارسال مرسوم تشكيل الحكومة الى مجلس النواب للتصويت على منحها الثقة او حجبها عنها.

واذا كانت هذه التشكيلة  لا تراعي ما يطرحه عون وفريقه من حرص على الانتاج والانقاذ وتحريك الاوضاع والتدقيق الجنائي وتحقيق الاصلاحات وفقا لما يطلبه المجتمع الدولي ، فليترك الامر لمجلس النواب وهو الذي يمثل الشعب اللبناني وفق الدستور اللبناني، فاما ان يمنحها الثقة او يحجبها عنها.

فاذا حجب المجلس الثقة عنها يصار الى اجراء استشارات نيابية ملزمة لاختيار رئيس مكلف لتشكيل حكومة جديدة ، وفي حال  حازت الحكومة على الثقة يلتزم رئيس الجمهورية بما ينص عليه الدستور ويكون امام فرصة بان تقوم هذه الحكومة بانقاذ ما تبقى من عهده الذي شهد اسوأ ما يمكن ان يشهده  في تاريخه.

الا ان كل ذلك يبدو انه ثرثرة لا طائل منها ، لان ثمة مشكلة قائمة حالياً بين التيار الوطني الحر وبين كل الاطراف السياسية في لبنان باستثناء حزب الله الذي يراعي حجم تمثيل الرئيس عون وموقع الرئاسة الاولى ويلتزم بما كان امينه العام السيد حسن نصرالله تعهد به في حرب تموز 2006  بان يكون وفياً مع الحلفاء الذين وقفوا مع المقاومة في تصديها للعدوان الاسرائيلي. علما ان اخر ما اعلن من معلومات اشار الى ان نصرالله وفي اتصال هاتفي مع جبران باسيل توقف عند مطالبته بالثلث المعطل من دون النظر الى موقف باقي الحلفاء.

ومشكلة عون والتيار الوطني الحر ليست فقط مع الخصوم في السياسة ، اي ما كان يعرف بقوى 14 اذار ، فالعلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي متدهورة كما هو معروف منذ افتعال جبران باسيل جولاته في منطقة الجبل قبل عام ونصف العام وما تلاها من احداث قبر شمون.

والعلاقة مع القوات اللبنانية في ذروة التصعيد ،بعد انهيار تفاهم معراب الذي لم ينفع في تصحيح ما افسده الدهر في العلاقة بين عون ومعه باسيل مع سمير جعجع.

وفي هذا التفاهم حاز عون على ما يريده منه اي رئاسة الجمهورية ، الا ان جعجع لم يستطع ان ينال من هذا التفاهم الا الحؤول دون وصول  سليمان فرنجية الى قصر بعبدا والرد على  سعد الحريري الذي كان تبنى هذا الترشيح.

اما العلاقة مع تيار المستقبل فانها في خط بياني متصاعد في سلبيته ، بعد السقوط المدوي للتسوية الرئاسية بسبب التجربة المشتركة بين الطرفين والتي اقل ما يمكن ان يقال فيها انها لم تكن متوازنة وقف معادلة بشارة الخوري ورياض الصلح التي سبق لجبران باسيل ان تحدث عنها ، ولم يكن ممكنا استمرارها بسبب الآحادية التي اتهم تيار المستقبل صهر عون بالعمل على فرضها في اطار الانقلاب على اتفاق الطائف.

واذ التزم الحريري بما هو مطلوب لجهة المساهمة في ايصال عون الى بعبدا ، لم يتم الالتزام ببقاء زعيم المستقبل رئيسا للحكومة طوال ولاية رئيس الجمهورية ، بعد استقالة الحريري من رئاسة الحكومة بعد انتفاضة 17 تشرين قبل ان يعود كرئيس مكلف منذ خمسة اشهر وحتى الان.

والامر نفسه واكثر ينطبق على حزب الكتائب وغيره من القوى والشخصيات المستقلة في فريق 14 اذار السابق ، فماذا عن الحلفاء؟ او المفترض انهم حلفاء سواء كانوا وفق قاعدة حليف الحليف او اي قاعدة اخرى.

ماذا عن العلاقة مع تيار المردة وزعيمه سليمان فرنجية  الذي وصل به الامر في توجيه الانتقادات والهجوم على عون وصهره وفريق العهد حدا لم يصل اليه احد، وماذا عن حركة امل ومسار التعاطي بينها وبين التيار الوطني الحر وهو مسار صارخ في تباعده، هذا اذا كان المطلوب تحييد العلاقة بين الرئيس نبيه بري وعون عما تشهده العلاقة بين الطرفين المذكورين.

اما عن العلاقة بين التيار الوطني الحر وباقي الاحزاب في قوى الثامن من اذار ، فتكفي الاشارة الى ما هو قائم بين التيار والحزب السوري القومي الاجتماعي من تباعد ولا ثقة . فيما بدا واضحا ان الامر نفسه ينسحب على تكتلات اخرى مثل اللقاء التشاوري و احزاب اصغروشخصيات مستقلة لا داعي في هذا المجال للحديث عنها.

بناء على ما ورد فانه من المؤكد ان النواب ال65 الذين سموا الحريري رئيساً مكلفا سيمنحون الثقة للحكومة كما طرح تشكيلتها على عون، علما ان النواب الاخرين باستثناء اعضاء تكتل لبنان القوي ، اذا لم يمنحوا الثقة للحكومة فليس بناء للقواعد التي اعتمدها التيار الوطني الحر بل لاعتبارات سياسية وحزبية خاصة بهم وفي مقدمة هؤلاء نواب القوات اللبنانية التي تطالب اليوم باجراء انتخابات نيابية مبكرة.

ولهذا السبب فان عون يخشى الذهاب الى مجلس النواب والاحتكام الى ما يقرره لانه  واثق بان الامور لن تأتي وفقاً لما يشتهيه ويريده فالجميع اجمالا ضده لانه في الاصل ضد الجميع ومشكلته ليست فقط مع الحريري وتيار المستقبل بل  مع كل كتلة و وتكتل ونائب مستقل .

وفي الاصل لماذا لا يعمد عون الى الطلب من مجلس النواب تفسير ما ورد في الدستور حول صلاحيات رئيس الجمهورية في موضوع تشكيل الحكومة ، بعد ان اخفقت محاولاته لتفسيرها في المجلس الدستوري ؟

فكيف يمكن للامور ان تستقيم عندما يقوم حزب واحد ووحيد وهو التيار الوطني الحر ، ومهما كان حجم تمثيله النيابي والشعبي وهو في احسن الاحوال لا يتجاوز نسبة العشرين بالمائة من اللبنانيين  ان يتحكم بامر حيوي وهام يتعلق بمصير بلد باسره ، سواء كان ذلك بمسوغات دستورية يتم التنظير لها حالياً او من دون هذه المسوغات.

وبالطبع فان نسبة العشرين بالمائة مبالغ فيها ، لكن اذا سلمنا بذلك، هل يعني ذلك اننا  صرنا في زمن حكم الحزب الواحد الذي يعطل الامور اذا لم تكن ملائمة لطروحاته ومصالحه ومكاسبه ،اوييسرها في حال أمنت له ما يريده  حاضراً ومستقبلاً ايضاً.

والرد على ذلك ممكن من خلال العودة الى ما كان يطرحه التيار وبلسان عون نفسه عندما كان يتحدث عن المشاركة والديمقراطية التوافقية. فهل ما كان مقبولا قبل الوصول الى الرئاسة اصبح مرفوضاً بعد التربع على كرسيها.

وبالطبع فان من حق اي فريق ان يعمل من اجل الحفاظ على مكتسباته وتعزيزها ولكن ضمن الاطر الطبيعية والدستورية وبعيداً عن التعطيل او التسبب بالازمات وهي اليوم ازمات تطال ليس فقط النظام والدولة والمجتمع بل وايضا الكيان والمصير.

فهل يستمر هذا الوضع على هذا المنوال مع الاضرار التي يسببها لكل لبنان ومن ضمنه قواعد التيار الوطني الحر وجمهوره؟

واذا لم يتراجع التيار عن شروطه العالية السقف ،هل يعني ذلك ان الدوامة التي يعيشها لبنان لن يخرج منها قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟

 

الوسوم