بيروت | Clouds 28.7 c

الحج أشهر معلومات: ردود تناقش- تعترض- تفترض.. وكلها تضيف

الحج أشهر معلومات: ردود تناقش- تعترض- تفترض.. وكلها تضيف

مجلة الشراع 20 أيلول 2019 العدد 1917

على مقال رئيس التحرير الزميل حسن صبرا:

نداء الى ولي عهد المملكة العربية السعودية تحت عنوان: ((الحج أشهر معلومات فلماذا حشر المسلمين في يوم واحد))

 

منذ تاريخ نشر العدد الذي وجه فيه رئيس التحرير الزميل حسن صبرا نداء الى ولي عهد المملكة العربية السعودية تحت عنوان: ((الحج أشهر معلومات فلماذا حشر المسلمين في يوم واحد)) والردود تتوالى على النداء من كل أرجاء العالم الاسلامي وحيث ينتشر مسلمون في الأرض.

اخترنا من الردود واحداً من لبنان للشيخ محمد علي الحاج العاملي، وآخر من السودان للاستاذ عثمان عوض والثالث من السويد للشيخ د. محمود الدبعي.. مفسحين المجال للمزيد من النقاش والردود:

 

لا مانع من تجميد فريضة الحج في الظرف الذي لا تؤدي الهدف منها / الشيخ محمد علي الحاج العاملي

رغم اصطدامه بالكثير من النصوص الدينية التي عمل بها فقهاء المذاهب الإسلامية المختلفة حول توقيت الحج، لكن كلام الأستاذ حسن صبرا يفتح النقاش واسعاً حول جملة إشكاليات في الدين وفهمه ونصوصه، ومساحة الإجتهاد في فهم الدين، وهل يمكننا تجاوز النصوص الدينية متى ما تعارضت مع مصلحة عامة؟ وهل نملك الخيار في العمل بما نشاء لا سيما مع تطور المجتمعات ونموها، وتضخم عدد البشر، حيث يصبح السؤال مشروعاً - إن لم نقل بأنه صار واجباً - حول تعديل بعض شكليات أو تفاصيل العبادات.

 فالسؤال حول عدم ضرورة حصر عبادة الحج في زمن معين، وهو ما اصطلح عليه الفقهاء بـ((الواجب المضيق)) في قبال ((الواجب الموسع))، أو ((الواجب المحدد))، في قبال ((الواجب غير المحدد))..

 وحتى لو فرضنا أن النبي حدد يوماً معيّناً، ثم حصل اكتظاظ سكاني، فهل نبقى ملزمين بذلك اليوم، أو يمكن القول بتغيير الأنظمة والقوانين بما يتلاءم وينسجم مع مصلحة المجتمع في عصرنا الراهن.

 فلا نشك في حديث رسول الله: ((الحج عرفة)) وأن الوقوف في عرفات يوم التاسع من ذي الحجة هو اليوم الذي كان المسلمون يقفون فيه في عرفات أيام رسول الله.

 وهنا نتطرق لعدة نقاط موجزة:

 أولاً: ينبغي التوكيد أنه قد فرض الحج في العام التاسع للهجرة، ما يعني أن المسلمين حتى أواخر حياة النبي صلى الله عليه وآله لم يكن الحج قد دخل لحياتهم العبادية، نظير الصلاة، أو سواها من العبادات، وقد يستشف من ذلك الشيء الكثير.. كما قد يرد علينا البعض بأنه أمر عادي أن لا يتمكن المسلمون من الحج في أثناء هجرتهم إلى المدينة المنورة، حيث كانت المخاطر كبيرة، ولكن بعد أن اشتدّ عود المسلمين فقد صار من الطبيعي ممارسة الحج بشكل طبيعي.. وهذا الكلام دليل على ما نود إثارته، بغية التفكير بصوت عال، وقلم واضح وصريح، هل لنا أن نقتدي برسول الله، ونقدر لكل ظرف وزمن حاجاته ونمطه، فنعدّل بذلك بما ينسجم مع مآلات الأمور، كما فعل رسول الله؟ أم أن هذا الشأن من اختصاصه صلى الله عليه وآله؟ وإذا كان كذلك فما هو دليل اختصاصه بالنبي؟

ثانياً: قال تعالى: ((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ  عَمِيقٍ)) فما رأي أصحاب وجهات النظر التقليدية بأن يكون الحج مشياً على الأقدام كما في النص ((رِجَالاً))؟! والخيار الآخر: ((ضَامِرٍ)) الذي يأتي بمعنى: الإبل المهازيل، كما جاء في كل كلام مفسري القرآن الكريم؟!

فلماذا لا نقف عند حرفية النص القرآني، بأن يكون حجنا عبر المشي او الإبل؟! ألم يرد بذلك نص قرآني؟

 ثالثاً: كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله مواقيت عدة للحج، مثل: يلملم، الجحفة، قرن المنازل.. التي كانت ممرات عملية وطبيعية قبل استحداث وسائل الطيران، التي سهّلت كثيراً.. فهل نبقى على تلك المواقيت القديمة، أم نستفيد من التطور الراهن الذي جعلنا نُحْرِم من الطائرة كما يرى بعض الفقهاء، أو نحرم من المكان الذي نصل إليه عبر الطائرة؟ على تفصيل في ذلك.

وبتعبير الفقهاء: هل حدد رسول الله المواقيت على سبيل الموضوعية أم الطريقية؟ وواضح أن هذه المواقيت كانت تقصد لحاجات السفر آنذاك ولم تكن تقصد لنفسها..

 رابعاً: إنني لا أتحفظ عن ضرورة إعادة النظر بأساس العبادات، فمثلاً وجوب الزكاة من ضرورات الدين، ومن ينكر وجوب الزكاة كافر، ومع ذلك أذهب لأنه لا مانع من تجميد العمل بهذه العبادة في المورد الذي يكون ضررها أكثر من نفعها، بمعنى آخر، الزكاة ضرورة وحاجة لمساعدة الفقراء.. وليست ضرورة وحاجة لتكون وسيلة لبناء زعامات ثرية ثراء فاحشاً كما حصل ويحصل في أكثر من مكان!

والشيء نفسه حيال فريضة الجهاد، التي هي من ضرورات الدين أيضاً، ولكن حاجتنا لها لحفظ كيان المسلمين، ولدفع الضرر.. ولكن لا نتمسك بها عندما تكون وسيلة لتشكيل عصابات!

وكذلك الأمر بالنسبة لفريضة الحج، فهي عبادة ومن ضرورات الدين، ومنكر وجوب الحج يحكم بكفره فقهياً، ولكن الحج شُرِع لهدف توحيد الخالق.. ومتى ما انتفى هذا الدور الجليل الذي لأجله كان وجوب الحج فلا مانع من وجود رأي استثنائي حيال تجميد هذه الفريضة في الظرف الذي لا تؤدي الهدف منها.

الشيخ محمد علي الحاج العاملي

 

والرسول عدّل في الكثير من العبادات / بقلم: عثمان عوض – السودان/  الخرطوم

بمعزل عن كل ما يمكن قوله في هذا المقام، من عدم ذكر القرآن الكريم لعيد الأضحى، ومن عدم وجود دليل ((قرآني)) على حصر الحج في فترة ضيقة جداً، وأن كل ذلك عمل به الفقهاء اعتماداً على نصوص روائية وليست قرآنية، لكنني أود أن أقارب الموضوع من زاوية أخرى تماماً.

فمعلوم أن الشريعة وجدت من أجل الإنسان وليس العكس، كما معروف أن الأساس هو الإنسان، والشريعة يجب أن تتغير وفقاً لمصلحة الإنسان.. 

واليوم مع تضخم أعداد الحجاج، لا بدّ من اجتراح الحلول لكي يتم الحج بيسر ومن دون أن يشكّل إرهاقاً وتعباً وإحراجاً..  ليس لألوف أو عشرات ألوف الحجاج، بل للملايين، فلطالما حجّ ما يزيد على مليوني شخص!

ويضاف لذلك، ووفقاً لمرويات بعض المسلمين فإن النبي محمد عدّل في الكثير من العبادات، كما في إحدى الروايات نقّص من عدد ركعات الصلاة من إحدى وخمسين ركعة إلى سبع عشرة ركعة. وغيّر في وقت الافطار في شهر رمضان بعد أن كان الصيام لما بعد الغروب. ثم حوّل اتجاه القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، ولكن بنص قرآني!

ولا ننسى أن عامل الأمن وحماية التجار والحجاج كان الأساس في حصر الحج بفترة زمنية محدودة جداً، واليوم اختلف الأمر، وتالياً فلا ما يمنع أن نرى ما يلاءم إنسان عصرنا الراهن، وبذلك نكون أقرب لفهم منهج رسول الله محمد الذي كانت ميزته الأساسية أنه يستشرف المستقبل، وطوّر بيئته وواقعه انطلاقاً من هذه الخلفية.

عثمان عوض – السودان/  الخرطوم

 

أشهر معدودات لإحرام الحج وليس لفعل الحج / د. محمود الدبعي - مستشار دولي

تعليق مختصر على نداء حسن صبرا الموجه الى الأمير محمد بن سلمان بخصوص الحج لأحداث ثورة مغلفة بثوب فلسفي عجيب يستخف به بعقول المسلمين من خلال تفسير لا ينسجم مع ما اتفق عليه المسلمون الأوائل والتابعون وتابعوهم الى يومنا هذا، لأن التشريع له مصادر عدة منها القرآن الكريم وسنة المصطفى صلوات الله عليه والهدف الظاهر من النداء هو القضاء على مؤتمر الحج في الركن الأعظم وهو الوقوف على عرفة في التاسع من ذي الحجة واعتاده المسلمون منذ انطلاقة رسالة الإسلام على يد نبي الرحمة. وأقول للأستاذ حسن صبرا أن هناك فارقاً بين الحج بمفهومه العام وشعائر الحج التي حدد المناسك المتتابعة للحج وأيامها المعروفة لدينا هو الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال ((لتأخذوا عني مناسككم)) وبالتالي فهو فعلٌ توقيفي من الرسول عليه الصلاة والسلام الموحى له من عند الله عز وجل، وبناء عليه ليس لنا إلا السمع والطاعة. والله تعالى يقول ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب)). هل يريد منا حسن صبرا أن نترك فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ونأخذ بفلسفته ومن ثم يأتي علينا في مرحلة قادمة ويقول ان فعل الصلاة الذي نتعبد به غير مذكور بالقرآن الكريم بهذه التفصيلات ونترك الخيار لكل شخص يصلي حسب فهمه للآيات الكريمات.
كما أنّ المقصود بكونها شهوراً للحج ليس بمعنى صحة أفعال الحج فيها، ولكن بدء الإحرام فيها للحج، أو أداء العمرة، فالحج له أفعال عدة وكلها مرتبطة بزمن معين لكل منها، فالاحرام له زمنه ويجوز في أي من شهور الحج المذكورة، وهو من أفعال الحج، ويجوز ان يكون في شوال أو ذي القعدة أو قبل انطلاق المناسك في ذي الحجة أما الوقوف بعرفة فله زمنه وهو فقط في التاسع من ذي الحجة، والنحر له زمنه وهو يوم العاشر من ذي الحجة، والسعي والطواف ورمي الجمرات، كلها من أفعال الحج وتؤدى في أزمنة خاصة من شهور الحج وتحديداً في ذي الحجة. وليس معنى ((شهور الحج)) أن أفعال الحج كاملة تؤدى في أي شهر منها!!
الحج استاذي  بإطاره العام  يبدأ من شوال وذي القعدة وعشرة من ذي الحجة.. يعني ان الحج المذكور في الآية: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) هو الحج بإطاره العام وهو عبارة عن شهرين وعشرة ايام ..يعني ان اشهر الحج تبدأ من واحد شوال ثم ذي القعدة ثم عشرة من ذي الحجة وهي أشهر استعداد للحج .
أما شعائر الحج فهي ايام معلومات ((فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ)) كما قال تعالى بكتابه الكريم)) :َأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير))َ والايام المعلومات هي يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر ويوما رمي الجمرات ثم اعاد المولى عز وجل تلك الـ ((أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ)) بمكان آخر ولكن هذه المره أسماها ((أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)) فقال تعالى: ((وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) وفي هذا دلالة على ان مناسك الحج وشعائره هي في ايام معدودة ((خمسة ايام)) بأوقات معلومه .
لن أخوض في مسالة الأشهر القمرية والشمسية بالتفصيل، لكن الذي فهمته من طرح الأستاذ بأنه يريد اعادتنا الى موضوع قديم يعرف بإسم التقويم الجلالي ((التقويم الهجري الشمسي))، نسبةً إلى جلال الدولة ملك شاه سلطان السلاجقة، وهو تقويم مداره الأبراج الفلكية التي تمر فيها الشمس، ولكل برج فلكي 30 درجة قوسية على مسار الشمس، حيث تمر الشمس ببرجٍ واحد من كل شهر شمسي، ويتكون التقويم الهجري الشمسي من 365 يوماً في السنة البسيطة، و366 يوماً في سنته الكبيسة، وقد وضع هذا التقويم العالم المسلم عمر الخيام بمساعدة سبعة علماء من علماء الفلك. و بهذا يريد منا ان نحدد شهراً محدداً لصوم رمضان وحج البيت ويناقض طرحة حول الحج بأنه أشهر معلومات.
وباختصار أقول ان الشهور القمرية  تتشابه فيما بينها، وتقسم إلى قسمين: تشابه فلكي: نتيجة دوران القمر حول الأرض وتشابه شرعي: حيث تنطبق الأحكام الشرعية ذاتها على جميع الشهور من حيث ثبوت الدخول والخروج.
د. محمود الدبعي – ستوكهولم - السويد
مستشار دولي

لقراة المقال الرئيسي موضوع النقاش، يجى الضغط على الراط التالي??

من هنا نبدأ / نداء من حسن صبرا الى الأمير محمد بن سلمان: الحج اشهر معلومات.. فلماذا حشر الناس في يوم واحد؟

الوسوم