لهذا خُطف الإمام الصدر.. / الشيخ حسن حماده العاملي
الشراع 20 تشرين ثاني 2023
إحتلت القضية الفلسطينية حيّزاً كبيراً من حركة وفكر الإمام السيد موسى الصدر، حيث أولاها اهتماماً بالغاً، فعمل على دعم المقاومة الفلسطينية، ووضع اللبنة الأولى لحركات المقاومة في لبنان، وأنشأ حركة المحرومين، وجعل القضية الفلسطينية في متن ميثاقها. كما جاء في البند السادس : " وفلسطين الأرض المقدسة التي تعرّضت ولم تزل لجميع أنواع الظلم، هي في صلب حركتنا وعقلها وإن السعي لتحريرها أولى واجباتها..." ودعا الى حفل إفطار في فندق الكارلتون عام 1969 لجمع التبرعات للثوره الفلسطينية.
لقد استشعر الإمام الصدر حجم الخطر المحدق بفلسطين وقضيتها فتنقّل من دولة إلى أخرى (عربية وغربية وإسلامية) في سبيل دعم القضية الفلسطينية فعقد مؤتمراً صحافياً في 10 آب 1970 في مدينه بون - ألمانيا، أوضح فيه حقيقة القضية الفلسطينية مندّداً بمحاولات تهويد المدينة المقدسة.
وفي 30 آب 1970 أجرى الإمام الصدر مقابلة صحافية في فرنسا قال خلالها : إن مأساة فلسطين لطخة سوداء في الضمير العالمي، وإن نضال الشعب الفلسطيني هو دفاع عن الأديان وعن قداس القدس، وإن إسرائيل دولة عنصرية توسّعية، وأن لبنان بتعايش الأديان فيه ضرورة دينية حضارية".
وكان الرئيس المناضل جمال عبد الناصر قد استقبل الإمام الصدر في منزله في 11 آذار 1970 لمدة تزيد على ثلاث ساعات، حيث تمحور اللقاء (بحسب ما أبرزته كبرى الصحف المصرية) عن قضايا الأمة العربية والإسلامية الراهنة لجهة تمتين الوحدة الإسلامية والعربية في سبيل توحيد الجهود في مواجهة العدوانية الصهيونية وتحرير فلسطين، كما وتمتين الوحدة اللبنانية والحرص على تأكيد تنظيم العلاقات بين لبنان والمقاومة الفلسطينية. وكان لهذا اللقاء الأثر الفاعل لاحقاً في هذه الأطر.
ودّع الرئيس عبد الناصر الإمام الصدر إلى باب سيارته، متمنياً عليه تمديد زيارته أسبوعاً للإحتفاء به.
في 28 ايلول 1970 غاب جمال عبد الناصر الرئيس الذي كان يجسّد آمال الأمة العربية كما نعاه الإمام الصدر.
أدرك الإمام أن هناك من لا يريد لفلسطين أن تتحرّر، فوقف في الذكرى الاولى لحرب تشربن اول 1974 في الأونسكو مخاطباً ياسر عرفات (الرئيس الفلسطيني الراحل) وبجرأة قلّ نظيرها، قائلاً : "خذ علماً يا أبا عمّار أن شرف القدس يأبى أن يتحرّر إلا على أيدي المؤمنين الشرفاء"
ففلسطين لن يحرّرها المقاولون والتجّار بل المقاومين الأحرار.
وبعد ان اشتكى الصدر من تجاوزات المنظمات الللسطينية في الجنوب ، قال عبارته الشهيرة : بعمامتي يا ابا عمار احمي المقاومة
لقد حلّت حركة الإمام الصدر ومواقفه همًّا كبيراً وعبئاً ثقيلاً على كاهل المتربّصين بفلسطين وقضيتها، فقد حملها في وجدانه ورسّخها في وجدان الأمة مؤكداً وبكل صراحة "أن إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام" .
ضاق العملاء ذرعاً بالإمام الصدر وبحركته ،فخطّطوا ومكروا وفي ذلك اليوم المشؤوم 31 آب 1978نفّذوا جريمتهم.
نعم لقد خطفوا الإمام وعينه كانت على القدس، وها هي اليوم، فما زالت القدس تنتظر موسى .. ليضرب بعصاه الطوفان .. فيفلقه .. مستخرجا منه النصر والتحرير، وليُغرق إسرائيل "إنهم جند مغرقون".
الشيخ حسن حماده العاملي
الشراع