بيروت | Clouds 28.7 c

كمال شاتيلا اهم ظاهرة تنظيمية ناصرية/ كتب حسن صبرا

 

كمال شاتيلا
اهم ظاهرة تنظيمية ناصرية/ كتب حسن صبرا

الشراع 26 ايار 2023


غيب الموت في القاهرة التي عشقها ، صاحب ابرز ظاهرة تنظيمية ناصرية في لبنان والوطن العربي كمال شاتيلا 
فهو ربما اول من انشأ تنظيماً ناصرياً وهو على مقاعد الدراسة في الجامعة اللبنانية ، وقد انصرف الى التنظيم والاستقطاب من هذه الجامعة في معظم كلياتها التي كانت في منطقة الصنائع التي صارت مقراً للحكومة ثم لوزارة الداخلية حتى الآن .. سكن الاخ كمال كلية الحقوق سنوات ليستقطب ولينظم وهو صاحب كاريزما مميزة بوجه بشوش وطول فارع واسلوب جذاب في الإقناع والتأثير ، وكان معجبون به مزجوا بين اسم كمال واسم معبود الجماهير جمال عبد الناصر ، الذي اطلق شاتيلا اسم اول تشكيل تنظيمي اجتماعي سياسي اعلنه جمال في الميثاق الوطني عام 1962. وهو تحالف قوى الشعب العاملة ، فصار في لبنان لعقود : اتحاد قوى الشعب العامل ( اقشع ) .
ثابر كمال شاتيلا على الاستقطاب والحركة في الجامعة اللبنانية حتى
نجح في اقتسام قيادة اتحادها مع حركة الوعي الصاعدة والمعبرة عن رفض طلابي وطني بقيادة شباب مسيحي من ابرزهم المفكر الآن د عصام خليفة ،لمسار النظام اللبناني ( الف رحمة عليه بعد ان ورثته اوسخ وانجس طغمة مافياوية مرت على لبنان وما زالت موغلة في افتراسه وبنيه ) 
لم تجر في شوارع بيروت مظاهرة لإقشع إلا وكنت فيها هاتفاً الشعار الذي كان كمال يتقن وضعه امل مناسبة " وحدة وحدة وحدة —وحدة لا محال 
بعقيدة جمال 
تحيا رايك مين - حبيب الملايين 
بطل العروبة الثائر جمال عبد الناصر 
كنت وما زلت ناصرياً مستقلاً قبل التزامي بالتنظيم الطليعي فرع لبنان عام 1973 ، وهو الذي اسسه جمال عبد الناصر عام 1965 ، وقد اختلفت مع من كنا نسميهم جماعة شاتيلا ، بعد انقلاب انور السادات على خط جمال عبد الناصر في 13-5-1971. وكنت كناصري مستقل اعتبر ان انور السادات خائناً طريق ونهج جمال ، وقد هدد السادات رجال عبد الناصر بعد ان انقلب عليهم بالفرم وقال بالحرف : انا حفرمهم وكانت الصدمة ان كمال شاتيلا وجه جماعته الى السفارة المصرية تهتف : فرم فرم يا سادات 
كنت التقي عدداً من جماعة شاتيلا في بيروت وفي قريتي حداثا ويدور بيننا نقاش او نقار او مشادات حول الموقف من السادات … وكنت اعتبر السادات وما زلت خائناً لثورة عبد الناصر وكانوا هم يدافعون عنه بشراسة
لكني عندما رشح الاتحاد الشاب الناصري المحامي نجاح واكيم ، على مقعد روم ارثوذوكس في بيروت ، التزمت العمل في حملته الانتخابية طيلة اشهر الشتاء والبيع عام 1972وكنت مع الاخ زكريا الرفاعي مندوبين في قصر العدل للحصول على النتائج النهائية ، ليفوز نجاح ب 16 الف صوت ويخسر المرشح الآخر نسيم مجدلاني الذي كان شعار حملته : نسيم مجدلاني -عربي مجاني .
لم التزم يوماً اتحاد قوى الشعب العامل ، وكان لي في صفوفه اصدقاء محبين على رأسهم كمال شاتيلا وحسن مطر وحسن قبيسي والراحلون من ابناء بلدتي            موسى دبوق 
ومحمد كرنيب وخضر بردى .
ومن ابرز محطات حياتي التنظيمية عند تأسيس رابطة الطلبة العرب الوحدويين الناصريين ، التي كانت احدى اغطية التنظيم الطليعي في جامعات العالم .. ان مؤتمرها التأسيسي الذي عقد في مقر جمعية متخرجي جامعة بيروت العربية في شتاء 1974 ، تأخر افتتاحه لأكثر من ساعة ..لماذا؟ لأن هناك من وشى على حسن صبرا انه من جماعة كمال شاتيلا . .استدعاني الاخ صلاح الدسوقي المكلف من قيادة التنظيم الطليعي في مصر كي يقول لي : أخ حسن … لقد تم تأخير عقد المؤتمر التأسيسي لرابطة لبنان بسبب اعتقاد البعض بأنك من جماعة شاتيلا ، وانا اثق بجوابك ، فهل انت من هذه الجماعةً؟ ابتسمت وانا ارد : ولو كنت منها هل كنت سأخجل من قول ذلك ؟ انا شاركت في كل نشاطاتها تحت راية وصور جمال عبد الناصر ، ولم التزم معها ابداً وكنت الاشجع في نقدها عندما انحرفت خلف انور السادات بعد انقلابه على نهج جمال عبد الناصر . 
كنت اراقب تحولات شاتيلا من ناصري الى ساداتي ثم الى واحد من جماعات استخبارات حافظ الاسد في لبنان ثم الى متمول من السعودية وهو يخفف شعارات الناصرية ليشكل ما يسمى المؤتمر الشعبي ، وفي كل فترة كان يبتدع تسمية جديدة تتناسب مع مسافة الإبتعاد عن الفكر والسياسة والمنهج الناصري والإقتراب من مشروع حافظ الاسد للقضاء على التحالف الوطني اللبناني - الفلسطيني في لبنان .
وبلغ اقترابه من استخبارات الاسد في لبنان الى حد ترتيب لقاء شهري مع حافظ الاسد ، لتطفو على السطح معادلة سياسية جديدة في لبنان يمثل فيها كمال شاتيلا السنة في مقابل تمثيل بيار الجميل الموارنة ، وهذان الشخصان اصبحت في نظر اعلاميين وسياسيين هما رياض الصلح وبشارة الخوري في مرحلة احتلال الاسد في لبنان ، وعندما احتل جيش الاسد لبنان من البقاع في حزيران عام 1976، هاجمت القوى الوطنية والفلسطينية مكاتب جماعاته في بيروت ومنها مكاتب شاتيلا واحمد جبريل ومكاتب الحزب السوري القومي وحزب رزكاري الكردي ليهرب شاتيلا والنائب واكيم 
وعندما كانت الحركة الوطنية في لبنان بقيادة كمال جنبلاط ، شريكة منظمة التحرير الفلسطينية في الدفاع عن عروبة لبنان ، اسست استخبارات الاسد ما يسمى الجبهة القومية اللبنانية برئاسة كمال شاتيلا الذي كان يجلس على قمة طاولة الاجتماعات والى يمينه الأمين القطري لحزب البعث السوري عاصم قانصو .
وهناك اسباب لن نكتب عنها ، دفعت الاسد للتخلي عن شاتيلا الذي كان انقلب على السادات بعد ان وقع اتفاقية فصل القوات مع العدو الصهيوني بما عرف بإتفاقية سيناء الاولى في ايلول 1975وبات في حضن السوريين … غادر شاتيلا لبنان مكرهاً ومن دمشق التي دعي اليها وقيل له فيها : اختر اي بلد تريده لنحجز لك من مطار دمشق ولكنك لن تعود الى لبنان 
وما عاد شاتيلا الى بيروت الا بعد ان احتاجت استخبارات في دمشق شاتيلا للعودة من اجل مناكفة رفيق الحريرى ( وهذا حديث آخر) .
ولا يمكن ونحن نكتب عن كمال شاتيلا ، ان نتجاهل قدرة الربط والتنظيم والولاء عند الاتحاديين التي تدين لاسلوبه وشخصيته وزعامته الحقيقية 
فقد نجح شاتيلا في اقامة تنظيم حديدي على الطريقة الشيوعية مرتبطة كلها بشخص وكلام ومواقف الاخ كمال ، وهذه ظاهرة لم تعرفها التنظيمات والحركات والاحزاب الناصرية من موريتانيا حتى اليمن 
وقد شغل شاتيلا انصاره بالقراءات والتدريب على النقاشات الساخنة واعتماد المبالغات والهروب من النقاش الجدي الى الشكليات .
واعتمد شاتيلا توجيه جماعاته للعداء الحاسم ضد الشيوعيين على مدى عقود ، والغريب انه وجه جماعته لمكافحة ما اطلق عليه الفكر العصمتي نسبة للمفكر العروبي عصمت سيف الدولة صاحب نظرية اسس الإشتراكية العربية ، واستفسر في مجابهة سيف الدولة بعد ان اعتقله انور السادات بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم ، في وقت تحالف فيه السادات مع الاخوان المسلمين بطلب من الملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز 
الامر الثاني ان شاتيلا نجح في الانتشار في كل محافظات لبنان وضم معه سنة وشيعة وقلة من الدروز كان من ابرزهم الشاعر  طارق ناصر الدين ..واسس لجاناً للعمل الناصري في الجامعات وفي الثانويات وفي النقابات .
رحم الله الاخ كمال الناصري - الساداتي - السعودي -الاسدي 
    حسن صبرا 
الشراع