بيروت | Clouds 28.7 c

: آخر الأخبار

هُبَل من أقدم الأصنام التي عبدها العرب قبل الإسلام/ كتب عبد الهادي محيسن

 

هُبَل من أقدم الأصنام التي عبدها العرب قبل الإسلام/ كتب عبد الهادي محيسن

الشراع 3 تشرين اول 2022

 

هبل من أقدم الأصنام التي عبدها العرب وكان أعظم أصنام قريش ، وهو مصنوع من عقيق أحمر على صورة إنسانمكسورة يده اليمنى وقد أدركته قريش كذلك فجعلوا له يداً من ذهب ويقول ابن حبيب : إن هُبل كان لبني بكر ومالك وسائر بني كنانة ، ويعود ذكر هُبل الى قوم ثمود حيث كان معبوداً عندهم ودخل في أسماء الأعلام المرّكبة لديهم فنجده في إسم علم "

بهٌبل و " خصي هُبل " .

والإسمان يشيران الى أن الثموديين كانوا ينذرون أحد الأبناء الى هذا الإله كما أن من عبّاده من كان يقدم ذكورته قربانا له لينضم الى خصيان معبده ، واستمرت عبادة هبل عند العرب حتى مجيء الإسلام .. يقول الواقدي : كان حول الكعبة ثلاثمائة صنم ، وستون صنما مرصرصة بالرصاص وكان هُبل أعظمها وهو مواجه الكعبة على بابها .

نُصب هُبل على البئر في بطن الكعبة وإسم البئر الخسف وكانت أمامه حفرة إسمها بغبغ وتذكر رواية عربية عن أصل البغبغ أن إبراهيم عليه السلام حفر جبّا في بطن البيت يكون خزانة للبيت يٌلقى فيه ما يهدى للكعبة وهو الجب الذي نصب عليه عمرو بن لُحي هُبل فيما يروي ابن الكلبي : أن أول من نصبه خُزيمة بن مدركة بن مضر .

وعن أصل هُبل والمكان الذي أحضر منه يقول الأزرقي : إن عمر بن لُحي جاء بهبل من هيت من أرض الجزيرة وفي رواية ابن الكلبي من حُمّة كانت في البلقاء من الشام وكانت تلبية هبل : " لبيك اللهم لبيك أننا لقاح ، حُرمتنا على أسنة الرماح ، يحسدنا الناس على النجاح " ، وكان الرجل إذا قدم من سفر بدأ به بعد طوافه في البيت وحلق رأسه عنده وكان قربانه مئة بعير وكان له حاجب .

كانت لهُبل سبعة أقداح يُضرب بها على المولود والميت والعذرة والنكاح وقد كتب في أول الأقداح : صريح وفي آخره مُلصق ، فإذا شكوا في مولود أهدوا له هدية ، وكان العرب إذا اختصموا في أمر أو أرادوا سفرا أو عملا أتوا هُبل فاستقسموا بالأقداح عنده وعنده ضرب عبد المطلب بالقداح على إبنه عبد الله والد النبي محمد  (ص) .

وتعد رواية محمد بن إسحاق الأكثر تفصيلا في أقداح هُبل يقول : كان عند هُبل في الكعبة سبعة أقداح كل قدح منها في كتاب ، قدح فيه " العقل " إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة عليهم فإن خرج العقل فعلى من خرج حمله ، وقدح فيه " نعم " للأمر إذا أرادوه يضرب به في القداح فإن خرج قدح فيه نعم عملوا به وقدح فيه " لا " فإذا أرادوا الأمر ضربوا به في القداح فإذا خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر .

وقدح فيه " منكم " وقدح فيه " ملصق " وقدح فيه " من غيركم " وقدح فيه " المياه " فإذا أرادوا أن يحفروا بئرا للمياه ضربوا بالقداح فحيث ما خرج لهم عملوا به ، وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاما أو ينكحوا منكحا ، أو يدفنوا ميتا أو شكّوا في نسب أحدهم ذهبوا الى هُبل وبمائة درهم وجزور ، فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون ما يريدون ثم قالوا :

ياإلهنا هذا فلان أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق فيه ، ثم يقولون لصاحب القداح : إضرب فإن خرج عليه " ملصق " كان ملصقا على منزلته فيهم لا نسب له ولا حلف ، وإن خرج عليه شيء مما سوى هذا مما يعملون به " نعم " عملوا به وإن خرج " لا " أخّروه عامه التالي ذلك حتى يأتوا به مرة أخرى ينتهون في أمرهم ذلك الى ما خرجت به القداح وبذلك فعل عبد الطلب جد الرسول بإبنه عبد الله حين أراد أن يذبحه .

وهبل هو الذي يقول له أبو سفيان بن حرب حين ظفر يوم أُحُد : أعلُ هُبَل ! أي علا دينك فقال رسول الله : الله أعلى وأجّل ، وينقل رواة العرب عن ابن عباس في هدم أصنام الكعبة أن رسول الله كان ما يزيد أن يشير بالقضيب الى الصنم فيقع لوجهه ، طاف رسول الله سبعا على راحلته يستلم الركن الأسود بمحجته فلما فرغ نزل عن راحلته فصلى ركعتين ثم انصرف الى زمزم فنظر إليها وقال لولا أن نزعت منها دلوا فنزع العباس له دلوا فشرب .

وأمر ب هُبَل فَكُسر وهو واقف عليه فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان بن حرب : قد كُسِر هُبل أما أنك كنت يوم أحد في غرور حين زعمت أنه أنعم عليك ؟ فقال أبو سفيان : دع عنك هذا يابن العوام ، إني أرى أن لو كان مع إله محمد إله غيره لكان غير ما كان !.

عبد الهادي محيسن ... كاتب وباحث .