بيروت | Clouds 28.7 c

: آخر الأخبار

في ذكرى اتفاق 17 أيار 1983: الرئيس نبيه بري، لبنان وشيعته في قطار الرؤى العربية / كتب: وائل بحسون

 

في ذكرى اتفاق 17 أيار 1983: الرئيس نبيه بري، لبنان وشيعته في قطار الرؤى العربية /  كتب: وائل بحسون

بيروت 16 ايار 2025

 

المصلحة والوحدة الوطنية اللبنانية فوق كل اعتبار، فهذا هو المحرك والمحفّذ وشعار من أسقط اتفاق 17أيار1983، ومن اعطى الضوء الاخضر لإتفاق 27نوفمبر2024... وكلاهما نصرٌ لوحدة ومصلحة الشعب اللبناني العربي وديمومة الدولة اللبنانية..

 

فتاريخنا نبيهٌ كان في 17ايار، وحاضرنا وحشٌ سياسي كاسر بريٌّ في 27 تشرين ثاني، ومستقبلنا املٌ وامن وامان وتقدم في حضنٍ عربي.

 

فهذا المنقذ الوطني قال يوماً لاحد الصحافيين:

 

  • "…انا كشيعي احترم الإمام الخميني، مثلما تحترم انت كمسيحي الحبر الأعظم مثلاً.. ولكن، انا لبناني ولست ايرانياً.."

 

وهذا هو صلب الموضوع والقضية العربية الأساس التي لأسباب مختلفة وعديدة تراجع العربي امامها ودخل الفارسي من بوابات ومسميات متعددة امام هذا التراجع 

 

فوجد الفارسي ان الشيعة في جنوب لبنان هم اغلبية على الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة، حيث كان ابناء الامام الصدر بقيادة اللبناني العربي الوطني حامل الامانة الاستاذ نبيه بري وافواج المقاومة اللبنانية، امل، وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية والغيارى على لبنان بالمرصاد للعدو الاسرائيلي..

 

فإذ بالايراني مع صعود نجم الامام الخميني وانتصار الثورة الاسلامية في ايران يوكلون انفسهم للدفاع عن القضية الفلسطينية ولكن بين السطور هي خطوة لخدمة المصالح الفارسية الاقتصادية والسياسية والثقافية والتاريخية التوسعية التي تضم:

 

  • زردشت وبلوش ويهود وشيعة وسنة وصوفية ومسيحية..

 

ونقول:

برافو عليهم فهم يعملون بجسد واحد خدمة لمصلحتهم العليا ليجدوا كرسي لهم على طاولة اللاعبين الكبار..  

 

فقادت الجمهورية الاسلامية الايرانية فرقاً في المنطقة لمحاربة الكيان الصهيوني واضعةً جهودها كافة لتكون قائداً للطائفة الشيعية، وان اي تعرض للشيعة هو تعرض لايران والعكس الصحيح؟!

الا يذكركم هذا الاسلوب بالصهاينة؟!

الم يعتمد الصهاينة على المبدأ ذاته، اي من يتعرض لاي يهودي فهو يتعرض لاسرائيل ومن يتعرض لاسرائيل يهدد اليهود؟!

 

عودٍ على بدء،

 

على الرغم من اننا من المدافعين الاوائل عن القضية الفلسطينية المقدسة من ناحية انسانية ودينية وعربية وتاريخية ووجودية الا ان الوجود الفلسطيني على الأراضي اللبنانية الذي كان مصدر اضطرابات خطيرة وتغيرات ما زلنا الى يومنا هذا نحاول معالجتها لم يكن لبنان واللبنانيين مسؤولين عنها لا من قريب ولا من بعيد

 

فتبعا لهذا الوجود الفلسطيني، اجتاح الاسرائيلي لبنان في ظل حكم رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن ووزير الدفاع أرييل شارون، كبير مهندسي هذه الحرب، التي دمرت المدن والقرى وقتلت الالاف، في حزيران 1982 تحت مسمى عملية "سلامة الجليل" ومن اهم اهدافها العديدة كان طرد منظمة التحرير الفلسطينية، فوصل الجيش الاسرائيلي الى ست الدنيا، بيروت، واحتلّ أول عاصمة عربية بعد القدس الشريف، وحوصرت بيروت الغربية 70 يوما تعرضت خلالها العاصمة والمناطق واللبنانيين لقصف عشوائي وعمليات اجرامية وقتل واغتيال متنوعة..

 

فأدّت الضغوطات القاتلة الى انتخاب الشيخ بشير الجميل رئيسا للجمهورية اللبنانية ليغتال على اثرها وينتخب شقيقه الشيخ أمين الجميل المؤيد لاتفاق سلام مع إسرائيل يضمن انسحابها من لبنان، بما عرف بـإتفاق ١٧ ايار ١٩٨٣، وبمشاركة من زعماء مسلمين متنوّعين مثل:

شفيق الوزان وكامل الأسعد ورجال دين من كل الطوائف ...

 

الّا ان هذا الإتفاق لاقى إعتراضات شعبية وطنية لبنانية واسعة ورفضته القيادات السياسية الوطنية اللبنانية المتنوعة على رأسهم جبهة الخلاص الوطني التي كان يرأسها الرئيس الراحل سليمان فرنجيه وتضم الرئيس رشيد كرامي والاستاذ نبيه بري والاستاذ وليد جنبلاط.

 

وقد اطلق الاستاذ نبيه بري تصريحه الشهير من أمام قصر بعبدا الرئاسي بعد التوقيع على الاتفاق من قبل الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قائلاً:

 

"ان الاتفاق وُلِد ميتاً، وهو اتفاق العار والإذلال والفضيحة"

 

فاعتُبٍر هذا الاتفاق خروجاً شبه رسمي للبنان من الجامعة العربيّة، وذهبَ أبعد من اتفاق السلام المصري-الإسرائيلي بكثير.. وكاد ان يضيّع هوية لبنان العربية ويشقّ المجتمع اللبناني ويقطّع الدولة اللبنانية ارباً ارباً..

فأصبح الاصطدام مع الحُكم أمر لا مفر منه وبدأت تتسع رقعة المعارضة ضد حكم الرئيس امين الجميل الذي قرر مواجهة كل من يقف في وجه اتفاق ١٧ ايار

 

وهنا،

 

لا بد لنا من سرد الوقائع التاريخية التي رافقت هذه الحقبة ودور الوطنيين اللبنانيين لا سيما الدور العربي للرئيس نبيه بري وصولا الى توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في 27تشرين ثاني 2024.. 

 

فبالعودة الى احداث عام 1984 التي تلت توقيع اتفاقية 17 ايار 1983، كانت واقعة احتجاج المصلين في جامع بئر العبد في الضاحية الحنوبية على هذا الاتفاق من شرارات المواجهة مع حكم الرئيس الجميل حيث أقدمت وحدات من الجيش على تطويق المسجد فوقع الصدام بين الجيش والمعتصمين ما أدى إلى استشهاد احد المعتصمين ليتوتر على الإثر الوضـع كثيرا على الأرض.. فسيطرت حال من الغليان على الشارع وبدأت الاحتكاكات تتصاعد يوما بعد يـوم بين الأهالي والجيش، وبعد أيام وقعت المواجـهة الأخطر في منطقة وادي أبو جميل بيـن عـدد من المتظاهرين وبين قوة من الجيش اللبناني سقط بنتيجتها عدد من القتلى والجرحى.

 

فاتجهت الأمور نحو الاسوأ بعد أن حمّلت حركة امل ورئيسها الاستاذ نبيه بري مسؤولية تلك الأحداث لحكم الرئيس امين الجميل.

 

وانفجرت الضاحية غـضباً وثارت بوجه الجيش، وتمكنت حركة امل من السيطرة على عدد من مواقعه وآلياته وأسلحته بعد سلسلة من المواجهات لتصبح الضاحية باكملها  تحت سيطرة الحركة ومع اتساع دائرة التأييد الشعبي لهذه التحركات شعر الرئيس امين الجميل بخطر حقيقي بعد فقدانه السيطرة على الضاحية ومناطق الجبل فاتخذ اجراءات عنيفة صارمة ومشددة لا تطاق ولن نأتي على ذكرها الان وما كان لذلك الا مفاعيل سلبية عند الناس ادت الى انتفاضة واسعة.. اعلن على اثرها عبر الإذاعة الرسمية وتلفزيون لبنان في تلة الخياط بيان الانتفاضة الشهير الذي شكل منعطفا وحدثا كبيرا في تاريخ لبنان حيث أعطى نداء الانتفاضة مفعوله سريعا على الأرض فلبت الوحدات العسـكرية التـابعة للواء السادس في الجيش اللبناني النداء والتزمت به وعملت على سحب الجنـود إلى الثكنات وعدم الانجرار في القـتال الداخـلي ورفضت الأوامر الصادرة عن القـيادة العسكرية في وزارة الدفاع في اليرزة وخلصت الامور الى تقسيم مدينة بيروت الى غربية وشرقية واكملت حركة امل بقيادة الاستاذ نبيه بري سـيطرتها على الأرض وكانت انتفاضة ٦شباط عـام 1984 أوسع تأييد شعبي فـي الصراع المفتوح ضد الاحتلال الإسرائيلي والسلطة اللبنانية المتمـثلة بالرئيـس امين الجميل والتي هـزت لـبنان كـله.

 

استوعب حينها الرئيس امين الجميل حجم المخاطر والغى اتفاق 17 مايو/أيار، في ٥ مارس /اذار 1984 وقطع العلاقات مع إسرائيل وتقرب من سوريا

وبعدها استمرت العمليات العسكرية ضد الاحتلال الاسرائيلي ونجحت المقاومة في تحرير الارض فأسقطت جوهر فلسفة اتفاق 17ايار..

 

وهنا،

 

تمثل دور الوطنيين بالحفاظ على هوية لبنان وعلى رأسهم دولة الرئيس نبيه بري الذي كان منّ المقاومين الاوائل في وجه الاسرائيليين لاخراج لبنان من عباءة العروبة حيث برهّن في حينه ان شيعة لبنان في ظل الحماية والوجود العربي لا سيما السوري حينها هم عروبيين بالدم والروح والثقافة والتاريخ والولاء للراية العربية مهما كلف الأمر..

 

الى ان سُمِحَ للايرانيين كما ذكرنا اولاً، بتوكيل انفسهم للدفاع عن القضية الفلسطينية امام تراجع العرب لاسباب عديدة امام القضايا العربية..

 

وخوفا من هدر دماء الشيعة اللبنانيين مجدداً، استوعب الرئيس بري مستقبل المنطقة من صراع مع الكيان الصهيوني  وانها دخلت في دوّامة صراع من نوع اخر الى يومنا هذا، يوم اسناد غزة، بعد عملية طوفان الاقصى في ٧ اكتوبر 2023..

 

فكان الرئيس بري المقاوم والمراقب الاول الذي يسير في حقل الغام حاملاً امانة حماية اللبنانيين وعروبتهم بتنوعهم وسيادة الدولة اللبنانية ووحدتها على كافة أراضيها ومواطنيها دون التفرقة بين احد الى ان دخل لبنان في دوامة عدوان اسرائيلي اجرامي غاشم في ايلول 2024، حيث اراد الاسرائيلي تحويلها الى حرب مع الشيعة اللبنانيين..

 

  • فكان الرئيس نبيه بري بالمرصاد لهذا المخطط

 

واستطاع بعد مفاوضات شرسة وبثبات على موقفه الوطني الوحدوي العربي اللبناني مع الوسيط الامريكي والتدخل العربي المباشر الى توقيع اتفاق وقف اطلاق النار دخل حيّز التنفيذ فجر 27تشرين ثاني 2024 الساعة الرابعة صباحاً، حيث كان الدهاء السياسي الوطني للرئيس نبيه بري نبيهاً وبالمرصاد، في دعوته للجنوبيين في هذا التوقيت بالعودة في لحظتها وفي الساعة ذاتها الى اراضيهم وبيوتهم وقراهم ولوّ مدمرة مهما كلّف الامر.

 

وهذا الطلب كان اصدق تعبير عن حنكة سياسية وطنية للرئيس بري كي لا يعطي مجالاً للمصطادين في الماء العكر من اغتنام اي فرصة لإعادة اشعال المنطقة عسكرياً وان يبلوّر صورة واضحة ايجابية وصريحة للمجتمع اللبناني ككل الذي استضاف اخوته اللبنانيين الذين اضطروا الى الانتقال من المناطق التي تتعرض للعدوان الاسرائيلي في بيوتهم ومنازلهم وغرفهم على مساحة لبنان ان لا يخافوا فاهل الجنوب والبقاع والضاحية لن يتركوا اراضيهم ولن ينتقلوا الى مناطق اخرى ولن يغيروا الديمغرافيا كما سعى الكثيرين الى تسويق هذه الافكار السوداوية..

فهم طوّاقون للعودة الى اراضيهم وقراهم ومدنهم بحماية الدولة والجيش اللبناني وانهم يقفون خلف قرارات الدولة

 

فاهل الجنوب يبقون السور الحامي لحدود لبنان الجنوبية بارادة حب الحياة والعمران والتطور والتقدم

 

فالمغزى من هذا السرد التاريخي ان:

 

الرئيس نبيه بري كان دائما وابدا عربياً ومدماك في الحفاظ على الوحدة الوطنية وسيادة الدولة اللبنانية على كافة اراضيها وبولاء اللبنانيين للعلم والدستور والعروبة والقضايا العربية..

 

فكان ذئباً بريا في المواجهات عندما فُرضت على لبنان ونبيهَ سلامٍ في قطار الرؤية العربية حماية لظهر العرب والعروبة وجهود التقدم والتطور العربي واستطاع بموقفه الشجاع الوطني العربي من ان يهيئ الارضية لانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً  للجمهورية وانتشار الجيش اللبناني على مساحة الـ 10452كلم واعادة الحياة الى المؤسسات الدستورية وترطيب الاجواء مع الاخوة العرب وتعبيد طريق عودتهم ليطئوا ارض لبنان اهلا ويحلو سهلا في ربوع بلدهم الثاني لبنان

 

نعم،

 

نبيه بري حامل الامانة من الامام الصدر..

نبيه بري حمل امانة المحافظة على الطائفة الشيعية في محيطها العربي..

نبيه بري حمل امانة المحافظة على وحدة لبنان ونعمة عيشه المشترك

 

نبيه بري استلم قيادة القطار اللبناني واعاده الى سكّة الدرع العربي وقطار الرؤى العربية وعلى راسها رؤية 2030السعودية ومد يدّ الشراكة والتعاون مع العرب بما يُمثِّل من مرجعية سياسية وخاصة للطائفة الشيعية..

 

فالرئيس بري يؤدّي اليوم قسطه الأكبر في المقاومة وتقديم الصورة الاجمل عن الشيعة وعن اللبنانيين ويعمل على مبدأ الوفاء والولاء، اي ان ولاء الشيعة اينما حلّوا حول العالم هو للدولة التي ارتضو ان يسكنوها ويسترزقوا من خيراتها وينعموا بحمل هويتها وعلَمِها فعلى سبيل المثال لا الحصر:

الشيعي في فرنسا ولاؤه للحكومة الفرنسية، والشيعي في امريكا ولاؤه للحكومة الامريكية والشيعي في الكويت ولاؤه للحكومة الكويتية والشيعي في السعودية ولاؤه للحكومة السعودية، والشيعي في الامارات ولاؤه للحكومة الاماراتية والشيعي في البحرين ولاؤه للحكومة البحرينية.. وهكذا...

 

ونحن اليوم على ابواب ذكرى اتفاق 17 أيار المشؤوم

نذكّر من يتناسى ان الرئيس بري عربي اولاً واخرا ووقف بوجه كل الاجندات الاجنبية حتى الصديقة والتي لا تمت للعروبة بنفسٍ عندما وقعت الواقعة وكما يقول دائما:

"انا لبناني اولاً.."

وعاد وقطع الشك باليقين بمفاوضاته الشرسة مع الوسيط الامريكي ووقع اتفاق وقف اطلاق النار واعاد الروح لمحركات الدولة اللبنانية ضمن الحضن العربي

 

مجددا، ومجدداً وللتذكير،

نبيه بري اعاد الشيعة ولبنان الى الحضن العربي..

شكرا دولة الرئيس النبيه.