المنتصر والمهزوم في غزة والتاريخ يشهد / الإعلامي أحمد حازم
الشراع 27 كانون الثاني 2025
بعد الاتفاق الأخير الذي تم التوصل اليه بين غزة وإسرائيل منتصف شهر يناير/ كانون ثاني لوقف الحرب وتبادل الاسرى، كثيرون يتساءلون ان كان ذلك على صعيد لقاءات شخصية أو في نقاشات جماعية بين فئات سياسية مختلفة: من انتصر ومن انهزم في غزة؟ وهل أن مفهوم النصر يتجسد في التدمير والقتل فقط؟
إسرائيل في حربها الحالية على قطاع غزة طوال 15 شهراً دمرت 92 بالمائة من مدينة غزة وجعلت مدنا أخرى في القطاع ركاما وقتلت وجرحت حوالي 160 ألف غزي. ولكن هل هذه هي صورة النصر الحقيقية التي أرادتها الدولة العبرية؟ نتنياهو حدد هدفين رئيسيين للحرب: استرجاع الأسرى والقضاء على حماس. فهل تحقق ذلك من خلال الحرب؟ علماً بأن الكيان الصهيوني ليس وحده في حربه غير المتكافئة على غزة، لأن أمريكا تدعمه عسكريا وماديا ومعنويا وسياسيا إضافة الى دعم دول أوروبية أخرى.
في كتابه الشهير "في الحرب On War" يعرف المنظّرُ العسكري الألماني المعروف كارل فون كلاوزفيتز Carl von Clausewitz الحرب إنّها "عمل من أعمال القوّة لإجبار العدوّ على الخضوع لإرادتك”. وهذا يعني أن النصر هو استسلام العدو وخضوعه للمنتصر كليا. فهل ينطبق هذا على الكيان وحماس؟
أمّا عالم السياسة الأمريكي كولن غراي Colin Gray أحد أبرز الاستراتيجيّين الأميركيين، (توفّي عام 2020)، فيقول عن مقولة النصر الحاسم أو The Decisive Victory، ان النصر الحاسم ليس بقابل للانطباق دائماً على أرض الواقع في الأزمان الحديثة."
وانطلاقاً مما تقدم، وبعد471 يوماً من الحرب الإسرائيلية الأمريكية الغربية على غزة، هل يمكن القول إنّ إسرائيل انتصرت على حركة حماس بالمفهوم العام؟ لقد ذكرت في المقال أن بين الأهداف الرسمية لحرب إسرائيل على غزة القضاء عسكرياً على حركة حماس، ومنعها من حكم القطاع سياسياً وإداريّاً، وتحرير المحتجزين الصهاينةفي غزة، علاوة على أهداف أخرى وهي أهداف أبعد مدى ممّا هو معلن، لكنها فشلت في تحقيق ذلك عسكرياً
كبير الخبراء الأميركيين في شؤون الشرق الأوسط، أنتوني كوردسمان Anthony Cordesman يقول في مقال له بعنوان: "لماذا لن تنتهي الحرب؟" نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في الثاني من شهر نوفمبر العام الماضي:" أنّ إسرائيل في أحسن الأحوال، يمكن ان تستخدم القوّة لاحتلال غزة والسيطرة عليها، لكن لن يقبلها سكّان غزة أبداً، وتصرّفات دولة الاحتلالزادت بشكل حادّ من العداء الغزّي والفلسطيني والعربي لها، وقوّضت التعاطف والدعم الدوليَّين اللذين اكتسبتهما بعد السابع من أكتوبر"
حركة حماس استطاعت تحقيق نجاح استراتيجي وسياسي وان خسرت عسكريا. فقد أتبتت على صمودها في الميدان ولفتت أنظار العالم مجددا الى القضية الفلسطينية. أمّا الكيان الصهيوني، فإنّه لم ينجح في محو القضية الفلسطينية. وهذه هي خسارته الحقيقية.
في المحصلة فإن الكيان الصهيوني لم يستطع تحقيق أهدافه التي أعلن عنها نتنياهو في حربه على غزة، وعمليا من يفشل في تحقيق الأهداف فهو الخاسر. اسمعوا ما يقوله رئيس مجلس الأمن القومي السابق اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي غيورا آيلاند عرَّاب خطة الجنرالات: "الحرب في غزة انتهت بفشل مدوّ لإسرائيل في تحقيق كل أهدفها التي قاتلت لأجلها، لأنها لم تتمكن من القضاء على حماس ولا من استعادة الأسرى ولا من الإطاحة بحكم الحركة في القطاعوحماس انتصرت ".