اكذوبة اسمها ان العروبة تعتمد على السنة فقط..! بقلم حسن صبرا
الشراع 26 ايلول 2022
وهذه الاكذوبة لم تنتشر وتصبح كالخطأ الشائع ، الا في لبنان ، ربما بسبب مساحة الحريات الواسعة في بلاد الارز ( وأحد اسباب هذه الحرية هو التركيبة الطائفية ثم المذهبية ، حيث يتسرب منها مفاهيم ليست ،او لم تكن معتمدة في بلاد العرب ،قبل حكم آل الاسد في سورية ،وسقوط البعث العراقي في بلده) ، بما يعطي للنقاش حيوية وقوة دفع ، تصل الى حدود الشطط بعد المبالغات .. مع التذكير بأمرين جوهريين:
-
-١-الامر الاول: ان ارتباط العروبة بالمسلمين سياسياً في لبنان جاء تعبيرا عن سعي المسلمين للوحدة مع سورية ، في وقت كان المسيحيون اللبنانيون يعتبرون فرنسا هي الام الحنون …ويتمسكون بإنتدابها الذي كلفتها به عصبة الامم على لبنان
-
٢-الامر الثاني
بأن كلمة مسيحي كانت في المغرب العربي توصيفاً للاجانب فقط، وعندما زار وزير اعلام سورية البعثي جورج صدقني ليبيا ، والتقى العقيد معمر القدافي فوجئ بالزعيم الليبي يسأله:
هل انت عربي؟ وكيف تكون عربياً واسمك جورج؟
وكانت هذه الثقافة من موروثات الحكم العثماني، المعادي بالفطرة والاحتكاك والمعارك الحربية.. لكل ما هو مسيحي في طبيعة نشأته!
أول سقوط لهذه الاكذوبة ، جاء مع اتفاق الطائف عام 1989 , الذي يرى البعض انه انتهى الى انتصار للسنة في لبنان على حساب الموارنة ، وما زال دونكيشوت عصره جبران باسيل يعتبر، ان مهمته "المقدسة" هي تكسير طواحين هذا الاتفاق كتعبير عن وهمه "استعادة حقوق المسيحيين "، وهي امتيازات يريد جبران سحبها لحساب الباسيليين ، وهي احدى تفريعات العونية الآفلة.
إتفاق الطائف ، الذي يراه البعض انتصاراً للسنة في لبنان ، لأنه اخذ من صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني ، ووضعها في مجلس الوزراء الذي يرأسه سني
جاء على ايدي حاكم سورية العلوي حافظ الاسد ، الذي اندثرت السنية السياسية ومدنها ورجالها في سورية ولبنان ، ثم في حربه الإستئصالية ضد رموز الحكم العربي في العراق وفي منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان... في عهده المستمر عبر ولديه حتى الآن!!…
والمفارقة ان عصر العروبة الذهبي الذي جاء مع عصر بطلها جمال عبد الناصر ، لم يقبل هذا التوصيف ، بل لم يرده ، والاهم من ذلك ان عصر لبنان الذهبي جاء في حضن العروبة التي حما ظهرها في لبنان ، اهم رئيس للجمهورية في تاريخ هذا الوطن وهو اقوى رئيس ماروني على الاطلاق اللواء الامير فؤاد شهاب..
وهكذا سقطت مقولة ان السنة هي طائفة العروبة في لبنان في السياسة ، ودعونا نستذكر ان العروبة الثقافية والحركية حملها مثقفون ارثوذكس ورهبان موارنة من اديرتهم ، وادباء من جبال لبنان التي احتمى فيها الموارنة من تعسف العثمانية، التي تحاول نسختها الاردوغانية وراثة السنية على حساب العروبة نفسها...
الاكذوبة هذه اسقطها تلامذة ميشال عفلق وجورج حبش وانطون سعادة حين حملوا القومية العربية والسورية الى كل قرى جبل عامل الشيعية بمعظمها ، وما خلت قرية او بلدة شيعية من رايات العروبة ومن مقاتلين من اجل فلسطين ، ولم يخل تنظيم فلسطيني مسلح من مقاتلين شيعة في جبل عامل ، حتى قبل الوجود الفلسطيني المسلح ،وعندما حمل حزب الله الشيعي اللبناني راية القتال ضد العدو الصهيوني ، معيداً الإعتبار للمقاومة ضد هذا العدو .. بعد ان خذلت المقاومة الفلسطينية بتجاوزاتها ومشاريعها وتقاتلها وتشرذمها المؤيدين لها من كل العروبيين في لبنان ( قبل ان تدخل على قاموسه السياسي تصنيفات السني والشيعي والماروني…) فإن القتال جاء نيابة عن العروبة بروحيتها الفلسطينية ، حتى بالسلاح الايراني والدعم الايراني والمشروع الايراني..
لأن الاداة لبنانية عربية ، وقد تم تصحيح ثقافة المقاومة الاسلامية في لبنان التي تجاهلت لفترة طويلة انها امتداد لكل مقاومة قبلها ، وقد جاء هذا التصحيح على لسان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وفي اكثر من مناسبة ، لأن العروبة تعتبر ان الكيان الصهيونى السرطاني مزروع في جسدها ، وهي لن ترفض علاجاً ودواءً يشفيها من هذا السرطان ، حتى لو كانت تعتبر ان هذا الدواء يحمل اثارا جانبية عديدة على الجسد العربي - الاسلامي - السني...
المأساة ان الذين اصابهم السرطان الصهيوني، يرفضون العلاج الايراني فينغمسوا في زرع المزيد من اورامه في الجسد العربي ، بحجة ان الخطر الايراني ادهى من الخطر الصهيوني ، ولا يبذلون اي جهد لمقاومة السرطان الصهيوني ( تتحمل السياسة الايرانية والاعلام الايراني الاستفزازات غير المقبولة التي تثير مشاعر العروبة حتى عند اصدقاء ايران ومؤيدي المقاومة ضد العدو الصهيوني)
كل من يقاتل إسرائيل، هو بالطبيعة عروبي النزعة حتى لو كان من شيوعيي " جمول" ومنهم مسيحيون وحتى لو كان من اخوان حماس !!
العروبة ثقافة عامة، وانتماء شامل ،ومسؤولية غير محددة في زمان او مكان او طائفة او مذهب..
فما كان عبد الناصر طائفياً او سنياً وهو بطل العروبة ، وما كان الشيعة والدروز والمسيحيون الناصريون خارجون عن مذاهبهم او طائفتهم ، وما كان ميشال عفلق او انطون سعادة او جورج حبش خارجون عن مسيحيتهم وهم الخارجون عن اي توصيف طائفي انتماء للعروبة …
فبأي حديث طائفي تحصرون العروبة بالسنة فقط ؟
الشراع