بيروت | Clouds 28.7 c

الشعب الجزائري فاجأ جناحي السلطة المتصارعين/  بقلم: أحمد بوداود - الجزائر

ما يحدث اليوم في الجزائر ليس صراعاًً وليد هذه المرحلة إنما هو استمرارية لسلسلة التطاحن بين أجنحة السلطة لأكثر من عقدين.

فانسحاب عبدالعزيز بوتفليقة من الترشح لرئاسيات القادمة مرهون بانسحاب المرشح الجنرال اللواء علي غديري، هذا الأخير لواء متقاعد منذ سنة 2015 وهو محسوب على رئيس جهاز الاستخبارات اللواء محمد مدين الملقب بتوفيق الذي أدار الجزائر وكل الألاعيب التي حدثت فيها منذ العام 1998 وحتى إقالته والإطاحة به من قبل عبدالعزيز بوتفليقة بمساعدة فرنسا عقب حادثة تفنتورين التي قتل فيها رهائن أجانب وما كان ليتنحى لولا أن هدد بمتابعته دولياً لإرتكابه جرائم حرب في حق الجزائريين وتورطه في عشرية الدم.

توفيق له أذرعه ورجالاته الذين صنعهم على مدار عشرين سنة واستطاع أن يعود للعبة من جديد بقناع اسمه اللواء علي الغديري فبات الصراع شرساً بين الجناحين جناح السلطة وهم الذين رشحوا بوتفليقة الغائب الحاضر من دون علمه ولا وعيه وجناح التوفيق.

جناح السلطة 

كان يعمل في وضح النهار ويجهز البديل لبوتفليقة ولم يكن في نيتهم أبداً تقديم أوراق بوتفليقة لعهدة خامسة، البديل الذي روج له و قدم بأبهى الصور آنذاك كان المدير العام للأمن الوطني الأسبق اللواء عبدالغني الهامل والمحسوب على جناح ما يسمى جناح ندرومة، لكن هذا الأخير خرج عن طوعهم بعدما أحس بثقل وزنه وذاع صيته فظن أنه لا يحتاج لوصايتهم ودعمهم بل راح يبحث عن دعم آخر بعيداً عن جناح السعيد فلجأ إلى تشكيل تكتل يضم جنرالات نافذين في الجيش من بينهم قائد الناحية العسكرية الرابعة الشريف عبدالرزاق، قائد الناحية العسكرية الثانية, الباي السعيد، قائد الناحية العسكرية الأولى لحبيب شنتوف والعديد من الضباط والجميع، جناح السعيد ومن والاه لم يمهلوهم وأتوهم من حيث لا يحتسبون وبتواطؤ مع الاستخبارات الإسبانية والفرنسية رتبت لهم فضيحة ما يعرف بالكوكايين العام الماضي فكانت المسوغ لتوقيفهم وسجنهم ومتابعتهم قضائياً وبذلك إنتهى كابوس الهامل.

الخطة الثانية

الإنتقال إلى ترشيح الوزير الأول المقال السابق عبد المجيد تبون كبديل بعد الذي حدث مع عبدالغاني الهامل لأن السلطة كما أشرنا لم يكن في نيتها ترشيح بوتفليقة .

 

خروج الجنرال توفيق من وكره

 

لم يكن أحد يتوقع خروج منافس قوي لمرشح السلطة وكان السيناريو محبوكاً كالعادة تقديم تبون كبديل واستدعاء الأرانب التي جرت العادة لاستدعائها عند كل استحقاق رئاسي، ليفاجأ الجميع بخروج اللواء علي لغديري مقدماً نفسه كمترشح للرئاسيات وهو صبي الجنرال توفيق وابن المدرسة العلمانية الفرنكوفونية، هذا الخروج أربك المجموعة وخلط أوراقها فكان أول رد فعل من نائب وزير الدفاع قائد الأركان الفريق القايد صالح بتوجيه تحذيرات وتهديدات للغديري ولكل ضباط الجيش المحالين على التقاعد ومنها انطلقت حرب التصريحات من وزارة الدفاع والرئاسة ضد اللواء لغديري والتوفيق .

في هذه الأثناء غير جناح ندرومة خطته واستغنى عن فكرة تقديم تبون ومن هنا بدأت فكرة الإستمرارية لبوتفليقة كمخرج المراد منه الوصول إلى مرحلة انتقالية لمدة سنتين فيكون تأجيل الإنتخابات فرصة ومتسعاً لمواجهة الجنرال لغديري ومن ورائه توفيق وتجهيز مرشح آخر يحفظ لهم ماء الوجه، لكن التوفيق بخبثه ودهائه استطاع أن يقطع الطريق أمام التمديد الذي استعانت فيه السلطة بحزبي حمس وتاج الإخوانيين، لتجد السلطة مرة أخرى نفسها في موضع حرج، فلم يجدوا وسيلة للخروج من هذا المأزق سوى ترشيح عبدالعزيز بوتفليقة ليس من أجل الرئاسة بل من أجل خلق الفوضى في الشارع والإحتقان والتخريب من طرف الشعب الجزائري ظناً منهم ان هذا سيكون المخرج  والخلاص لإعلان حالة طوارئ وإلغاء الإنتخابات والمرور إلى مرحلة إنتقالية مدتها سنتان يتم فيها ترتيب كل شيء لصالحهم مع تحضير مرشح لهم، لكن الطرف الثاني يعمل في هدوء للمحافظة على إجراء إنتخابات في وقتها ظناً منه هو الآخر أنه بين بوتفليقة ولغديري الشعب سيختار لغديري وعندها بإمكان توفيق الإنتقام لنفسه من مجموعة السعيد والقايد صالح وإعادة جمهورية DRS  لسابق عهدها وقوتها.

الفصل الأخير

لم يكن الجناحان يتوقعان خروج الشعب بهذا التحضر والسلمية وبهذا الكم الهائل رافضاً كلا الطرفين ماقتاً لهم، مطالباً برحيلهم جميعاً من المشهد وإعادة الجزائر لأبنائها المخلصين الذين لا وصاية لفرنسا عليهم وزاد في تعقيد المشهد ما يعتقد أنه حراك واسع ممنهج وخفي لضباط كثر داخل مفاصل أركان الجيش يسعون للخلاص من هؤلاء وأولئك فدخل الشعب المشهد كلاعب قوي يأبى أن يكون دمية في يد أي طرف من الأطراف مصمماً على اقتلاعهما معاً.

 

 

:بوتفليقة

هل يعلم ماذا يجري؟

الحراك الشعبي اعادة الأمل للربيع العربي

الوسوم