بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ:مرسوم تجنيس جماعة بشار يجعل الجنسية اللبنانية مشبوهة عالمياً؟ 

سلّم العهد ((القوي)) خصومه ((الضعفاء)) سلاحاً أشهروه تشهيراً به في مرسوم التجنيس الذي أطلق عليه النائب سامي الجميل صفة الشبح. 

لم يكتفِ العهد ((القوي)) بهذا الخطأ المصيري الذي كان المسيحيون في لبنان وما زالوا حساسين سياسياً واجتماعياً وطائفياً منه.. بل انه وقع في خطأ مصيري آخر حين راح المعنيون يتبرأون منه كل على طريقته.. 

رئيس الجمهورية ((القوي)) ميشال عون الذي بدأ عهده ((الحقيقي)) كما تردد جماعاته بعد الانتخابات في 6/5/2018 أحال المرسوم لجهاز الأمن العام اللبناني للتدقيق بالأسماء المستحقة، او غربلتها، تمهيداً لرفعها اليه للتوقيع.. وهذه حالة تستحق طرح العديد من الأسئلة ومنها: 

  1. لماذا لم تحصل هذه الاحالة قبل صدور المرسوم ونشره في الجريدة الرسمية؟ لماذا وضع الهرم على رأسه؟ 

  1.  لماذا وقّع عون المرسوم قبل نحو 24 ساعة من استقالة حكومة سعد الحريري! ألم يكن ممكناً انتظار تشكيل الحكومة المنتظر! او قبل الانتخابات بأشهر؟ وهل يكون الاسراع بتشكيل الحكومة محاولة تغطية على المرسوم نفسه! وهل يكون وسيلة ضغط على الحريري نفسه؟ 

  1.  ألا يمكن ان يكون عدد من المجنسين السوريين المحسوبين على بشار والمقصودين بهذا المرسوم، قد قدموا أوراقاً ثبوتية مزوّرة لا تحمل أسماءهم الحقيقية، أي اعتمدوا أسماء أخرى (لبنانية العائلة مثلاً) وبترتيب وتنظيم من أجهزة بشار الأمنية، ليحصلوا على الجنسية اللبنانية حتى يضللوا الرأي العام اللبناني، وأجهزة أمن لبنانية، ثم ليضللوا جهاز الشرطة الدولية (انتر بول) وهيئة القضايا وشعبة المعلومات اللبنانية؟ 

  1.  طالما هناك غموض ورفض – ولو مقّنع – لتسليم أسماء المجنسين الجدد، فإن من حق كل لبناني ان يصدق ان كثيراً من أركان نظام بشار هم من الممنوحين هذه الجنسية وقد يكون بعض هؤلاء من الملاحقين، أو هم من الخائفين من العقوبات الدولية التي تترى على المجموعات المحيطة ببشار، لأسباب مختلفة منها ارتكاب جرائم ضد الانسانية في سورية، التي تشتعل بثورة مستمرة منذ سبع سنوات وثلاثة أشهر حتى الآن. 

  1.  ألا يعني هذا ان كل لبناني يحمل الجنسية اللبنانية أباً عن جد بات مشبوهاً أمام أجهزة أمن العالم في أي مكان يكون فيه، مع صعوبة حصوله على تأشيرة من أي سفارة في لبنان والعالم، لزيارة أي بلد في الدنيا لأسباب شخصية او تجارية او صحية او تعليمية. خشية إندساس مجموعات بشار الملاحقة إياها وتخفّيها بالجنسية اللبنانية المستحدثة وفق هذا المرسوم؟. 

  1.  لماذا يحرص أصحاب ثروات خيالية (لن نناقش هنا مصادرها) ومن جماعة بشار، على الحصول على الجنسية اللبنانية، مع افتراض أنهم يدفعون ثمنها، أو قد لا يدفعون، بل قد يحصلون عليها لأسباب سياسية، منها رسائل ودية تجاه بشار؟ 

ألا يمكنهم شراء جنسيات أوروبية، كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو يدافع عن المرسوم بمليون دولار.. مثلاً.. ولماذا الاصرار على الجنسية اللبنانية.؟ 

  1.  عندما يقول رئيس الحكومة سعد الحريري في معرض دفاعه عن المرسوم الشبح ان على المتضررين ان يتوجهوا الى القضاء.. ألا يعني هذا أنه يقول شكلاً ((اللي مش عاجبو يبلّط البحر)). ومن دون تفسير لهجة التحدي هذه، ألا يعني هذا تشكيكاً بما قاله المشنوق بأن كل الأسماء التي وردت (من يعرف حقيقتها)؟ بأنها خضعت للتدقيق من جانب هيئة القضايا والتشريع (فضلاً عن الشرطة الدولية – انتربول – وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي هي من نصيب وحصة تيار المستقبل في التركيبة الأمنية اللبنانية)؟. 

  1.  إحالة ميشال عون المرسوم الى جهاز الأمن العام المحسوب على الثنائية الشيعية من جديد للغربلة، ألا يمكن تفسيرها بعد ان دققت فيها شعبة المعلومات ووافقت عليها، كما قال المشنوق، ان هناك اشارة او تلميحاً او استنتاجاً بوجود صراعات بين أجهزة الأمن اللبنانية هي نفسها في الصراع السياسي بين الثنائية الشيعية وتيار المستقبل السني! 

  1.  صمت الثنائية الشيعية على المرسوم والضجة التي أثارها عند الرأي العام ومن ضمنه أساساً القوى السياسية المسيحية قد يفسر بأنه تأييد من الشيعة للمرسوم إما مسايرة لجماعات بشار، وإما مسايرة لميشال عون، وإما سعادة بإحاله أمر بت شرعية وقانونية المرسوم الى جهاز شيعي الهوى والانتماء والحسابات او كلها مجتمعة.. فهل هذا هو المزاج العام الشيعي الذي يضج بوجود عشرات الآلاف من المهجرين السوريين قسراً في قراهم وأحيائهم، من المنافسة التجارية والخدماتية في الزراعة وفي الصناعة وفي الخدمات وفي وسائل النقل وفي الأفران..  

ام ان الشيعة اللبنانيين سعداء بأثرياء السوريين لأنهم مع بشار كارهون لفقراء السوريين لأنهم مقتلعون من أرضهم من همجية بشار؟ 

  1. ألا يتحف صهر الرئيس الصغير جبران باسيل اللبنانيين حين يقترح جعل منح الجنسية شهرياً لمن يوافق كل عهد على منحه إياها؟ (تجاوزاً لعرف ساري المفعول منذ عشرات السنين، بأن يمنح رئيس الجمهورية من يشاء الجنسية اللبنانية في نهاية عهده). ألا يعني هذا ان يمنح عون أكثر من عشرين ألفاً الجنسية اللبنانية من الآن حتى نهاية عهده عام 2022.. فماذا اذا جاء الصهر الصغير نفسه رئيساً بعد هذا التاريخ.. او قبله؟ وأطرف ما قرأنا في هذا المجال الدفاع عن المرسوم العتيد أنه لا شيء أمام مرسوم التجنيس الذي تم عام 1994 في عهد الياس الهراوي. 

فهل يريد جبران والمدافعون عن المرسوم هذا، المساواة مع مرسوم الهراوي الذي ما كان ليصدر لولا طلب حافظ الأسد من الهراوي اصداره في ذلك العام؟ 

هل هي مصادفة ان يكون مرسوما التجنيس اللذان أثارا كل هذا اللغط والاعتراض من المسيحيين (وبقية اللبنانيين) أرضيا آل الأسد حافظ ووريثه بشار؟ هل قدر لبنان هذا الإرضاء لآل الأسد؟. ولماذا كان ميشال عون ضد مرسوم حافظ، وها هو يصدر مرسوماً تشير اسماؤه المفترضة (طالما هناك رفض لنشر اسماء الممنوحين) الى انهم من جماعة بشار الأسد نفسه؟. هل كان ميشال عون ضد سياسة الأب.. لكنه يغض الطرف عن سياسة الإبن.. تجاه لبنان؟ 

تعالوا الى وجهة أخرى ذات صلة بهذه الأسئلة: لماذا يريد سوريو بشار الباحثون عن الجنسية اللبنانية الحصول عليها؟ 

ببساطة لأن جماعة بشار، خصوصاً الخاضع منهم للعقوبات الدولية والملاحقة القانونية يحملون الجنسية السورية التي ربما لا يوجد إلا بلدان كروسيا وإيران وكوريا الشمالية والجزائر والعراق ومصر.. تقبل منح أحدهم تأشيرة دخول اليها.. وهم يريدون الدخول الى بلاد العالم الواسعة التي تلتزم العقوبات الدولية، بما يعني رفض منحهم هذه التأشيرات للدخول اليها. 

الجنسية اللبنانية تسمح بالدخول الى الكثير من البلدان من دون تأشيرة، وكثير من بلدان العالم تمنح اللبنانيين تأشيرات دخول من دون عقبات او صعوبات كثيرة. هذا أولاً. 

ثم ان الضرائب في لبنان أقل كثيراً من الضرائب في سورية.. اضافة الى التسهيلات المصرفية في لبنان وهي شبه معدومة في سورية، فضلاً عن فتح اعتمادات مصرفية وشراء العملات الأجنبية. وتحويلها الى الخارج، فلبنان منفتح على النظام المصرفي العالمي وفي لبنان أرقى نظام مصرفي رغم كل التشديد الأخير الناتج من الطلبات الأميركية والغربية، وهذا كله منعدم في سورية ثم ان حرية الاستيراد (والتصدير) متوافرة في لبنان وغير متوافرة في سورية وهكذا يمكن الاستيراد الى لبنان ثم يتم تهريب أي بضاعة منها الى سورية وتسعيرات الجمارك في لبنان أقل بكثير من سورية، صحيح ان التهريب من رسوم الجمارك في لبنان عبر المطار كما عبر المرفأ وعبر الحدود البرية متوافر كثيراً كما في سورية، لكن في سورية هناك تسهيلات سياسية من أعلى مصدر للسلطة أي من بشار نفسه ولحسابه وجماعاته دائماً.. ولا أحد يحاسب أو أن يجرؤ عليها لكنها كلها مرتبطة برقابة شديدة من جانب بلاد العالم الواسعة، أما في لبنان فإن أصل الاستيراد أي من أوروبا لا يخضع للرقابة الشديدة المفروضة على كل أمر يذهب الى سورية (او إيران او كوريا او روسيا..). 

نعم هناك مرفأ دبي الذي تستند اليه إيران في استيراد كل ما تحتاجه وتحت اشراف وموافقة وتسهيلات حاكمها محمد بن راشد آل مكتوم الذي يضمن كل سرقات بشار وابن خاله رامي مخلوف داخل الامارة ولكن تنويع وزيادة مرافىء  الاستيراد من دول العالم متوافر في لبنان عبر كل مرافقه ومنافذه.. وهذا أمر مهم جداً لجماعات بشار.. كما لحاجات ايران نفسها. 

في لبنان يوفر قانون تملك الأجانب فرصاً مهمة لجماعات بشار، فيصبح هؤلاء متملكين في سورية، وفي لبنان، وها هو القانون 49 الذي بدا أنه استجابة لبنانية لأحد شروط مؤتمر ((سيدر)) في باريس يعطي فرصاً واسعة للتملك (رغم الاعتراضات الواسعة قانونياً وطائفياً وسياسياً من جانب قسم كبير من اللبنانيين عليه). 

في لبنان تتوافر تسهيلات اضافية في التملك العقاري وفي قروض الاسكان وفي قروض المصارف، وهذا أمر يحتاجه سوريو بشار بسبب النفوذ الذي بات بشار يتمتع به مع وجود كتلة نيابية له في مجلس النواب اللبناني وبالتأكيد سيكون له وزراء وأكثر من هذا داخل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية كذلك فضلاً عن حماية من جهاز أمني لبناني أو أكثر. 

هل عرف اللبنانيون الآن لماذا هذا الحرص الرسمي على تهريب مرسوم التجنيس هذا، والدفاع المستميت عنه، والرفض الشعبي والسياسي والطائفي العارم ضده؟ 

 

حسن صبرا 

 

 

 

 

 

الوسوم