بيروت | Clouds 28.7 c

مئوية أنور السادات هكذا عاقب المصريون الرئيس المؤمن/ بقلم:أحمد خالد

تمر هذه الأيام مئوية السينمائي المصري الأول محمد أنور السادات الذي أظهر ابتهاجاً كبيراً يوم فاز الممثل رونالد ريغان برئاسة الجمهورية في أميركا، فأصبح زميلاً له ليصبح بعدها هنري كيسنجر عزيزه الأول، عندما أصبح السادات رئيساً مؤمناً لمصر دولة العلم والايمان إثر انقلابه على خط جمال عبدالناصر ((الكافر)).

أتقن أنور السادات التمثيل لدرجة أثارت إعجاب صحافيين أميركيين وصفه أحدهم ((بمستر يس)) لأنه كان دائم الموافقة على كل أمر يطرحه جمال عبدالناصر على زملائه أعضاء مجلس قيادة الثورة، فكان بعضهم يعارض او يناقش وكان السادات الموافق الدائم يهز رأسه نزولاً كما فعل فيما بعد يونس شلبي في مسرحية ((العيال كبرت)) وعندما سأله أحمد زكي لماذا يا عاطف تهز رأسك هكذا؟ رد يونس شلبي بالقول: ما هم كلهم بيعملوا كده..

اعتمد أنور السادات عبارة أخلاق القرية وهو يمارس أخلاق السينما، وقد أتقنها وهو كما أورد في كتابه ((البحث عن الذات)) عمل شيالاً ((عتالاً)) وعامل تراحيل ((باليومية)) وعامل سكة حديد.. تنويعاً لأدواره التمثيلية والتمثيل يسمح للممثل ان يؤدي أدواراً مختلفة على الشاشة، بملابس مختلفة تتناسب مع الشخصيات المتعددة التي يؤدي أدوارها.

هذا الممثل البارع أنور السادات الذي أطلق أوكار الحقد ضد جمال عبدالناصر عندما رحل الزعيم وحلّ الممثل السادات مكانه هو الذي كان وضع كتاباً تحت عنوان: يا ولدي هذا عمك جمال، وضع أيضاًَ عبدالناصر في مقام القديسين..

هذا الممثل الذي وضع شعار دولة العلم والايمان وبات هو الرئيس المؤمن جاء بالجماعات الاسلامية ودربها وسلحها كي تفتك بالقوى المؤمنة بمبادىء ثورة جمال عبدالناصر.

الرئيس المؤمن محمد أنور السادات الذي ألزم كل فريق عمله ان يبدأ اسمه بإسم محمد كـ(محمد) حسني مبارك، و(محمد) عبدالحليم ابو غزالة، و(محمد) زكي بدر حتى تهيأ للناس انه كان ينادي زوجه جيهان في المنـزل (محمد) جيهان السادات.. هو نفسه الرئيس المؤمن الذي كان يطعم لشدة ايمانه ثمانية كلغ لحمة للكلاب التي كان يربيها، وكان الرئيس المؤمن يصرف من بيت مال المسلمين 500 دولار شهرياً ثمن دخان ((البايب)) الغليون الذي ينفثه، وهذا المبلغ في حسابات تلك الأيام كفيل بإعالة 100 أسرة يومياً بكل متطلبات الغذاء بما فيه اللحمة. وكان الرئيس المؤمن يحرص على أناقته بإستقدام أشهر مصمم أزياء في العالم بيار كاردان كي يفصّل له ملابسه، وكان أبرزها تلك البدلة العسكرية التي قتل أثناء ارتدائها ظهر العرض العسكري في 6 /10/ 1981.. لكأن ملابس بيار كاردان تعوض السادات عن مظهر الشيال الذي رسخ في أذهان الناس عنه.

طرد جمال عبدالناصر أنور السادات من أحد قصور الحراسة التي احتلها بناء لرغبة زوجه جيهان، لأن هذه القصور كلها ملك للدولة..

وبخ جمال عبدالناصر أنور السادات لأنه طلب هدية سيارة من طراز اميركي من أحد مشايخ قطر وأمره بردها الى صاحبها..

كانت أغلى أمنيات أنور السادات ان يرسله جمال عبدالناصر الى منـزل الست (ام كلثوم) كي يرافقها الى المطار مسافرة لتغني خارج مصر، وكان يمني النفس ان يرسله جمال لاستقبالها، مقبّلاً يدها (والصور كثيرة) عندما تعود.

غير ان خطأ جمال الانساني عندما جعل أنور السادات نائباً له عام 1969 أي قبل عام من رحيله في 28/ 9/1970 (هل هي مصادفة ان يقتل جمال بعد ان جاء بالسادات نائباً له؟).

جاء جمال بالرئيس المؤمن نائباً له حتى يرفع من راتبه التقاعدي بعد ترك السلطة.. وهذه هي احدى خطايا جمال.

السادات بعد جمال ارتكب التالي:

  1. ارتكب آثام تعميم قيم الفساد في مصر التي عانت منه عشرات السنين بدءاً بالقطط السمان الى احمد عز صبي حسني مبارك المدلل وآلاف الملياردرية المصريين الحاليين.
  2. ارتكب آثام تعميم قيم الظلام والتدين الفولكلوري الاستعراضي والشكلي التي ما زالت تعم مصر كلها منذ 40 سنة..
  3. الرئيس المؤمن ارتكب آثام حمل الجماعات الاسلامية بقرارات منه الى كل مناحي الحياة المصرية من المسجد الى الجامعة الى النادي الى المنـزل الى وسائل الاعلام الى الفن.. الى الرياضة الى المصارف والمتاجر وباتت قيمة هذا حلال وهذا حرام هي المقياس الثابت والراسخ.. وانتشر رجال الدين كالفطر في كل زاوية وحي وقرية ومصلحة، وباتت آراؤهم وفتاواهم المضحكة او الظلامية المبكية هي بوصلة كل مصري قبل ان يغادر منـزله او يدخل مكتبه او متجره او يقود سيارته او يدخل مصعد عمارة او يركب طائرة او يشتري او يبيع او يختار حذاء او قميصاً يرتديه.. او يعقد صفقة.. وتراجعت جامعة القاهرة من المرتبة الأولى افريقياً في عصر جمال لتصبح في افريقيا رقم 28 وخارج التصنيف لأهم 500 جامعة في العالم.
  4. وليس آخراً خرجت مصر من دوائر التأثير عربياً وافريقياً ودولياً، وباتت دولة اثيوبيا تهدد مصير أمنها المالي وباتت دولة الامارات متحكمة بقيمة الجنيه المصري، وباتت دولة قطر عدوها الأول ذات تأثير مخيف داخل أرض الكنانة متهمة بدعم ثورة 25 يناير ضد مبارك حتى إسقاطه، ومتهمة بالتآمر على ثورة 30 يونيو التي جاءت بالسيسي في محاولة أيضاً لاسقاطه.

هذا هو إرث انور السادات الرئيس المؤمن، الممثل صاحب أخلاق القرية.. وهو الذي سار في جنازته 4 رؤساء اميركيين ومرافقيهم الاميركيين والمصريين فقط.. هكذا عاقب الشعب المصري الرئيس المؤمن.

أحمد خالد

 

 

الوسوم