((ما عاد ينفع جبران باسيل إلا العدرا وهو يحتفل بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام)). بهذه العبارة لخص مرجع كبير لـ ((الشراع)) حال وزير الخارجية والمغتربين، بعد ان حمّله المرجع المسؤولية الأساسية في عرقلة تشكيل الحكومة الحريرية الثانية في فترة حكم عمه ميشال عون (2016..).

كشف المرجع نفسه لـ ((الشراع)) ان حكاية توزير جواد عدرا في الحكومة أعدها وطبخها وأخرجها جبران باسيل وقدمها لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أثناء لقائهما في لندن، وقدمها لرئيس الجمهورية الذي كلّف مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم بالترويج لها للوصول الى اعتمادها حلاً لعقدة تشكيل الحكومة المتأخرة أصلاً سبعة أشهر تقريباً.

وطالما عون كلّف ابراهيم – فلا بد ان يمر ترتيبه عبر حلال العقد الرئيس نبيه بري..

رئيس مجلس النواب يعرف جواد عدرا سابقاً.. وهو زاره عائلياً، وكلّفه بري إعداد دراسات وإحصاءات عبر مركز معلومات الدولية الذي يملكه عدرا..

عدرا مسؤول قومي سوري سابق في الكورة ووالده من حواري مؤسس الحزب السوري القومي انطون سعادة.. وصديق للنائب قاسم هاشم زاره في شبعا عدة مرات..

إذن

فليكلف نائب اللقاء التشاوري قاسم هاشم بالترويج لعدرا داخل اللقاء، خصوصاً ان نوابه ما كانوا ليتفقوا على واحد منهم كان الرئيس بري رشح قاسم نفسه كوزير.. ثم بعد الاعتراض الحريري عليه رشح بري مدير التشريفات في قصر الرئاسة الثانية علي حمد ثم وافق على عدرا.

حتى الآن.. كانت الأمور تسير بشكل طبيعي، وخبر ترشيح اللقاء التشاوري لعدرا لتمثيلهم كوزير سني بات منطقياً لكن العقدة جاءت من صاحب المبادرة جبران باسيل نفسه.

كيف؟

لأن جبران بيّت ان يكون عدرا من حصة رئيس الجمهورية، ليحتفظ الصهر الصغير بـ 11 وزيراً في حكومة الحريري فقد كان مفهوماً لماذا أمر جبران عدرا بألا يحضر اجتماع اللقاء التشاوري.. غاب عدرا الذي رشحه النواب الستة عن اجتماعهم عمداً.. فتراجع النواب عن ترشيحه.. عادت الأمور الى نقطة الصفر وظهر جبران معرقلاً وضعيفاً.. بل وكشف مشروعه المضمر وهو الاحتفاظ بالثلث المعطل ليصار عند الحاجة الى الإمساك بالحكومة.. وبالسلطة التنفيذية في حال غاب رئيس الجمهورية لأي سبب من الأسباب.. والأهم ان اتفاق باسيل مع سعد الحريري كان سيسري على مسائل عديدة في البلد. هنا يعيد المرجع التساؤل القديم: هل ما زال نادر الحريري هو صلة الوصل مع جبران؟.. هل ما زالت الأمور كلها تدرس بين الاثنين ليوافق سعد عليها لاحقاً؟

المرجع الكبير يقول  لـ ((الشراع)): هذه العرقلة لتشكيل الحكومة تظهر أحد أمرين: اما الغباء الكبير، وإما ان هناك قطبة مخفية لا نعرفها حتى الآن.

مقربون من حزب الله اعترفوا لـ ((الشراع)) بأن الحزب اعتبر خطوة جبران طعنة.. وانه لم يكن يظن ان جبران يمكن ان يصل تحديه للحزب الى هذه الدرجة..

نعم.. يتابع مقربون من الحزب أقوالهم لـ((الشراع)).. كنا سمعنا ما قاله جبران في استراليا لمجموعة من المسيحيين المغتربين فيها: سأنسيكم بشير الجميل وكميل شمعون..

نعم.. نحن نعرف ان باسيل محكوم بطموحه لرئاسة الجمهورية ومحكوم بجموحه لكسب السباق حول التمثيل المسيحي مع سمير جعجع.. وهو لهذا يريد ان يثبت بأي طريقة انه هو الممثل الأوحد للمسيحيين وأنه المدافع الأشرس عن مصالحهم..

لكن - يتابع المقربون لحزب الله القول.. كنا نعتقد ان جبران أذكى من ان يقع في هذا التسرع وهذه الأخطاء.. اذا أراد جبران ان يكون جواد عدرا الوزير الملك السني من حصة رئيس الجمهورية.. فليتركه حصان طروادة داخل اللقاء التشاوري.. ثم فليسحبه من هذا اللقاء حين الضرورة.. أي حين يريد جبران إقالة حكومة الحريري بسحب الثلث منها.

لقد أدخلنا عدنان حسين وزيراً ملكاً من حصة الرئيس ميشال سليمان.. وظل كامناً الى ان طلبنا منه الاستقالة فإستجاب لطلبنا واسقطنا حكومة سعد الحريري وهو عند اوباما.. لماذا يتسرع جبران؟ لماذا يخطىء؟ هل هناك قطبة مخفية ونحن نسجل له الذكاء والدهاء وحسن درس الملفات؟

أما ما هو أغرب فقد جاء من سعد الحريري نفسه الذي راح لنبيه بري يحمل اليه طلبات جبران.. وهي تخلي بري عن وزارة البيئة لمصلحة تيار جبران وتسليمه وزارة الاعلام لبري، وإخراج الشباب والرياضة من حصة حزب الله وتسليم الحزب وزارة دولة..

لم يصدق بري ما طلبه الحريري فسأله كاظماً غيظه:

• سعد.. من الذي يشكل الحكومة؟ أنت ام جبران؟.. اخترعتم قصة عدرا وقبلناها ثم انقلب علينا جبران والآن تريدون انتزاع وزارات منا لمصلحة جبران..

يرد سعد مبرراً: أنا ما خصني بقصة عدرا.. وهذه مطالب جبران والرئيس.

هنا وقبل ان ينهي بري لقاء لم يستمر أكثر من 12 دقيقة مع الحريري يقول له:

• شوف دولة الرئيس: الصبي مات.. وعلينا البدء من جديد.. نحن حصتنا من النواب تعطينا ما بين 7 الى 8 وزراء ولم نعد نكتفي بالوزراء الستة (حركة أمل وحزب الله).
• يا حبيبي يا سعد نحن ما عاد عندنا أسنان كلها تخلعت بالسياسة قللو لجبران يروحوا يقلعوا شوكهم بإيديهم.. لو استمرت العرقلة لعيد الميلاد القادم 2019 أنا مش مستعجل.. انتو الخسرانين.

الودائع

بات حديث بري مع الحريري حديث المجالس والاعلام.. لكن خارج المنشور هو ما تردد عن ان جبران باسيل يريد اخراج الودائع من الوزارة الجديدة..

من هي الودائع؟

جبران يعتبر ان وزيري العدل والدفاع سليم جريصاتي ويعقوب الصراف هما وديعتان لحزب الله.. وجبران ربما يريد توزير فادي جريصاتي او ابراهيم كنعان مكان الأول..

والأهم ان جبران يريد ان يرضي سعد الحريري بتوزير د. غطاس خوري، فيصبح خوري ممثلاً لسعد وجعجع، وهكذا تخسر القوات مقعداً وزارياً!!

هذه الغرائب التي أتى بها جبران باسيل جعلت الرئيس نبيه بري يقول: في كل عمري السياسي لم اقرأ مثل هذه الأعاجيب.

وهذا الحسم من رئيس مجلس النواب جعل مرجعاً كبيراً يقول لـ((الشراع)) لم يعد ينفع جبران إلا العدرا.

أحمد خالد