بيروت | Clouds 28.7 c

طلال بن عبدالعزيز الأمير السعودي الحر / بقلم: حسن صبرا

ما كان الأمير طلال بن عبدالعزيز شخصية عادية في بلاده وبلاد العرب، وما كان أميراً سعودياً عادياً لا ضمن اخوته وأشقائه الـ 36 أولاد مؤسس المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن عبدالرحمان آل سعود، ولا ضمن أمراء المملكة الذين يتجاوزون السبعة آلاف أمير من آل سعود ومن غيرهم..

طلال بن عبدالعزيز هو شخصية عربية عامة، صاحب آراء مثيرة للجدل، ناقد لسياسات بلاده في أكثر من موضوع، وفي مراحل عديدة، وهو ثائر ومعارض في أحرج مراحل المملكة حين كادت رياح الناصرية التي هبت على المملكة من الجنوب ومن الغرب.. ان تعصف بكيانها كله.

هو من الأمراء الناصريين الأحرار الذين لجأوا كما عدة طيارين سعوديين وأردنيين الى مصر عبدالناصر حين أرسل حملة مصرية لنقل اليمن من تخلف القرون الوسطى الى مشارف القرن العشرين.

وقفت المملكة مع الاماميين المتوكليين الذين مثلهم الامام البدر بن احمد بن يحيى حميد الدين.. دعمتهم بالمال والسلاح والمرتزقة وأراد فيصل بن عبدالعزيز استنـزاف مصر في اليمن ومنع عودة 60 ألف جندي مصري الى بلادهم رافضاً أي تسوية مع مصر تحفظ حق الشعب اليمني في تقرير مصيره، الى ان كانت هزيمة 67 العسكرية، وحاول الاماميون بدعم من فيصل احتلال صنعاء، فعصيت عليهم بعد حصار استمر 70 يوماً، فهزم الاماميون وانتصرت الجمهورية، بعد انتصار الجنوب العربي وهزيمة الاحتلال البريطاني وقيام دولة اليمن الجنوبي.. وكله بدعم من مصر المهزومة عسكرياً من اسرائيل بتوافق اميركي – سعودي واضح.

كان الأمير طلال ضد الكثير من سياسات أخوته الملوك المتتابعين: سعود، فيصل، خالد، فهد، لكنه كان الداعم الأكبر لأخيه الملك عبدالله، الى ان أقعد المرض الاثنين، فرحلا خلال خمس سنوات.. وكانت العروبة هي الأقوى عند الاثنين.

أحب طلال مصر كما عبدالله، كما نجل طلال الأمير الوليد بن طلال، وكان الجميع ضد سياسة المملكة في دعم الاخوان المسلمين التي شكلت ثقافة وفكر وسياسة ونهج أخواتها وبناتها من الجماعات المتطرفة التي تقّض مضاجع العرب والمسلمين في كل دار.. كـ ((داعش)) والقاعدة وقبلهما من جماعات العائدين من أفغانستان والتكفير والهجرة.. وكلها خرجت من رحم هذه الجماعة الإرعابية.

والأمير طلال بن عبدالعزيز كان رائداً في مجال دعم مؤسسات انسانية عربية وعالمية فهو انشأ برنامج الخليج العربي لدعم مؤسسات عربية وأفريقية وآسيوية، وأنشأ الجامعة العربية المفتوحة وغيرها من المؤسسات الانسانية.

ونحن في ((الشراع)) نسجل للأمير طلال بن عبدالعزيز انه أول من أدخل المجلة الى المملكة وأول من استقبلنا فيها، وظللنا لسنوات طويلة على تواصل معه، وكان يطلب حضورنا اليه في سورية وفي مصر.

ونسجل أيضاً للأمير الكبير انه وفي جلسة في جناحه في فندق ((شيراتون)) بحضور سفير المملكة في بيروت ثم دمشق الصديق الحبيب أحمد الكحيمي، وزميلي العزيز بسام عفيفي، قال بصراحته المعهودة ان تعامل المملكة مع الشيعة السعوديين تطورت نحو الأحسن من مرحلة كانت طائراتها الحربية تقصف الشيعة في القطيف خلال احتفالية بعاشوراء مطلع القرن في ثلاثينيات او اربعينيات القرن العشرين الى مرحلة إدخال شيعة في مجلس الشورى وافتتاح المدارس والمساجد والمؤسسات في مناطقهم وفتح أبواب أمراء المنطقة الشرقية حيث يشكلون أغلبية فيها، أمامهم وأمام مشايخهم ووجهائهم.

لم يطمح الأمير طلال للحكم يوماً في وطنه، لكنه كان نشطاً جداً للوصول الى تشكيل هيئة البيعة التي أسسها خادم الحرمين الشريفين الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وكان عضواً فيها، متمتعاً بحرية النقد حتى لهذه الهيئة وقراراتها التي رافقت رحيل الملك عبدالله.

لا يمكن الحديث عن طلال بن عبدالعزيز بمناسبة رحيله رحمه الله، من دون ذكر نجله الأمير الصديق الوليد بن طلال، الذي صنع لنفسه حضوراً سعودياً وعربياً ودولياً.. بشخصيته الفذة ونشاطاته المتميزة ودوره الانساني سواء في المملكة او في لبنان، وفي اهتماماته الاعلامية العربية وحرصه على إعادة تأهيل التراث الفني المصري، وخصوصاً السينمائي والمسرحي والغنائي..

رحم الله صديقنا الكبير الأمير طلال بن عبدالعزيز، وأطال الله عمر صديقنا الحبيب الأمير الوليد بن طلال، ولأسرته الكريمة كل العزاء.

حسن صبرا

الوسوم