بيروت | Clouds 28.7 c

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك 

5 حزيران/ يونيو هو بالمطلق أهم موعد كوني بالبُعد البيئي حيث تحتضن كل عام دولة ويتبنى العالم شعاراً للاحتفال بيوم البيئة العالمي هذا العام 2018 الشعار هو: ((التغلب على التلوث الذي يسببه البلاستيك)) وتحتضنه باقتدار وقوة دولة الهند. 

بتاريخ 19 شباط/ فبراير 2018 أعلن الدكتور فاردهان وزير البيئة والغابات وتغير المناخ في الهند وأريك سولهايم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي للبيئة، أن الهند ستستضيف الاحتفالات بيوم البيئة العالمي في 5 حزيران/ يونيو 2018 أي هذا اليوم. 

ويحثّ التلوث البلاستيكي الحكومات والصناعة والمجتمعات المحلية والأفراد على الاجتماع معاً واستكشاف بدائل مستدامة والحدّ بشكل عاجل من الإنتاج والاستخدام المفرط للبلاستيك الذي يُسْتخدم لمرة واحدة والذي يلوّث محيطاتنا ويضر بالحياة البحرية ويهدد صحة الإنسان.. يقول الدكتور فاردهان ((عندنا في الهند تتجذر الفلسفة الهندية وأسلوب الحياة منذ فترة طويلة في مفهوم التعايش مع الطبيعة ونحن ملتزمون بجعل الكوكب مكاناً أنظف وأكثر خضرنة)). 

وتابع حديثه البيئي المتنوّر بامتياز: ((إذا قام كل واحد منا بالمبادرة بعمل مراع للبيئة على الأقل يومياً تجاه مسؤولياتنا الاجتماعية الخضراء المراعية للبيئة، فستكون هناك مليارات من الأعمال الجيدة الخضراء التي يتمّ القيام بها يومياً على كوكبنا)). 

وقد التزمت حكومة الهند بتنظيم وتعزيز الاحتفالات بيوم البيئة العالمي من خلال سلسلة من الأنشطة والأحداث التي تولد اهتماماً عاماً ومشاركة قوية بدءاً من حملات التنظيف من البلاستيك في جميع أنحاء القارة الهندية في المناطق العامة والمناطق المحمية الوطنية والغابات وصولاً إلى أنشطة تنظيف الشاطئ وستقود الهند المبادرة من خلال وضع مثال أو نموذج يُحْتَذى به. 

نعم إنها حالة طوارئ عالمية تؤثر على كل جانب من جوانب حياتنا، فالتلوث البلاستيكي يدمّر شواطئنا ومحيطاتنا وستقود الهند الآن جهود المضي إلى الأمام قُدُماً فيما يتعلق بإنقاذ محيطاتنا وبحورنا وأنهارنا. 

بدأت الاحتفالات بهذا النهار عام 1972 وأصبح هذا اليوم منصَّة عالمية للتوعية العامة ويُحتفل به على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم... 

من الأرقام المذهلة والحقائق عن التلوث البلاستيكي يستخدم العالم 500 مليار كيس من البلاستيك. 

8 ملايين طن من البلاستيك ينتهي مصيرها في البحور والمحيطات أي ما يعادل شاحنة نفايات كل دقيقة. 

خلال العقد الماضي كان إنتاج البلاستيك العالمي يفوق ما أنتجه العالم على مدى القرن الماضي بأكمله. 

50% من البلاستيك الذي يستخدمه العالم يُستخدم لمرة واحدة. 

كل دقيقة يشتري العالم مليون زجاجة بلاستيكية. 

يشكل البلاستيك قرابة الـ 10% من جميع النفايات التي نولدها... 

مثل قامت به الهند كنموذج مثالي: 

في مقاطعة ((بانجوت)) قرية ((أُوتالا)) أصبحت جنة حقيقية سياحية لمشاهدة الطيور بعد أن أصبحت خالية بشكل جذري من البلاستيك. 

وقد شهد منتصف القرن الماضي ثورة حقيقية في صناعة بعض المركبات والمواد التي لم يعرفها الإنسان من قبل وكان أهمها على الإطلاق صناعة البلاستيك الذي تمّ إنتاجه في كافة نواحي الحياة العملية نظراً للميزات العديدة التي يتمتع بها ومن أهمها سهولة تشكيله وتصنيعه بما يتلاءم مع حاجات الإنسان اليومية والحياتية.. وقد تضاعف الإنتاج العالمي من هذه المادة الهامة بشكل كبير جداً مما حدا بكثير من الباحثين الى إطلاق اسم عصر البلاستيك على النصف الأخير من القرن الماضي. 

وكان من النتائج السلبية لهذه الثورة العالمية في صناعة البلاستيك، تراكم ملايين الأطنان من مخلفات هذه المادة. ولم يكن باستطاعة الباحثين إتلاف هذه المادة عالية الثبات قليلة التفكك بطريقة آمنة، فتراكمت هذه المخلفات الصناعية وأخذت تهدّد صحة الإنسان وكافة عناصر البيئة. 

ولقد بيّنت الدراسات أن المخلفات البلاستيكية التي لها عمر طويل مثل الـ PVC لا يمكن التعامل معها كأي مخالفات صناعية أخرى، فهي تنتج أخطر السموم والغازات الضارة عند حرقها كالديوكسينات المسببة للسرطان ومعادن ثقيلة ضارة تلوث مصادر الماء والتربة والهواء، كما أنّ دفنها في أعماق الأرض يلوّث مصادر مياه الشرب الجوفية، وإلقائها في البحار والمحيطات يدمّر كامل الحياة البحرية. 

وقد وُجِدَ أن بعض هذه المخلفات البلاستيكية يمكن السيطرة عليها بواسطة عملية التدوير حيث تستخدم بعضها كوقود في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية التقليدية ضمن شروط صناعية وبيئية صارمة. كما قد يتمّ إعادة تشكيل بعض أنواع البلاستيك أي تدويره، من أجل إنتاج سلع جديدة تستخدم لرفد الحياة العملية واليومية. 

وتعتمد صناعة البلاستيك وبشكل كبير على المواد الأولية المستخرجة من النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم، والمواد البلاستيكية تنقسم إلى قسمين: 

البلاستيك المرن حرارياً Thermo plastic. 

البلاستيك غير المرن حرارياً Thermo setting. 

والحديث ليس هنا مجاله لأنه يطول عبر صفحات كثيرة وذلك من أجل إيصال الرسالة بطريقة سَلِسَة وغير مملّة للقارئ الكريم. 

ويشكل البلاستيك أحد أكثر المواد المفصّلة في العالم الصناعي فهو عازل للكهرباء وقابل للتشكيل ومنخفض للكلفة، لكنه في الوقت نفسه يحمل آثاراً صحية خطيرة، وفق منتقديه ودراسات عدة، تؤثر في الإنسان والبيئة، فما هي؟ وهل لدينا بديل عنه؟ وترتبط خطورة منتجات البلاستيك بشكل كبير لاحتوائها على مواد تسمّى ((فيليات)) وهي مواد تضاف للبلاستيك أثناء تصنيعه لزيادة مرونته، وتتسلل هذه الـ ((فيليات)) إلى الهواء والطعام حتى البشر، ويشمل ذلك الجنين في رحم الأم، وتدخل هذه المادة في مادة أخرى معروفة بوليفينيل كلورايد وهي تستخدم على نطاق واسع في صناعة ألعاب الأطفال مثل العضاضة القطعة البلاستيكية التي يعض عليها الطفل لتخفيف آلام الأسنان والألعاب الطرية والألعاب المنفوخة وتنتقل هذه المادة من هذه المنتجات والأجسام إلى الطفل والبيئة عبر لمسها خاصة عندما تكون الملامسة مصحوبة بضغط ويمكن تلخيص أبرز المعطيات المتوفرة حالياً حول الآثار السلبية للفيليات على الصحة بالنقاط التالية: 

زيادة تخزين الدهون. 

زيادة مقاومة الأنسولين وهو أمر يرتبط بالسكري. 

انخفاض مستوى الهرمونات الجنسية. 

تأثيرها على الجهاز التناسلي لدى الذكور والإناث. 

هناك علاقة محتملة بين هذه المادة في بول الأم ومشاكل تطويرية في الجهاز التناسلي لدى المواليد الذكور. 

تشكيل معطيات إلى احتمالية وجود علاقة عكسية بين ارتفاع تركيز هذه المادة لدى الأم. 

التأثير على نوعية المنية. 

هذا على صعيد الإنسان، أما على صعيد البيئة والحيوانات فتوجد للمواد البلاستيكية آثار خطيرة تشمل: 

تلويث الهواء والماء والتربة بالمواد التي تتسرب منها. 

البلاستيك صعب التحليل على الصعيد البيولوجي، فهو يحتاج من مئة إلى 1000 سنة حتى يتحلل. 

تؤدي الأكياس البلاستيكية إلى انسداد في أنظمة الصرف الصحي في المدن مما يؤدي إلى فيضانات فيها أثناء مواسم الأمطار. 

تتسبب المواد البلاستيكية التي تلقى في البحر بقتل ملايين الكائنات البحرية سنوياً. 

ويطول الحديث في هذا الموضوع الخطير على كل الأصعدة وحاولت المساهمة بالإضاءة عليه في هذا اليوم الأهم بيئياً على الصعيد العالمي. 

 

المهندس محمود الأحمدية 

رئيس جمعية طبيعة بلا حدود 

عضو اللجنة البيئية في نقابة المهندسين في بيروت 

الوسوم