بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ / أيها السعوديون هاتوا مشروعكم القومي - بقلم: حسن صبرا

  ?  لمشاهدة الفيديو يرجى الضغط على الرابط ادناه  ?

أيها السعوديون هاتوا مشروعكم العروبي / حسن صبرا

أما وقد اعترفت المملكة العربية السعودية، بأن مجموعة من استخباراتها ارتكبت جريمة قتل الاعلامي – السياسي – الأمني جمال خاشقجي في قنصليتها في اسطنبول، فإنها مطالبة بعد ذلك بسرعة تفسير الأسباب الحقيقية لارتكاب استخباراتها هذه الجريمة.

اضافة الى مسؤوليتها في هذه الجريمة ضد مواطن منها دخل قنصلية بلاده لأمر اداري.. وبإرادته، فإن المملكة لم تقنع العالم بعد بصدقية رواياتها التي توالت.. وكلها متأخرة، وكلها تحت الضغط الدولي، ولم تجب حتى الآن على الاسئلة الشرعية المطروحة في العالم كله ومنها: كيف قتل الخاشقجي؟ هل تم قتله جماعياً  أي بمشاركة دبلوماسية من داخل القنصلية مع المجموعة الاستخباراتية؟ ومن هو الشخص الذي أجهز عليه نهائياً؟ وأين جثته الآن؟ هل تم تقطيعها؟ هل تمت اذابتها بالمواد الكيماوية؟ هل تم حرقها وأين رمادها؟

ومع فظاعة الأسئلة والردود عليها أياً تكن من جريمة ارتكبت ضد انسان مدني لا يحمل سلاحاً، لا يقاتل إلا بالكلمة وبالرأي علناً وسراً.. وفي كل مكان.. فإن الاسئلة الأكثر أهمية هي التي لم تطرح بعد.. وهي الاسئلة التي يجيء غيابها ليجعل أي تضامن مع المملكة فاقداً للكثير من موضوعيته، اذا لم تحدد المملكة أسباب ارتكاب استخباراتها لمثل هذه الجريمة.

من ضمن هذه الاسئلة:

هل تم التخلص من الخاشقجي لأنه يملك رأياً مختلفاً عن السياسة السعودية الرسمية داخلياً وخارجياً؟

وبغض النظر ان كان هذا الاسلوب جديداً أم قليل الحدوث مع خصوم المملكة. فهل يمكن اقناع أحد في العالم بإمكانية الدفاع عنه او السكوت على حدوثه؟

نحن وبحزم كامل نقول: لسنا أبداً مع بسطة الخضار التي فرشتها قوى معادية للمملكة من دول الخليج العربي وخارجه وبعيدة عنه، تنادي فيها على جريمة قتل الخاشقجي كمن يبيع البطاطا او الكوسا ويتنافس أصحابها مع بائعين آخرين للفجل والقرنبيط.. فهؤلاء يرتكبون جريمة أخرى ضد الحقيقة لا تقل بشاعة – ولو بطبيعة أخرى – عن جريمة قتل الخاشقجي.

لذا.

على العاقلين في المملكة ان يحددوا السبب الرئيسي لارتكاب هذه الجريمة، التي يزين للبعض عن خبل او خبث او غباء، انه كان بالامكان قتل الخاشقجي بحادث سير او في شجار مع زعران في الشارع.. ومن دون أية مسؤولية رسمية او تفسير سياسي، او صراع استخباراتي، او تصفية معارضين، فهذا التخيل هو حالة مرضية تحتاج الى علاج نفسي تقنع أصحابه بأن من حق أي انسان ان يقول رأيه في أي أمر، ولا يحق لأي سلطة ان تحاسبه إلا وفق قوانين عادلة وموضوعية.

 

لماذا قتل الخاشقجي؟

مع اعتراف السعودية بقتل استخباراتها لجمال الخاشقجي فقد آن الأوان لتقديم سبب سياسي استراتيجي يمكن مناقشته، بعد الجريمة بما يجعل ارتكابها جزءاً من صراع طويل مرير يتم الاصطفاف حول أطرافه المتصارعة والانحياز الى هذا الطرف او ذاك، ودائماً مع استبعاد واستنكار ثقافة الاغتيال أياً تكن مبرراته.

لقد جاهر جمال الخاشقجي بدعوته السياسية – الفكرية لتكوين حلف اسلامي سني تقوده تركيا لمجابهة ما يعتبره خصوم الأمة، وهو يضع ايران في مقدمة أعداء الأمة، ويعلن خصومته لمصر السيسي وانحيازه لمصر الاخوان المسلمين، ولا ينطق بحرف واحد ضد اسرائيل او اميركا.

على الاخوة في المملكة العربية السعودية، ان يضعوا خطيئتهم في قتل الخاشقجي، ضمن مشروع مجابهة دعوة الخاشقجي حين يحدد ان المشروع السني يشمل فقط دولاً عربية مثل السعودية ومنظمات اسلامية سياسية مثل الاخوان المسلمين.. ودائماً تحت قيادة تركيا السنية لا يخفي الخاشقجي إعجابه بالسلطان العثماني فيها رجب طيب أردوغان.. والله والراسخون في العلم يعرفون ماذا وراء هذا الاعجاب.

مشروع جمال الخاشقجي الذي جعله يستقر في تركيا هو دعوة لخلافة اسلامية خارجة عن العرب، بل وتجعلهم أدوات لهذه الخلافة في صورة أقرب الى ما انتهى اليه العرب قبل سقوط الخلافة العثمانية في منتصف الربع الأول من القرن العشرين.

السعوديون مدعوون لشرح مفهوم هذه الدعوة، ومدعوون لتقديم المشروع العربي البديل – ان كانوا يقدرون او يعلمون او يدركون.

على السعوديين ان يشرحوا هذا المشروع المضاد وليكونوا مع أشقائهم العرب الكبار صرحاء بأن المملكة ليست وحدها المستهدفة بهذا المشروع، وان يكونوا واضحين تماماً مع مصر بأنها في خصومتها وعدائها مع تركيا ومع الاخوان المسلمين مستهدفة بأكثر من استهداف السعودية من تركيا ومن الاخوان.

فالسعودية خالية من الاخوان الآن، على الرغم من ان الملك فيصل الراحل هو الذي حضنهم وموّلهم وسلمهم التربية والتعليم في المملكة نكاية بجمال عبدالناصر، فإن مصر هي الأرض الخصبة لجماعة الاخوان الذين سقطوا في السياسة، لكن ثقافتهم في التدين الفولكلوري والاستعراضي والشكلي ما زالت طاغية في طول مصر وعرضها. وطالما ان أغطية الرأس المسماة جهلاً بأنها حجاب على رؤوس طبيبات ومهندسات واستاذات جامعات وموظفات ووزيرات.. فإن هذه احدى علامات سيطرة ثقافة الاخوان المسلمين والسلفيين على ثقافة المجتمع المصري كله.. ودعك من الفلاحات او البائعات او البسيطات او الموظفات الصغيرات..

لقد آن الآوان لأن تدرك مصر ان انتشار أغطية الرأس في تركيا جاءت نتيجة حتمية لصعود حزب العدالة والتنمية (اخوان مسلمين تركيا) ووصوله الى السلطة.. وما رافق هذا من صعود اقتصادي ودور سياسي ضاغط وطموح شخصي جامح كي يكون للمسلمين في كل مكان خليفة تركي جديد اسمه رجب طيب أردوغان تلك هي المسألة.

جمال خاشقجي حامل مشروع سني بقيادة تركيا، يشابه تماماً المشروع الشيعي الايراني..

ايران دخلت على العرب شرعاً برفعها لواء فلسطين وهم سلموها إياها بعد رحيل جمال عبدالناصر.. وقد هزمت اسرائيل في جنوب لبنان بالمقاومة الاسلامية التي خاضها حزب الله بنجاح.

تركيا دخلت على العرب بمشروع الخلافة الاسلامية وقد سلمها إياه الاسلام السياسي السني – في غياب مصر، وانهماك المملكة العربية السعودية بحربها الدموية في اليمن وتخلي العرب، وخصوصاً مصر عنها نتيجة توهم بتجربتها السابقة في هذا البلد.. ودفاع جمال عبدالناصر عن اليمن كان دفاعاً مصيرياً عن مصر وجزءاً من الأمن القومي المصري الداخلي ومرافقه في البحر الأحمر وقناة السويس، ولو كانت مصر ما زالت في اليمن.. لما تجرأت اثيوبيا على تهديد الأمن  المائي المصري شريان الحياة الآن لأكثر من مئة مليون مصري.

حسناً.

جأر الخاشقجي بالمشروع السني بقيادة تركيا والاخوان المسلمين، فليخرج من يتحدث علناً ويدعو الى حالة قومية عربية بقيادة مصر والسعودية لحماية الأمن القومي العربي بدءاً من تصحيح الموقف من الشعب السوري وانتزاع المبادرة من أيدي مجرم الحرب بوتين حليف اردوغان واسرائيل في أرض العروبة سورية، والتخلي عن تابع هؤلاء في سورية بشار الأسد، لأن وجوده مبرر لكل قوى العدوان على العروبة، ومنها اسرائيل وداعش والاخوان المسلمين والاحتلالات المعروفة ومنها الاحتلال التركي لأراضي سورية.

ومثلما من العار ان ترفع الجماعات السنية راية الخلافة الاسلامية لإسقاط العروبة.. كذلك من العار ان يكون رأس الحربة لمجابهة العثمانية الجديدة شخص مثل محمد بن زايد.. انه غياب مصر.

 

 

 

 

الوسوم