بيروت | Clouds 28.7 c

الخاشقجي.. ومسألة ابتزاز السعودية والعرب / بقلم القاضي الشيخ خلدون عريمط 

الخاشقجي.. ومسألة ابتزاز السعودية والعرب / بقلم القاضي الشيخ خلدون عريمط 

رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام

 

منذ 2 تشرين الاول/ اكتوبر يوم اختفاء الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول واعلان وفاته بعد ذلك، من قبل الجهات المختصّة في المملكة العربيّة السعوديّة، والاعلام الدولي يتابع قضية الخاشقجي خطوة بخطوة، كيف؟ ولماذا؟ وماذا حدث؟ والكل يجمع على حق الانسان، وحريّة الرأي، حتى ان بعض القنوات العربية الموالية للمشروع الصفوي الفارسي تعهدت القضية كمقاول جشع وبقيت 24\24 ساعة تضخ ((سيناريوهات)) وهميّة لتعبئة الرأي العام ضد المملكة العربية السعودية وقيادتها، وأمنها واستقرارها وتلاقت بذلك بأهدافها مع اعلام صناع الرأي العام الصهيو- أميركي، والاميركي-  الفارسي.

والسؤال المطروح لدى الرأي العام العربي والاسلامي، هل هذه الحملة الاعلامية والسياسية المتعددة الاطراف هدفها المواطن السعودي جمال الخاشقجي؟ ومعرفة وفاته او مقتله ام ان هناك اهدافاً وغايات أخرى تلاقى عندها أعداء العرب والمسلمين لتشويه صورتهم وابتزاز المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً، مادياً واقتصادياً وسياسياً لمحاصرة دورها العربي ورسالتها الاسلامية السمحة.

صحيح ان وفاة او مقتل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول جريمة اخلاقية مدانة ولكن الصحيح أيضاً ان هذه الجريمة المرفوضة تلقفها بشهامة وعدالة وجرأة وحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فأعفى وأقال من يشتبه بمسؤوليتهم عما حدث، وأمر بمحاسبة المسؤولين في المؤسسات والاجهزة المعنيّة وشكّل لجنة عليا للمتابعة برئاسة ولي العهد الامير محمد بن سلمان لإعادة هيكلة تلك المؤسسات وعلى أسس موضوعيّة وعلميّة محترفة بما يتّفق مع عدالة الاسلام وحق وكرامة الانسان في بلاد الحرمين الشريفين ، الا ان الاعلام المعادي ما زال مستمراً في حملاته المشبوهة والموجّهة من العديد من العواصم مستفيداً من ازدواجية المعايير لدى العديد من الادارات التي أظهرت انتفاضة اميركية وبعضها اوروبية وحتى فارسية ايرانية من أجل قضية مواطن سعودي أسفت القيادة السعودية لوفاته او مقتله بل انها قامت بواجب التواصل والاحتضان والرعايه والعزاء لأسرته.

فها هي اميركا الّتي مارست ديموقراطيّتها المشؤومة في العراق وفي سجون أبو غريب ومع فلسطين وشعبها  تهدد بأوخم العواقب، وتتبعها بريطانيا وفرنسا والمانيا طلباً للتوضيح، كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ وتكاد ايران وحرسها الثوري وملاليها وأذرعها العسكريّة الصفويّة في المنطقة العربيّة أن تعلن الحداد مع اسرائيل وأعلامها، حتى بات الرأي العام ينام ويستيقظ على قضية الخاشقجي، ويكاد الخامنئي وروحاني أن يوزّعا معاً نماذج لديموقراطيتهما الدمويّة في بلاد الأحواز العربيّة وكردستان وبلوشستان المحتلّة فارسياً منذ عام 1923 لكننا لم نرَ هؤلاء الديموقراطيّين والحريصين على مصير حقوق المواطن السعودي جمال خاشقجي في أي دور في مقتل 12 ألف اعلامي وناشط قتلوا خلال السنوات السبع الاخيرة بأبشع الصور وبعضهم ما زال مختفياً او مفقوداً في العديد من البلدان من ايران الى العراق وسورية وحتّى امارة الجزيرة وأخواتها، فأين دور هؤلاء ومؤتمراتهم وأعلامهم من مقتل الاميرة ديانا وهي حامل بحجة ان حملها يمكن ان يكون عربياً؟ ولم يتجرأ المسؤولون في أن يتحملوا مسؤولية اغتيال الاميرة وجنينها بل سجّل قضاءً وقدراً والفاعل معلوم، وماذا فعلت الادارة الاميركية وبعض الادارات الاوروبية والمليشيات الفارسية بشأن مليوني سوري بين قتيل وجريح؟ خلال سبع سنوات ومعهم ملايين المهجرين قسراً الى بلاد الله الواسعة، بل ماذا فعل بعض وسائل الاعلام الاميركية والاوروبية وجمعيات حقوق الانسان، وإعلام عرب اللسان المتحالف مع المشروع الصفوي الفارسي بالابادة الجماعية للمسلمين في بورما، والإبادة والتغيير الديموغرافي في العراق، وما دور المليشيات الصفوية الفارسية في هذه الابادة التي تجاوزت مئات الآلاف من البشر، والتغييرات الديموغرافية التي مسحت ومسخت التاريخ والجغرافيا وحتى الوجود العربي والاسلامي في أماكن تواجدها، أليس هؤلاء بشراً ولهم حقوق؟ أو بعض حقوق جمال الخاشقجي رحمه الله، بل ماذا فعل العالم مع الحركة الصهيونية وقيادتها وهي تعمل على إبادة الشعب الفلسطيني وانتهاك المقدسات الاسلامية والمسيحية وانتهاك الارض والعقيدة والوجود على مدى سبعين عاماً من المأساة الفلسطينيّة التي صنعتها بريطانيا وفرنسا معا بوعد ((بلفور)) المشؤوم وبعده اتفاقيّة ((سايكس بيكو)) الملعونة، فهل باتت قضية الخاشقجي لا تختفر وإبادة شعوب وكياناتها مسألة فيها نظر؟

فالقضية اذا ليست جمال خاشقجي ودوره الاعلامي وربما الأمني والسياسي وما يكتبه في ((الوشنطن بوست الاميركيّة)) وإنما  الهدف هو المملكة العربية السعودية ودورها الاقليمي وامتدادها عربياً واسلامياً بعدما دمر الربيع العربي المدعوم اميركياً واسرائيلياً وايرانياً قوة العراق وعروبة سورية وأصالة اليمن وحضارة لبنان، ووحدة ليبيا وعروبتها، والصومال وشعبه الأصيل، وبعدما أبعدت مصر عن دورها العربي، وحيّدت بعدها دول المغرب العربي عن مشرقها خدمة للمشروع الصهيوني التلمودي حيناً والمشروع الصفوي الفارسي حيناً آخر. فكيف لنا أن نصدّق أنّ ما يحدث الآن من تحرك اقليمي ودولي لمسألة الخاشقجي هي قضيّة الانسان وحريّة المواطن والرأي العام في الوقت الّذي تباد فيه شعوب وتدمر دول وتسرق ثروات الشعوب بتحالف دولي تارة يقوده القيصر الروسي، وتارة أخرى تقودها أميركا بصهيونيّتها التلموديّة وبينهما بل ومعهما مشروع صفوي وآخر تلمودي يستهدف شرقنا العربي وعقيدتنا الاسلاميّة الّتي أنزلها الله تعالى لتوحيد الخالق، وتكريم الانسان الّذي خلقه الله ليكون خليفة لله على هذه الارض الطيّبة، أرض الانبياء والرسل والكتب السماويّة؟

لن نصدّق اعلام المشاريع المعادية لأمّتنا وعقيدتنا، ولن نفقد الثقة بقدرة المملكة العربيّة السعوديّة ومعها أشقاؤها في مجلس التعاون الخليجي والبلدان العربيّة والاسلاميّة بتجاوز هذه الحملة المعادية لتبقى بلاد العرب للعرب ويبقى الاسلام رسالة توحيد وسلام وخدمة لبني الانسان.  

 

الوسوم