من هنا نبدأ

انطون صحناوي وعلاء الخواجة يتنافسان على وراثة الحريرية المالية؟ / كتب حسن صبرا

عندما يعجز سعد الحريري عن حماية الحريرية السياسية، التي جسّدت صعود العروبة، والسنة في لبنان وكانت سبباً لمقتل الرئيس المظلوم رفيق الحريري في 14 – 2 – 2005، يصبح عصبها المالي عرضة للانحسار المأسوي، مع تسابق الكثير لوراثة هذا العصب.. انما من دون أي مشروع سياسي يحمل الأفكار التي سقط من أجلها الرئيس المظلوم.

من ضمن الورثة يجيء آل العرب: جهاد الذي يحمل صفة نائب رئيس نقابة شركات المقاولات في لبنان ورئيسه هو المهندس مارون الحلو، (شقيق جهاد هو رئيس مجموعة الحراسة والمرافقة للحريري الابن عبدالقادر عرب (ابو كريم))  وآل العرب هم من أهل البيت منذ ان جاء بهم القتيل المظلوم يحيى العرب ابو طارق للعمل في فريق الرئيس رفيق الحريري الأمني.

الى جهاد و(عبدالقادر) كورثة للحريرية المالية المتفرغة لشؤون المقاولات، والقمامة والكسارات وجزء من أراضي ((سوليدير))، خصوصاً لجهة البحر مكان مكب ((النورماندي)) للزبالة سابقاً، فإن هناك منافسة باتت تطرح نفسها في الأوساط المالية – المصرفية، والعقارية داخل ((سوليدير)) نفسها بين رجلي الأعمال علاء الخواجة وانطون صحناوي.

طبعاً

لكل من الخواجة وصحناوي أهدافه المالية.. ودائماً للمزيد من الأرباح في الاستثمار كمرجع أبدي للرأسمال.

ومع هذا،

فإن لكل منهما أهدافاً قد تكون مختلفة عن أهداف الآخر.. حتى لو التقيا انسجاماً مع النفس والطبيعة في مسار واحد هو وراثة الحريرية المالية.. كل في مجاله.. وربما في موقع واحد أيضاً.

ولا يقلل من قيمة أي منهما اقتصادياً او انسانياً أصول كل منهما غير اللبنانية، فصحناوي من أصول سورية حصل أجداده على الجنسية اللبنانية.. والخواجة من أصول فلسطينية- أردنية ولم يكن أمامه أي عائق لحصوله على الجنسية اللبنانية، خصوصاً ان من اصدقائه من يملك وعمل فعلاً على منح الجنسية اللبنانية لرجال أعمال غير لبنانيين.. مؤخراً.

وما يجمع صحناوي مع الخواجة هو اليقظة الدائمة نحو التملك والتوسع في الاستثمار. وهذا أمر شرعي طالما هو تحت سقف القانون.

الى جانب الشرعية او القانونية.. يبقى ان ((سوليدير)) كشركة لاعمار وسط بيروت التجاري (هل يذكر البيارتة هذا الاسم الاصلي للشركة التي اعتمدت أول أحرف كلماتها بالأجنبية لتصبح Solidere) هي شركة لبنانية، بل بيروتية، ومنها انطلق مشروع رفيق الحريري لاعمار لبنان، من قلب العاصمة بيروت التي كانت تجمع في هذا الوسط التجاري. وقد أطلق عليه البيارتة قديماً اسم المدينة (تسكين الميم) اشارة الى انها بيروت التي عرفها الزمان قبل توسعها العشوائي، على الرغم من ان المصيطبة والاشرفية وتلة الخياط كانت مصايف لأهلها بسبب ارتفاع هذه المناطق عن سطح البحر وميناء بيروت منارتها نحو العالم.

ماذا يفعل صحناوي انطون؟

ماذا يفعل الخواجة علاء؟

هل يلتقيان؟ هل يتنافسان؟ الى أين حدود تنافسهما؟ وأين يصبان في النهاية؟

((سوليدير)) رفيق الحريري تنحسر، على الرغم من ادخال ابن شقيقته – النائبة بهية – نادر مصطفى الحريري في مجلس ادارتها خلال الانتخابات الأخيرة للشركة الكبيرة.. لكن شرط انحسار الحريرية في ((سوليدير)) لحساب غيرها هو ان يبدأ الانحسار من معقل الحريري المالي المصرفي أي من بنك ((مد)) (البحر الابيض المتوسط) ليتم بيع أسهم ضخمة من حصة وريث الرئيس المظلوم نجله سعد لرجل الأعمال الفلسطيني – الأردني علاء الخواجة.

والخواجة المعروف بالطموح المشروع يتوسع ليشمل امتلاك أسهم معظم مصرف آل الحريري ليملك فيه قرار التصرف.. وهو يسعى عبر مفاوضات مع مصرف كبير معروف للحصول على قرض كبير منه لشراء بقية حصص بنك ((مد)) لدمج المصرفين في مصرف واحد يرأس هو أو من يختار رئيس مجلس ادارته، لتنتهي فترة صعود الحريرية المالية، خصوصاً اذا امتلك الخواجة أسهماً كافية في ((سوليدير)) للتحكم في قراراتها.. ومستقبلها.

رجل الأعمال علاء الخواجة صديق الفنانين والفنانات في مصر وفي لبنان، وصديق السياسيين والاعلاميين من جهة ثانية، بدأ تحكمه في مصرف الحريري السابق البحر الأبيض المتوسط ((بنك مد)) بتسليم مختص من جماعته المدير السابق في البنك اللبناني الفرنسي راؤول نعمة مسؤولية المصرف، وإبعاد محمد الحريري، واستقالة محمد علي بيهم.

علاء الخواجة اشترى أوجيه انترناسيونال (اقفلت في لبنان والسعودية. فهل يعيد احياءها في هذين البلدين؟)

خواجة يمتلك هذه الشركة العالمية للانشاءات بشكل مباشر من خلال شركة أخرى تحمل الأحرف الأولى من اسمه AMK أي A علاء M محمود K خواجة   AMK Capital investment وبحصول علاء الخواجة على الجنسية اللبنانية أواخر عهد الرئيس ميشال سليمان، ومع حركته ونشاطه المصرفي والعقاري والآن في مجال المقاولات الواسع، فإن هذا يؤهله للخوض في مشاريع اعادة اعمار سورية التي ستكلف نحو 400 مليار دولار.. فهل يصبح الباب مفتوحاً أمامه للعمل في سورية مستقبلاً عبر وسطاء قد ينجحون في ادخاله اليها، ولو من الباب السري في هذه المشاريع، خصوصاً ان المجموعة الاقتصادية - الامنية الحاكمة في سورية تبحث عن شركات محترفة تشاركها العمل في سورية وهي تقدم الغطاء لهذه الشركات فهل لهذا السبب يتم التطاول على الخواجة من جهات لبنانية مرتبطة بفرع من استخبارات بشار الأسد تخوض منافسة ضد مجموعة أخرى قد تنظر بعين الرضا الى العلاقة مع الخواجة؟

كفرفالوس

ما نشر حتى الآن لا يكشف كل الخبايا في علاقة الخواجة مع سعد الحريري، فالأمر المهم ايضاً هو شراء الخواجة لعقارات مميزة في كفر فالوس، البلدة الجزينية شمالي شرق صيدا التي أنشأ فيها الرئيس المظلوم رفيق الحريري جامعة كانت ستكون الأهم في لبنان بالاتفاق مع الجامعة الاميركية في بيروت، وجرفتها قوات سعد حداد مع النخيل الذي كان زرعه الراحل الكبير رمزاً للعروبة.

نائب جزين العوني زياد أسود غرّد منذ فترة ضد الخواجة والحريري كاتباً: عن اختفاء ملفات العقارات الخاصة بالرجلين من السجل العقاري، معتبراً اياها مؤامرة بأيدٍ لبنانية، مشيراً الى ان اختفاء السجلات هذه مرتبط بعملية تخمين لسعر المتر فيها بخمسة دولارات، بينما سعره الحقيقي كما يقول أسود هو 50 دولاراً.. ولم يجد أسود وقراء التغريدة رداً من احد حتى اليوم.

الواجهة البحرية

والخواجة يتوسع في استثماراته لتشمل الواجهة البحرية ((البيال)) مع شارل عربيد ومحمد شقير المقرب من سعد الحريري مع احتمال توزيره بعد قراره فصل النيابة عن الوزارة لابعاد الحريري المعروف نهاد المشنوق.

وصحناوي؟

علاقة سعد الحريري مع علاء الخواجة متميزة ولقاء الرجلين في بيت الوسط ليلاً في معظم الأحيان مستمر، وعندما يسافر الحريري الى القاهرة فهو يجد كل الاحتضان من صديقه الخواجة، وقد ترددت أنباء في اوساط ((سوليدير)) وبنك ((مد)) ان الحريري يوثق علاقته مع الخواجة لأسباب عديدة أبرزها هي مواجهة رئيس مصرف ((سوسيتي جنرال)) انطون صحناوي الذي يطمح لشراء الأسهم بأرقام كبيرة في ((سوليدير)) على الرغم – بل ربما بسبب - هبوط أسعار أسهمها المستمر منذ سنوات.. مما اضطر الجمعية العمومية التي عقدت في شهر تموز/ يوليو 2018 الى تخفيض تقديماتها لأعضاء مجلس الادارة من 25 ألف دولار سنوياً الى 15 ألفاً.

وقبل عقد هذه الجمعية شهدت أروقة المفاوضات المغلقة ابرام صفقة بين أبرز ثلاثة مستثمرين في ((سوليدير)) هم سعد الحريري، علاء الخواجة وانطون صحناوي.. قضت بإمساك الحريري بالسيطرة على مجلس ادارتها بعد اخراج ماهر بيضون ومنير دويدي وإدخال نادر الحريري مكان الأخير وغازي يوسف مكان بيضون، لكن الحريري أدخل لصحناوي عضوين في مجلس ادارة ((سوليدير)) هما طارق شهاب وزياد ابو جمرة وعضوين للخواجة، يعتقد الحريري بسبب علاقته مع معلمهما انهما سيكونان معه دائماً في كل عملية تصويت تتم في مجلس الادارة.. وهما ريكاردو رحمة وحسان قباني لتمثيل ((بنك مد)) (كان تردد اسم حسان قباني كمرشح محتمل على لائحة الحريري النيابية لبيروت في الربيع الماضي).

والجدير ذكره ان صحناوي يملك عبر ((سوسيتي جنرال)) نحو 19 % من أسهم ((سوليدير)) بينما يملك (بنك مد) نحو 17,5% من أسهمها..

ويطمح صحناوي لزيادة أسهمه – كما ورد سابقاً – وهذا ما يثير مخاوف الحريري، بل ان هناك من يهمس في أذنه، بل ويصارحه بأن ((سوليدير)) يجب ان تظل للسنة في بيروت.. وربما هي آخر معاقلهم ومعاقل الحريرية المالية، فلا يجوز التفريط بأسهمها.. وربما بإدارتها لمتمول كاثوليكي، على الرغم من ان بيروت هي تاريخياً معقل سني – ارثوذكسي (مع أقليات من مذاهب أخرى في لبنان).

ومع الالتباس الحاصل في قضية أخطر رجل في لبنان خليل صحناوي المدعوم من ابن عمه انطون، الذي يقضي أشهراً عديدة كل سنة خارج لبنان بين اميركا وأوروبا.. واتهام جماعة صحناوي لفرع المعلومات الذي يدعمه سعد الحريري بأنه يتحامل على خليل، وما تردد عن ضغوطات على المعلومات للتوقف عن الغوص في ملف صحناوي (ويتردد ان الامكانات الفنية للمعلومات لن تستطيع سبر غور هذا الملف مع تهريب صحناوي للتسجيلات الى الخارج او اختفائها) فإن سبباً آخر للتوتر بين صحناوي والحريري ينشأ، لتنشأ معه حاجة رئيس الحكومة المكلف لمزيد من العلاقة مع علاء الخواجة..

أياً تكن الأسباب فالأمور متجهة نحو المزيد من انحسار الحريرية سياسياً، وشعبياً، أما أمور سعد الحريري المالية فيكفيه انه وفق أرقام مجلات المال العالمية يملك نحو مليار ومائتي مليون دولار اميركي.. فقط.

حسن صبرا

• سعد الحريري التراجع مستمر
• انطون صحناوي وريث كاثوليكي للحريرية المالية
• علاء الخواجة: وريث وحليف للحريري الابن
• علاء الخواجة مع احدى أزواجه الفنانة شريهان