بيروت | Clouds 28.7 c

رسالتان من محمد صبرا: الاولى الى والده الحاج ابراهيم والثانية الى عمه حسن صبرا

إلى والدي الحاج ابراهيم صبره في جنات الله..

مجلة الشراع 15 أيار 2021

 

حكايتي مع والدي بعد 3 أيام من وفاته (قصة للتمعن)

اتصلت بي البارحة صديقة عزيزة أحبت والدي المرحوم كثيرًا وكانت على تواصل دائم معه.

عرضت الصديقة عليّ امكانية أن اتبرع ولو بمبلغ زهيد لشراء دواء للسرطان لمريضة محتاجة، وأن نعتبر هذا التبرع عن روح الوالد العزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

وافقت على الفور. فأنا من أشد المؤمنين بأن التجارة من الله هي تجارة مربحة لا محالة. أرسلت لها رسالة صوتية قلت فيها بأنني سأتبرع بمبلغ 400.000 ليرة لبنانية. قلت 400 ولم أقل 500 ولا 300 حتى أن شيئًا ما بداخلي جعلني أقرر المبلغ.. 400 الف.

اتصل بي اليوم في الصباح الباكر شخص لا اعرفه، قال لي انه صديق الوالد وانه بحاجة لأن يلتقي بي، وطلب مني زيارته في بيته بكل اصرار. لم استطع التهرب من الموضوع، فوعدته بزيارته وهكذا كان..

رجل كبير في السن، خلوق، صاحب قهوة في الحي الذي يقطنه الأهل، يبدو تعبًا بعض الشيء لكنه اصر على استقبالي أفضل استقبال. جلس أمامي وراح يقص عليّ حكاياته مع والدي، وعمق الصداقة والأخوة بينهما.

ثم قال لي: اسمع يا محمد، خلال الاسبوع الماضي مر والدك على القهوة ولم أكن موجودًا فيها، فطلبت منه انتظاري ريثما أعود. خلال هذا الوقت، مرّت على القهوة شاحنة لتوصيل المياه والمشروبات. الحاج ابراهيم دفع لصاحب الشاحنة المبلغ المطلوب وحين حاولت ارجاعه له، قال لي الحاج: "بعدين".

سألت الرجل: كم المبلغ؟

قال لي: 400.000 ليرة،

ثم قام من مكانه ببطء ليحضر المبلغ، ووضعه أمامي على الطاولة.

تشكرت الرجل على طيب خلقه وحسن نواياه. ثم سألته: هل تعلم إلى أين سيذهب هذا المبلغ؟

قال: لا

فأسمعته فورا الرسالة الصوتية التي ارسلتها البارحة لصديقتي، والتي أحدد فيها المبلغ الذي أود التبرع به: 400 الف ليرة.

ادمعت عينا الرجل، وراح يدعو لأبي بالرحمة والجنة.

قال لي: هل تعلم لماذا أبكي؟ أبكي ليس فقط لأن المبلغ يساوي بالضبط مبلغ التبرع، بل لأنني أيضا مريض سرطان...

واسيت الرجل بقدر ما استطعت، طيّبت خاطره ودعوت له بالشفاء العاجل ووضعت نفسي تحت تصرفه في حال احتاج لأي شيء، وخرجت مودعًا..

أنا لا أؤمن بالصدف.

أؤمن بأن أبي الحاج ابراهيم سيظل حاضرًا في حياتي اليومية، وحياة كل انسان عرفه، ولو كان مجاورًا ربه.

أدعو بالصبر لجميع من فقد والدًا أو عزيزًا. وأدعو بالرحمة والمغفرة لكل فقيد عزيز على قلب محب.

شكرًا حاج على جعلي إبنًا فخوراً. سأحاول جهدي أن التقط كل الإشارات التي قد تود إرسالها لي.

سلام حاج.

محمد ابراهيم صبره

*****
سلام حبيبي


الله يطول عمرك ويخليلك اهلك وعيلتك
واتمنى تكون سنة خير علينا كلنا، أفضل من سابقاتها.
أتمنى أن تظل قويّا في هذه الظروف الصعبة، أطلب منك دائما أن تتذكر القصص الجميلة والتي لا تنتهي
من حداثا إلى مصر إلى السهرات الكثيرة، تذكر الضحكة التي ظل يرسمها، تذكر الروح المرحة وطيبة القلب.
تذكر أنه لن يحبذ أبدا أن يراك حزينًا، وخاصة أنت.
الحياة تكمل، ودوران الأرض لا يتوقف. هكذا طلب منا، أن نكمل مشقة هذه الحياة بابتسامة وذكريات لا تنسى.
حبيبي عمو، لا تحزن.. فإبراهيم سيظل معنا وحيّا فينا.
قبلاتي الحارة حبيبي

 

مواضيع اخرى متعلقة:

شقيقي حبيبي ابراهيم استسلم الى رحمة الله / كتب حسن صبرا

 

 

الوسوم