بيروت | Clouds 28.7 c

ترشيحات رئاسة الجمهورية في إيران والتوقعات / بقلم السيد صادق الموسوي

مجلة الشراع 11 أيار 2021

 

لقد بدأ تقديم الترشيحات لرئاسة الجمهورية في إيران اليوم قبل أن يستقر الرأي على المرشحين الذين يحق لهم الترشح قانونياً، ويأتي ذلك بعد موافقة مجلس صيانة الدستور المؤلف من 6 من العلماء المجتهدين في الفقه الذين يعيّنهم القائد ولائحة من الحقوقيين يقترح رئيس السلطة القضائية أسماءهم على مجلس الشورى الإسلامي ويختار أعضاء المجلس 6 اشخاص منهم.

إن حديثاً يدور بين مراكز القوى المختلفة في إيران حول كيفية إجراء الإنتخابات وتحديد الضوابط التي بموجبها يتم التعامل مع المرشحين:

وهل يحق للعسكريين الترشح أم لا؟

وهل سيكون في عداد من يوافق عليهم مجلس صيانة الدستور مرشحون من الإصلاحيين الذين يتزعمهم السيد محمد خاتمي، والذي لا يزال يملك شعبية كبيرة لدى شريحة كبيرة من الإيرانيين؟

لقد نجحت أخيراً الجهود التي بُذلت طوال شهور عديدة من جانب مختلف أطياف المحافظين وقرر رئيس السلطة القضائية السيد إبراهيم رئيسي أخيراً خوض الإنتخابات الرئاسية رغم أنه قد ترشح في الدورة السابقة في مواجهة الرئيس روحاني لكنه لم يفز فيها رغم الإستفادة لتسويق شخصيته من قبل كافة وسائل الإعلام الرسمية التي يسيطر عليها المحافظون وفي مقدمها الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين.

والسيد رئيسي الذي تردد كثيراً في الأمر في الفترة الماضية حيث نصحه كثيرون من المخلصين بأن يتابع مهامه في القوة القضائية كونه كان من قدامى العاملين فيها وصاحب خبرة طويلة في المجال القضائي، خصوصاً وأنه انتقل قبل ذلك من موقعه في المحكمة الخاصة برجال الدين إلى سدانة مقام الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام بعد وفاة آية الله الشيخ عباس واعظ طبسي بصورة مفاجئة، وهذا الموقع الحساس جداً يحتاج إلى مدة طويلة للتعرف على كل خصوصياته والتمكن من إدارته بشكل صحيح بعدما كان لمدة 37 عاماً تحت إدارة الشيخ طبسي الذي عيّنه الإمام الخميني الراحل في العام 1979 ممثلاً عنه في محافظة خراسان الكبرى وكذلك ممثلاً عنه في ادارة العتبة الرضوية في مدينة مشهد المقدسة، ولم تمضِ سوى فترة قصيرة على موقعه هذا حتى تم تكليفه برئاسة القوة القضائية التي بدورها تتطلب إشرافاً كاملاً على نشاط القضاة والمحاكم المختلفة فيها..

ولذلك سرت إشاعات في بعض الأوساط أن آية الله خامنئي لم يشجعه على الترشح لما استمزج رئيسي رأيه قبل فتر!

 لكن،

 تسليط الأضواء من قبل الإذاعة والتلفزيون الرسميين على نشاطاته وأسفاره وتمجيده يدل بوضوح على إصرار أغلبية التيار الأصولي على ترشيحه هذه المرة أيضاً..

وهذا ما حصل فعلاً اليوم!

لكن هذا التركيز الإعلامي الرسمي على السيد رئيسي يمكن أن يكون له أثار سلبية إذا شارك الإيرانيون بكثافة في الإنتخابات المقبلة، وهذا بالضبط ما حدث أيام ترشح الشيخ علي أكبر ناطق نوري والسيد محمد خاتمي عام 1997 حيث صبّ جميع الأصوليين ووسائل الإعلام الرسمية الجهود واستعملوا مختلف الوسائل والأدوات لدعم نوري لكن النتيجة كانت فوز السيد خاتمي بأكثر من 20 مليون صوتاً أي 70٪ من مجموع الآصوات فيما نال الشيخ ناطق نوري 5 ملايين صوتاً فقط.

وفي الدورة الثانية للرئيس روحاني الذي استعمل المحافظون كل الأساليب لتشويه صورته طوال السنوات الـ 4 التي قضاها في رئاسة الجمهورية، لكنه رغم ذلك فاز أيضا بغالبية الاصوات في الإنتخابات عام 2017 وخسر السيد إبراهيم رئيسي.

لكن المفارقة هذه الايام تظهر في نمط يكاد يكون فريداً في الإنتخابات الرئاسية في المنطقة بل في العالم، حيث حضر  إلى وزارة الداخلية لتقديم الطلبات لرئاسة الجمهورية الإسلامية في إيران نماذج متناقضة:

  • فقد وصلت في الساعات الأولى وعلى دراجة نارية سيدة تكاد تكون من دون حجاب شرعي وقدمت أوراقها القانونية لموظف وزراة الداخلية معلنة ترشحها للرئاسة، وقد تم قبول الطلب دون تردد لأن الدستور الإيراني لا يمنع ذلك...

  • ثم جاء رجل آخر وهو يلبس الكفن متأبطاً القرآن الكريم وقدم طلب الترشح أيضاً وتمّ قبول طلبه كذلك..

  • وفي صورة أخرى نرى شخصاً يقدم الأوراق القانونية وهو يرتدي بدلة مع (الكرافات) حيث يرى الجميع أن (الكرافات) غير متعارف استعماله لدى أغلب الإيرانيين بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979..

  •  ويأتي هذا إلى جانب مرشح عسكري هو سعيد محمد الذي كان حتى قبل فترة قصيرة رئيس إحدى المؤسسات الإقتصادية الكبرى التابعة لحرس الثورة الإسلامية..

  •  وأيضاً قدم حسين دهقان قائد الحرس الثوري السابق في لبنان وقائد الحرس في العاصمة طهران ووزير الدفاع في حكومة الشيخ روحاني في فترته الرئاسية الأولى..

  •  وسيتقدم أشخاص آخرون أيضاً من توجهات مختلفة للترشح بانتظار التدقيق في أحوال المرشحين من جانب مجلس صيانة الدستور وغربلة أسمائهم.

إن الأمور في إيران تنتظر إلى حد كبير نتائج المفاوضات النووية الدائرة في العاصمة النمساوية، حيث ستؤثر كثيراً في التوجهات الشعبية، فإذا تم إنجاز الإتفاق في الأيام القليلة المقبلة كما هو مرجح فإن سعر الدولار مقابل التومان الإيراني سيهبط كثيراً وسيسجل ذلك انتصاراً للتوجه الإصلاحي!

لأن ذلك سيكون بمعنى آخر رفعاً لقيمة العملة الوطنية..

 وسيؤدي حتماً إلى خفض أسعار مختلف السلع التي ارتفعت كثيراً في السنوات الماضية نتيجة فرض العقوبات الأمريكية الشاملة طوال عهد دونالد ترامب، وامتناع كافة الدول عن التعامل الإقتصادي مع الجمهورية الإسلامية خوفاً من الإجراءات العقابية الأمريكية..

لكن نجاح المفاوضات الجارية ورفع معظم العقوبات المفروضة على إيران والإفراج عن عشرات مليارات الدولارات من الأرصدة الإيرانية المحجوزة في العديد من الدول نتيجة العقوبات الأمريكية الظالمة؛

 سيؤثر بشكل أساسي في توجهات الناخبين، وهذا ما يخشاه المحافظون ويبذلون الجهود الكثيرة لعرقلة المفاوضات النووية والتشويش عليها حتى بلغ حدّ التشهير بوزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي يقود فريق المفاوضات الإيراني، على الرغم من أن آية الله خامنئي قد أكد مراراً تقته بالفريق المفاوض وأن المفاوضات تجري تحت إشرافه الكامل وهو يطّلع على كل تفاصيل ما يجري في المفاوضات النووية منذ بدايتها من خلال تقارير يقدمها له كل من مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، بل إن أقطاباً من الأصوليين وصحيفة "كيهان" أعلنوا وبكل صراحة معارضتهم لانخفاض سعر الدولار أمام التومان حيث وصفوا ذلك بأنها مؤامرة أمريكية.

السيد صادق الموسوي

الوسوم